كل الأشياء تضعف بلا تعقيب ومراجعة.. النقد السينمائي هو معيار جودة الأفلام. مؤخرًا، شهدت مدينة الرياض حدثًا يمكن وصفه بالاستثنائي في عالم الأفلام والسينما؛ مؤتمر النقد السينمائي الدولي، الأول من نوعه على مستوى العالم. يعتبره المهتمون بالمجال أهم لحظة فارقة بالنقد السينمائي. أكثر ما يشغل النقاد، هو موت النقد. يشبه الأمر نوعًا ما، ما يحدث مع الصحافة، إلا أن الأمر بلا جعجعة كونهم أقل تأثيرًا من الصحفيين. ما حدث في الرياض يلغي فرضية الغياب، الحضور الكبير من صناع ومحبي ودارسي السينما، يؤكد أن تصاعد الاعتقاد بأن النقد السينمائي التقليدي في طريقه إلى الزوال، بسبب انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية، وغيرها؛ أثبت عدم دقته.. كان الشغف واضحًا في فعاليات وجلسات وندوات وورش عمل وعروض المؤتمر، حيث أثبتت عمليًا أنه ما زال هناك حاجة كبيرة للنقد المعمق، المبني على خبرة ومنهجية علمية، حتى في ظل سيولة الآراء وسهولة الحصول على النقد، أو ممارسته دون ضوابط في الفضاء الافتراضي. ما يميز المؤتمر أنه ولد ناضجًا، بعد سلسلة من الملتقيات، ساهمت في تجريب وامتحان مناطق الاحتياج والخلل، والتي نظمتها هيئة الأفلام في عدة مناطق، على التوالي في خمس مدن مختلفة وهي: جدة، والظهران، وأبها، وتبوك، وبريدة؛ هذه الخطوة تعكس أيضًا الدور النشط الذي تلعبه الهيئة في دعم وتعزيز الثقافة السينمائية محليًا، وإقليميًا. ورغم حداثة نشأة هيئة الأفلام نسبيًا، فإنها حققت الكثير من النجاحات المهمة في فترة قصيرة، من خلال منتجاتها ومبادراتها، التي تنوعت بشكل ملحوظ لتغطي مختلف جوانب صناعة السينما. وتعكس في الوقت نفسه استراتيجية الهيئة والتزامها بتطوير وتنمية هذا القطاع.. بدءًا من الإنتاج السينمائي، إلى التدريب، وكتابة السيناريو، ودعم وتأهيل المواهب، وصولًا إلى النقد السينمائي وغيره. الإمكانيات الحكومية والرسمية الكبيرة، سواء على صعيد البنية التحتية السينمائية المتطورة، أو التمويل والدعم غير المسبوق في تحفيز الكيانات، والأفراد، وحتى المبادرات المختلفة المتنوعة؛ تضع الكرة اليوم في ملعب القطاع الخاص للمساهمة من خلال تبني المشاريع الإبداعية، وخلق الأفلام الفارقة، الفريدة.. ذات الطابع الاستثنائي. ما يجب التنبه له هو التحول لن يكون مفيدًا للسينما السعودية فحسب، بل سيعزز أيضًا الاقتصاد الثقافي الوطني، مما يدعم تحقيق «رؤية المملكة 2030».. المستقبل مكتنز بالفرص والإمكانيات الواعدة، لتطوير صناعة سينمائية سعودية رائدة، تنافس على الساحة العالمية، وتعكس رحلة التغيير الكبير في السعودية. والسلام.