أصعب ما يمكن أن يحدث هو الانتقال من أقصى المناهضة إلى أقصى التأييد، فكرة التحول الكلي في أي شيء تحتاج إيمانًا كبيرًا، وبأسًا لا يستريح، أظن أن الصورة الأشمل للصناعة السينمائية السعودية قفزت من المنع الكلي، إلى التوهج الكبير. هنا، في "كان" الفرنسية، البلد الممتلئ بالنجوم والفنانين وصناع السينما، والمزدحم بكل أشكال الفعاليات ذات العلاقة، رفرف العلم السعودي معلنًا حضورًا مختلفًا، في أحد أكبر أجنحة مهرجان كان السينمائي، بجدول من الفعاليات التي لا تتثاءب، وبهمة سعوديات وسعوديين قرروا أن يحملوا راية الصورة. شأن كل القطاعات الأخرى، تعيش المملكة قفزة نهضوية في صناعة السينما، الجانب الاستثماري في القطاع أحد أهم الدوافع، لكن الرغبة الملحة عند المبدعين في شتى التخصصات هي الفكرة الأهم، وبالتوازي، في السينما والأفلام نستطيع رواية قصصنا للعالم، بما فيها التحول الكبير الذي نعيشه ونعايشه، لكي نظهر كل جوانبنا الحياتية للآخرين. يحظى القطاع برعاية رسمية حانية، على مستوى التمويل المالي أو الدعم اللوجيستي، من خلال العديد من المبادرات والصناديق، ما يجعل المسؤولية في ملعب الصناع والمنتجين، الذين قضوا عمرًا من الحلم ينتظرون وقت التصوير، الأحلام وحدها لا تكفي، لأن الأمر يحتاج جدية في صناعة القصة المحلية بمعاييرها العالمية، وعملاً استثنائيًا في التصوير والإخراج، وروحًا هوليوودية في التسويق والإعلام. المهتمون بالصناعة يعيشون فرصة قد لا تتكرر، كل ما سيأتي مبكرًا سيختصر وقتًا من الجهد اللاحق، كما أن كراسي الاحتياج قد تزدحم في أي لحظة، ما يعني - بالضرورة - أهمية المبادرة والمحاولة والتجريب، ومجابهة فزاعات الخوف، وكسر علب التسويف والتحجج، والمساهمة في كتابة القصة السعودية الكبيرة. النجاحات الكبيرة في بناء الحقل السينمائي تعود لهيئة الأفلام المتوقدة، التي تسير بسرعة تسابق نفسها، والتي حضرت مع شركائها لمهرجان "كان" حتى تشرح الرغبة السعودية الجادة في بناء الصناعة، كمشرع وممكن.. وكما قال عبدالله آل عياف، رئيسها التنفيذي، على هامش إحدى الفعاليات: "المخرجون وصناع الأفلام جاؤوا قبل الهيئة، ومتواجدون بحضورها، وسيبقون بها ومن دونها.."، وهذه الفكرة الأهم، أنه لا ملامح رسمية للإبداع السينمائي. هكذا يجب أن تكون الصناعة. والسلام..