تعهدت الحكومة البريطانية المضي قدمًا بخطة مثيرة للجدل تنص على إرسال مهاجرين إلى رواندا، رغم رفض المحكمة العليا البريطانية هذه الخطة وتأييدها حكمًا صادرًا عن محكمة أدنى اعتبرها مخالفة للقانون، وفي ضربة كبيرة لرئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، أيّدت لجنة من خمسة قضاة في أعلى محكمة في المملكة المتحدة بالإجماع قرار قضاة محكمة الاستئناف بأن السياسة لا تتوافق مع التزامات بريطانيا بموجب المعاهدات الدولية، وأفاد القضاة "خلصنا إلى أن محكمة الاستئناف.. كانت مؤهلة للتوصل إلى وجود مبررات ملموسة تدفع للاعتقاد بأن إرسال طالبي اللجوء إلى رواندا قد يعرضهم إلى خطر حقيقي بسوء المعاملة"، واتفقوا مع حكم المحكمة الأدنى الصادر في يونيو بأن رواندا تمثّل خطرا لجهة إعادة طالبي اللجوء واللاجئين قسرا إلى بلد حيث يمكن أن يعانوا من الاضطهاد. لكن بعد ساعات من صدور هذا الحكم، قالت الحكومة إنها ستمضي قدمًا في وضع اللمسات الأخيرة على "معاهدة جديدة" مع رواندا لمعالجة هذه المخاوف، ولفت سوناك إلى أنه سيطرح "تشريع الطوارئ" على البرلمان لتصنيف رواندا دولة آمنة لإنهاء "دوامة" الطعون القانونية، وقال "لن أسمح لمحكمة أجنبية بمنع هذه الرحلات الجوية"، معربًا عن أمله في إرسال أول دفعة من المهاجرين إلى رواندا "كما هو مخطط له في الربيع" المقبل، واشار إلى أنه في حال اختارت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان "التدخل في ما يتعارض مع رغبات البرلمان الصريحة، فأنا مستعد للقيام بما هو ضروري لإلغاء الرحلات الجوية"، وفي وقت سابق ، قال وزير الداخلية الذي تم تعيينه مؤخرًا جيمس كليفرلي للنواب إن إبرام معاهدة جديدة "سيوضح تمامًا" للمحاكم البريطانية والأوروبية أن سياسة رواندا "ستكون متسقة مع القانون الدولي"، وسيتطلب ذلك من رواندا تقديم التزام قانوني بعدم ترحيل الأشخاص إلى بلدانهم الأصلية. وأعلن داونينغ ستريت أن سوناك تحدّث مع الرئيس الرواندي بول كاغامي بعد صدور الحكم. وجاء في نص المحادثة الصادر عن مكتب سوناك أن "الزعيمين أكدا التزامهما الثابت إنجاح الشراكة بيننا بشأن الهجرة واتفقا على اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان أن هذه سياسة قوية وقانونية وإيقاف القوارب في أقرب وقت ممكن". وشدد حزب سوناك المحافظ على أن الخطة ضرورية لخفض الهجرة "غير الشرعية" عبر قناة المانش على متن قوارب صغيرة، وهي قضية يتوقع أن تحتل موقعا بارزا في الانتخابات العامة المقبلة، لكن الحكم يلغي الاتفاق الموقع مع رواندا في ابريل العام الماضي لإرسال مهاجرين غير مسجّلين إلى مراكز مؤقتة في الدولة الإفريقية، ويسدد ضربة لأجندة رئيس الوزراء المرتبطة بالهجرة، كما أنه سيؤدي إلى تعميق الانقسامات في صفوف الحزب المحافظ بين النواب اليمينيين المدافعين عن إجراءات متشددة والمعتدلين، وأفاد سوناك أمام البرلمان "إذا اتضح أن إطارات العمل القانونية الداخلية لدينا أو الاتفاقيات الدولية ما زالت تحبط الخطط في هذه المرحلة، فأنا مستعد لتغيير قوانينا وإعادة النظر في هذه العلاقات الدولية"، وتنص "شراكة الهجرة والتنمية الاقتصادية" على أن يُرسل إلى رواندا أي شخص يقوم بما تصفها الحكومة ب"رحلات خطيرة أو غير قانونية، على متن قوارب صغيرة مثلا أو شاحنات" باتّجاه المملكة المتحدة. وكانت أول دفعة من الأشخاص الذين صدر قرار بترحيلهم على متن طائرة متوجهة إلى رواندا في يونيو 2022 عندما منع أمر قضائي صدر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أي عمليات ترحيل، ما فتح الباب للطعون القانونية. وينتقد المعارضون خطة رواندا باعتبارها وحشية ومكلفة ويصعب تطبيقها. وأفادت الحكومة الرواندية بأنها "تعارض الحكم بأن رواندا ليست بلدا ثالثا آمنا". وتشدد لندن على أن السياسة ضرورية لردع المهاجرين عن عبور قناة المانش من فرنسا على متن مراكب بدائية صغيرة. وقام أكثر من 27 ألف شخص بالرحلة هذا العام، مقارنة مع حوالى 46 ألفا في 2022، لكن الأرقام ما زالت بعيدة جدا عن تعهّد سوناك "إيقاف القوارب". وتفيد حكومته بأن على الهجرة النظامية وغير النظامية أن تتراجع لتخفيف الضغط على الخدمات الممولة من الحكومة، مثل الرعاية الصحية وتوفير أماكن إقامة لطالبي اللجوء. وبلغ عدد طلبات اللجوء المتراكمة في بريطانيا 122,585، أي أقل بنسبة 12 في المئة عن العدد القياسي المسجل في فبراير. ومررت حكومة سوناك تشريعا في يوليو يحظر على أي قادمين "بشكل غير شرعي" تقديم طلبات لجوء، لكنه يعتمد على إيجاد بلدان ثالثة ليتم إرسالهم إليها. وتسري تكهنات بأنها ستحاول الآن إبرام اتفاقيات مع بلدان أخرى. 1