(1) بداية العصافيرُ فوق الشجرْ والممرُّ طويلٌ.. طويلٌ.. وظلّ العصافير أيقظ ظنَّ الفراشاتِ فاعتكفت تنتظرْ كلُّ تاريخنا جملةٌ فعلُها الآن ماضٍ وفاعلها "شاعرٌ" مستترْ ( 2) سيّد البيد تحسَّس ناراً رأى بين غابات نهر العيون.. نخيلاً كظيماً رأى عزلة في السماء عن الأرضِ.. حين اهتدى إذن لا هدى..! سيترك من بعده هدنة للكلام.. وخارطة للتذكر متسعاً للصدى..! ثم تحمله صفحة لا تواريخ فيها وتعربه جملة لا محل لها حيثما تتدخل (إن).. فترفع أخباره حين تنصب من موته المبتدا..! ( 3 ) نخلة كيف لم أنتبه أن للريح ساقين.. للنخل ذاكرةً متعبة حين كنتُ صغيراً سألت أبي كيف ينمو النخيل ارتفاعاً.. ويشرع للريح أبوابه بينما الأرض من تحته معشيه كيف لم أنتبه..؟ حين قاس المسافة بين النخيل وبيني وبين الظلال وبيني وأطبق مسحاه في الأرض حتى تشظت ظلال النخيل وقر بعينيه وهم الشبه..! (4) رواية جاءنا في فحيحِ الصحاري عن الريحِ عن زمنٍ في العراء الأخير بأن الملوحة لا ذنب للبحر فيها ولكنها رقية للظما ويذكر بعض الأئمة في الحزن أنَّ الملوحةَ أنثى لذلك لا تتكشف للرملِ إلا باذنٍ من البحرِ تأخذه حين يفرغ من كأسه نشوةً من شجن ..! وجاءت رواية تلٍّ كسيحٍ على غير هذا أضاف قليلا على الريح قال بأن الملوحة ذنبٌ أطاح به الله في البحر حتى تكف الرمال عن النهش بالميتين..! رواه ابن حاجة والساحلي، وجاء على سند من (وطن)! (5) غياب لليلِ المساكين بابانِ بابٌ لظلّي .. وباب لهم أنا المتعبُ الآن مني .. ورائي النجومُ معلّقةً فوق صدر الحقيقةِ نائمةً في ضباب الزجاج وبين يديّ قصاصاتُ شوقٍ ودمعة سكرٍ.. وكأس احتياج ..! (6) وطن..! على قلقٍ ليستِ الريحُ تحتي وليست عليْ كأنِّي فمُ الريحِ حين استقامتْ يدي للكتابةِ جئتُ أنقِّطُ سطرَ الصباحْ أراوغ ظلّي أمد يدي في فراغات بعضي وأكتب عن وطنٍ حملته النبوءات حلمًا فأرخى خريطته واستراح لها ثم فاء غيومًا تكفَّل بي واستعاذ بصوتي وأطلق أغنيتي في شفاة الرياحْ على أول السطرِ مات أبي وهو يروي وفي وسط السطرِ أمي ترجُّ حليب الحكايا وبسملة النص جدي ينازل بالسيف ظل النخيل وينسج أزمنةً من كفاح (7 ) سلام كما يفعل الطيبون تمامًا أردّ السلام على العابسين بمرآة سيارتي حين يشتمني بوقهم وأعود إلى البيت أحمل خبزَ الظهيرةِ أفرح بالغيم مثل صغيري.. وآخذه نزهةً للعيون تحدّث مثلي بلكنته الفصحويةِ.. قال: المدينة هاربة من فراغ البيوتِ لضيق الظنونْ سنخرجُ لليل.. لم يبق في الضوء إلا الزحام الممل.. أناسٌ يراؤون بالذنب.. لا يسكنونَ السلام.. ولا يرحلون عليهم ثياب الصلاةِ.. ولكنهم يعمهون كما يفعل الطيبون تماما.. تماما. أنا وصغيري نطيل التأمّل في الناس.. والناس لا يدركون ( 8) سيرة سر في الهوامش واتبع الكلمات.. تكشف ما يقول المتن للمعنى قالت يقول: كذا وذاك كذا.. فما أبقيت للخطوات في حرث الكلام.. مؤجلاً إلا وكان من السؤال زرع بوادٍ غير ذي شرعٍ أتطمره الرمال؟ قمحٌ.. تبسّط في كلام الأمس.. قص حديثه للريح مرّته العصافير الغريبة واستوت في شمس سنبلةٍ وأطلقت الغناء.. ولا تزال ورْد.. طفا في عطر عاشقة.. ونعناع نما في قبلةٍ أخرى وفلٌ.. من شمَال! نخلٌ.. يهزّ بجذع أغنيتي فيسقط تمرها وطنًا.. شهيّ الاحتمالْ! سر في الهوامش ربما للمتن في الكلمات وجه آخر.. يستلهم الأدنى! (9) اعتلال سنمضي إلى الأمسِ لو بعدَ حينٍ لنفتح َباب الحنينِ علينا ثم لا يدرك العمرُ أيَّ السنينِ تشرّع أبوابَها للتذكّرِ.. كلٌّ تأخّر حتى يحينْ أنا المثقل الآن.. لا اليوم يبقى ليرقى ولا الأمس سادَ.. فبادَ ولا في غدٍ غير سردِ الحنينْ! معلّلةٌ كل أيامنا.. قلتُ: معتلّةٌ بالفناءِ فاحذف بجزمك ما شئتَ واوًا وياءً وآه! يقول الرواةْ كان يقولُ فنصغي يكون فنمضي لما كانَ.. بين الهوامش.. نبحثُ في صمتِه عن شؤون النحاةْ نرى قبلاً لا محلّ لها فاعلاً مات من دون مفعوله ِ شاعرًا جاء بين فصولِ الحكايةِ ثم انتهى بالحياة! ( 10) المعلّقة الأخيرة هب أنّك الأبديُّ؟! هل تحتاج عمرًا آخرًا تحياه لا.. لاشيء يغري الريحَ إلا أنّها تهب الرمال السمرَ رقصتها .. وترحل للغيوم ..!