تابع العديد من المهتمين والفنانين حول العالم أحدث مزاد في لندن قبل بضعة أيام، وما أحدثته الأعمال الفنية السعودية في المزاد الأخير الذي نظمته دار سوذبيز لبيع اللوحات الفنية التشكيلية للشرق الأوسط للفنون الحديثة والمعاصرة، مفاجأة أمام الأنظار، حيث كان لها وقعها في محاكاة النهضة والتطور الفني التشكيلي في السعودية على مدار القرن العشرين في طرح المشهد التشكيلي الحديث. وقد تجاوز سعر اللوحات عند البيع الرقم المتوقّع بأضعاف من حيث التقدير ما اعتبر رقماً قياسياً للعمل الفني للفنان التشكيلي محمد السليم بأسلوبه "الأفاقية أو أسلوب الصحراء"، مما شكّل تركيزاً كبيراً على القيم الفنية التي يعتمدها الفنان التشكيلي السعودي على عدّة مستويات وفق المراحل الحديثة وتأثّره العام بالمدارس التشكيلية المختلفة سواء بالاقتداء بالمدارس الغربية أو بالمدارس التشكيلية العربية مع المحافظة على الطابع والبيئة والبصمة السعودية. وهو ما يجعلنا هنا أمام تساؤلات مختلفة، هل كان الفن التشكيلي السعودي اكتشاف وجّه السعر والقيمة نحوه في المزاد، أو أن التوجه العام للمزاد نحو الفنون التشكيلية السعودية أصبح أكثر وعياً واطّلاعاً وتتبّعاً للحركة التشكيلية ككل، ولعل كل هذه التساؤلات تحيل إلى جواب واحد شامل ومتكامل يشير إلى أهمية المشهد الفني السعودي والفكر التنموي في المجال الثقافي بشكل عام، باختلاف روّاده وبكل أبعاده الحسية المعنوية والمادية وحضوره الملفت في المشهد التشكيلي معتمداً بهدوء ودقّة على خصوصياته التي تشبه بيئته وعاداته وتآلفاته المستخلصة من واقعه العام وبالتالي تفرّده بمفاهيمه على فنون المنطقة وتميّزه بهذا التفرّد في العالم ككل. إن اللافت في هذا المزاد هو الرؤية العامة التي تضع الفن التشكيلي السعودي الرائد على مساراته الثابتة التي تحاكي أكثر من خمسة عقود من تاريخ الفنون التشكيلية في المملكة بكل اختلافاتها كمرحلة محورية شكّلت تطور الفنون التشكيلية في المملكة التي كانت منفتحة على المدارس الغربية في الفن وبالخصوص التجريد والتعبيرية. الأعمال التي شكّلت المفاجأة في سوذبيز كانت لوحة الفنان محمد السليم التي قدّرت ب150 ألف جنيه وبيعت ب889 ألف جنيه ولوحة الفنان عبد الجبار اليحيا قدّرت ب200 ألف جنيه وبيعت ب279.400 ألف جنيه ولوحة عبد الحليم رضوي قدّرت ب60 ألف جنيه وبيعت ب203.200 ألف جنيه.