اليوم التأكيد على مبدأ التفاؤل والعزيمة حول مستقبل المملكة يعني أن هناك إرادة واعية وصحية وطموحة، ليس لتحقيق النجاحات، بل التميز والمبادرة والريادة، وهذه أمور يمكن تحقيقها ما دمنا متوكلين على الله ثم بما نملك من الموارد المالية والبشرية المتميزة وما تتمتع به المملكة من ميزات نسبية وموقع جغرافي متميز ومساحات شاسعة من الأراضي والثروات غير النفطية وأيضاً النفطية. المهم أن هناك إرادة ومبادرة، وهذا يعني المزيد من الإصلاح والمسؤولية والعدالة الاجتماعية مع الاحتفاظ بهويتنا الثقافية التي لا أعتقد أنها ستكون صادمة إذا تم تطويرها بما يتناسب مع مستجدات الزمان والعصر. اليوم دول العالم الأول تقدماً، والذي سنكون في ناديهم، لم تصل إلى هذا المستوى دون ممارسات سلوكية إيجابية ظهرت على أرض الواقع من خلال التعاملات اليومية التي تحترم حقوق الآخر ومن خلال المعتقدات والأفكار التي تكرس عدم سوء الظن في الآخرين والانشغال بتتبعهم والمساهمة في نقل وبث الشائعات التي جميعها تدور حول تعميق روح السلبية وعدم التفاؤل والرغبة في الركون والانشغال بصغائر الأمور. اليوم إذا أردنا أن نكون في نادي العالم الأول ومن المتميزين يجب أن نخرج من عباءة الدولة الراعية إلى المواطنة المسؤولة، وهذا يعني المزيد من المسؤولية السلوكية والفكرية والأخلاقية، وهذا يعني أيضاً إيقاظ الرقيب الداخلي بعيداً عن رقابة الدولة في الممارسات السلوكية كافة.. وهذا يعني أننا لا نحتاج إلى رجل المرور ليقف بجوار الإشارة ولا نحتاج لكاميرات ساهر حتى نحترم النظام أو نقطع الإشارة أو نعكس الخط أو نرمي بالمخلفات ونحن نسير بالسيارة.. وفي العالم الأول هناك مسؤولية حقيقية ومجتمع يحترمها ومؤسسات مجتمع مدني تطوعية هدفها خدمة المجتمع وليس خدمة أعضائها واستغلالها من أجل مكاسب شخصية وإعلامية. اليوم في العالم الأول المواطن عندما يرى شيئاً مخالفاً أو تجاوزات يبادر بالإبلاغ عنها ويجد التقدير والاحترام والتفاعل في وقت قياسي. وفي العالم الأول تستطيع الحصول على المعلومة بطريقة سهلة بعيداً عن عبارة هذا سري وهذا غير سري، وهذا ما يحدث الآن في المملكة، إلا ما يتعلق بالمعلومات الشخصية، لأن المعلومة في آخر المطاف هي المادة التي من خلالها يستطيع الباحث ومتخذ القرار صنع قرار مبني على معلومة صحيحة وحقيقية، فثقافة هذا ممنوع وهذا سري خلقت لدينا المزيد من الفضول وحب الاستطلاع وانشغلنا بمتابعة وكشف هذه الأسرار وبنينا عليها قصوراً من الأفكار والمعلومات الكاذبة. اليوم ونحن شركاء في العالم الأول لا نحتاج إلى أن نذكر الإنسان بمسؤولياته والدور الذي يلعبه في المجتمع، ولا نحتاج إلى تنبيهه على أن ما يفعله عيب عليه، فالوازع والرادع لديه داخلي قبل أن يكون خارجياً. لذا يجب أن نتخلص من الثقافة الكلامية وكثرة النصائح وترديد العبارات الرنانة ومن النقد الجارح ونعتدي على حقوق الآخر.. فالإيجابيات مهما كانت نسبتها وموضوع الاختلاف في أي مجتمع تحكمه قضايا ثقافية وقيمية ومعرفية، وقد احتاجت تلك المجتمعات إلى قرون حتى تصل إلى ما وصلت إليه من خدمة وحضارة إنسانية ما يتطلب أن نأخذ موضوع الوقت في عين الاعتبار، وأن نحسن من أفكار نادي المحبطين والمتشائمين وأصحاب المعتقدات والتأويلات والتفسيرات السلبية رأفة بهم وبنفسياتهم وبمن يحكتون بهم، ففي آخر المطاف لن يقبل المتفائلون وذوو الإرادة الصلبة إلا بالتميز وأن يكونوا في نادي العالم الأول.