المعتقدات والميول والمشكلات الشخصية عندما تؤثر على شخصية وتفكير وسلوك وقرارات متخذ القرار فإنها تهدد دور وكيان وأهداف ومسؤوليات أي مؤسسة تقدم خدمة للمجتمع.. ليس ذلك فحسب بل أيضا تحبط أي شخصية شغوفة ومبادرة وتجعل من الهيئة أو المؤسسة عبئا على الدولة والمجتمع ومحسوبة عليه. اليوم البعض في حياته الخاصة تعوّد على خلق الكثير من الأسوار حول نفسه وأولاده لأنه تربى على هذه الأسوار من أبيه الذي بنى مثل هذه الأسوار المعرفية والسلوكية عليه وعلى إخوانه وأسرته بداعي تضخيم المخاوف والمزيد من السيطرة وحب التملك والخوف من كلام الناس حتى أصبحت رهابا اجتماعيا وسلبية وضعفا في الثقة بالنفس ومبالغة في التقييم السلبي، إلى هنا والأمور تدخل في إطار الخصوصية ولكن عندما ننقل هذه الأسوار إلى إدارة الشأن العام فإن قواعد اللعبة خرجت عن مسارها العرفي الإداري إلى مسارات أخرى شخصية وفوضى إدارية وضعف واضح في الحوكمة والإنتاجية. اليوم عندما تتوقع من أحد المسؤولين أن يؤدي دوره كما هو منصوص عليه في أهداف المؤسسة أو ينفذ الحد الأقصى من القانون أو النظام والتنظيم للمؤسسة التي يديرها ثم تتفاجأ أنه يحاول إقناعك أن مسألة التنفيذ ليست كالتنظير وهنا يقصد الأنظمة وما في حكمها ثم يتحدث عن عدم جاهزية الناس أو أن ثقافة المجتمع لا تتقبل ذلك ويسهب في التبريرات والإسقاطات والتأويلات والتفسيرات السلبية.. الخ، فماذا تتوقع بعد ذلك منه من المؤسسة التي يرأسها؟ وتتساءل إذا كان بهذه الأفكار فهذه كارثة تنظيمية أو خلل في اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب، أو ما هو أعظم من ذلك، وهو أن مشروع حوكمة هذا الجهاز ونظامة وتنظيمه تعاني من خلل واضح في الدراسات والإحصاءات ودراسة الواقع الثقافي والاجتماعي، وأخيرا هي في وادي والمستفيدون في وادٍ وصاحبنا المدير يغني على ليلاه. اليوم مثل تلك العوامل السلوكية والمعرفية قد تبطئ من النمو في أي ملف من الملفات المهمة، وقد تضع على البلد ملاحظات هو في غنى عنها، علما أنها لا تمت للبلد ولا لسياساته وإصلاحاته من قريب أو بعيد بشيء وإنما هي ممارسات وتقديرات لأشخاص سيّئين استخدموا السلطة أو المنصب في أمور شخصية نتيجة لمعتقداتهم وإسقاطاتهم الشخصية.