عاماً بعد آخر، وبمباركة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، يواصل ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز الوفاء بكل ما وعد به في رؤية 2030 بإعادة صياغة المملكة من جديد، وفق قواعد صلبة، ومبادئ قويمة، ومرتكزات ثابتة، تؤسس لوطن قوي وراسخ، يتمتع بكل عناصر التقدم والازدهار والاستدامة. وتبدو نجاحات الرؤية وإنجازاتها المتعددة كثيرة ومتعددة، تشمل كل مناحي الحياة في المملكة، هذه النجاحات وكأنها تنسج قصة نجاح استثنائية، تعكس ما لدى القيادة الرشيدة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي العهد من عزيمة وإصرار على صناعة المستحيل، مهما كان الثمن، بما يضمن للمملكة مكانة مرموقة وسط كبرى الدول، وهو ما كشفت عنه تقارير المنظمات الدولية، التي رأت أن المملكة تبهر العالم بقدرتها على التفكير من خارج الصندوق، وكتابة تاريخ اقتصادي جديد للبلاد، عنوانه "التقدم والتطوير والنمو"، فضلاً عن ترتيب الأوراق التي تنهض بالمجتمع السعودي من الداخل. إذا كان الحديث عن إنجازات الرؤية، وجب علينا التطرق إلى التقرير السنوي لها عن العام 2022، الذي أشار إلى تحقيق منجزات حقيقية للاقتصاد الوطني، منذ بدء تفعيل البرامج التنفيذية للرؤية، ومبادراتها الواعدة، وكان من أهم ما أسهمت به في الأجل الطويل، تأسيس قاعدة متينة للاقتصاد الوطني، أثمرت عن تهيئة اقتصاد قادر على تحقيق النمو المستدام، بمزيد من الاستقلالية عن النفط، ومنحته في الوقت ذاته صلابة أكبر على الصمود في وجه المتغيرات غير المواتية، التي اصطدمت مرات عدة بالاقتصاد العالمي، كانت آخرها جائحة كورونا.. وبالأمس عكست أرقام الإعلان التمهيدي لميزانية 2024 ما أشرت إليه. إنجازات عدة في قطاع الإسكان.. نسبة التملك تقترب من 60 % تحديات وصعوبات تحت مظلة الرؤية، تمكن الاقتصاد الوطني من تحقيق إنجازات مرحلية، بمعدلات قياسية، كان أبرزها تحقيق أعلى معدل نمو حقيقي للاقتصاد منذ 2011 بنسبة 8.7 % بنهاية العام الماضي، متضمناً نمواً حقيقياً للقطاع الخاص بنسبة 5.3 %، على الرغم من الظروف غير المواتية التي شهدها الاقتصاد العالمي خلال العام الماضي، بفعل الصراع الروسي - الأوكراني، وما ترتب عليه من ربكة واسعة النطاق، على مستوى التجارة الدولية، والأسواق بمختلف أنواعها. وتشمل نجاحات الرؤية أيضاً نجاحات ملموسة في العديد من الملفات المهمة، وعلى رأسها الملف الاقتصادي، الذي تتوزع منه ملفات أصغر، مثل ملف البطالة وملف الإسكان والسياحة وغيرها، إيمانا من المملكة بأن انتعاش الاقتصاد تنعكس آثاره الإيجابية على الكثير من الملفات الأخرى. ملف البطالة رغم كثرة إنجازات الرؤية، إلا أن إنجازها الأخير والخاص بملف البطالة في البلاد، يشير إلى الجدوى الفعلية لبرامج الرؤية، وقدرتها على إصلاح سوق العمل في المملكة، ومنح الفرصة كاملة لأبناء الوطن للعمل في وظائف مناسبة لقدراتهم وإمكاناتهم العلمية، حيث تقترب الرؤية من تحقيق وعدها، بالوصول إلى نسبة بطالة 7 % فقط، بحلول العام 2030، إذ تبين المؤشرات استمرار تقليص نسبة البطالة في المملكة بوتيرة سريعة، كان آخرها ما أصدرته نشرة سوق العمل للربع الثاني من عام 2023م، وفيها انخفض معدل البطالة لإجمالي السعوديين، وبلغ 8.3 % للربع الثاني من العام الجاري مقارنةً ب8.5 % في الربع الأول من العام نفسه، وانخفض كذلك معدل البطالة للسعوديات للربع الثاني من العام الجاري، وبلغ 15.7 % مقارنةً ب16.1 % في الربع السابق، واستقر معدل البطالة للسعوديين الذكور خلال الربع الثاني من عام 2023م عند .4.6 %، هذا الإنجاز يأتي تأكيداً لحديث ولي العهد، عند قال بعبارات صريحة "طموحنا سيبتلع مشكلات الإسكان والبطالة وغيرها". وكان الاقتصاد السعودي قد تمكن من خفض معدل البطالة خلال العام الماضي من 11.0 % بنهاية 2021 إلى 8 % كأدنى معدل بطالة تاريخياً منذ بدأ نشر بيانات البطالة بصورة رسمية، وقفز عدد العمالة المواطنة في القطاع الخاص إلى أعلى مستوياته التاريخية عند نحو 2.2 مليون مواطن ومواطنة، مسجلا معدل نمو لتوطين الوظائف في القطاع الخاص بلغ 14.2 % بنهاية العام الماضي. السياحة تدعم هدف تنويع مصادر الدخل.. والأجانب ينفقون 83 مليار ريال ملف الإسكان مسلسل الإنجازات طال أيضاً ملف السكن، الذي شهد هو الآخر المزيد من التطورات والإحصاءات التي تكشف عن تطلعات الدولة في تأمين سكن مناسب لكل واطن ومواطنة، يؤكد ذلك الأرقام الواردة من برنامج الإسكان، وهو أحد برامج الرؤية، وتكشف بجلاء عن زيادة نسبة تملك المواطنين للوحدات السكنية إلى نحو 60 %، علما بأن مستهدفات البرنامج كانت الوصول بنسبة تملك الأسر السعودية للوحدات السكنية لنحو 57 %، تحقيقاً للهدف الأسمى، بالوصول إلى نسبة تملك تصل إلى 70 % بحلول 2030. ولم تكن المملكة قادرة على الوصول إلى هذا الهدف، دون التمويلات العقارية، التي أسهمت فيها الدولة لدعم المواطن، وتجاوزت 194 مليار دولار، حتى نهاية الربع الأول من العام الجاري (2023)، يضاف إلى ذلك قدرة قطاع الإسكان على توفير 227 ألف وظيفة في الربع الأول. انتعاش السياحة إنجاز آخر يحسب لرؤية 2030، لا بد من التطرق إليه، خاص بقطاع السياحة السعودي، الذي بدأ يعلن عن نفسه، محققاً الكثير من القفزات الفعلية على أرض الواقع، من خلال الأرباح التي يحققها، إذ ارتفع إنفاق السياح الوافدين إلى المملكة خلال الربع الثاني من العام الجاري (2023) بلغ 46 مليار ريال، ما وصل إلى نسبة 133 ٪ زيادة في الإنفاق على السياحة داخل المملكة خلال النصف الأول كاملا من 2023 بواقع 83 مليار ريال. ويمضي القطاع بخطوات حثيثة، وفقاً لمستهدفات الرؤية، التي تخطط لرفع نسبة مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي، من خلال جذب الاستثمارات الداخلية والخارجية. ووفقاً لمستهدفات الحكومة، فإن القطاع يتهيأ ليصبح أحد المصادر الرئيسة للاقتصاد المتنوع في المملكة، بدعم من الاستثمارات الضخمة في الترفيه والبنية التحتية السياحية، وباغتنام جمال الطبيعة، ستوفر السياحة فرصاً لوظائف متنوعة ونمواً تجارياً. وتبلغ نسبة مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي 4 % بنهاية العام الماضي (2022)، مقارنة بنحو 3 % في 2019. وتستهدف المملكة رفع نسبة مشاركة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 10 % بحلول العام 2030، كما تستهدف المملكة رفع مساهمة القطاع لضخ من 70 إلى 80 مليار دولار بالاقتصاد بحلول العام 2030 وفقاً لوزير السياحة أحمد الخطيب. البطالة.. تقدم مذهل انخفضت إلى 8 % ونجاح غير محدود في توظيف المرأة استمرار النجاح وتضمن التقرير السنوي لرؤية 2030 عن العام الماضي، التأكيد على تقدم إنجاز كثير من مؤشرات الأداء المرتبطة بمستهدفات الرؤية، وأن مسيرة التنفيذ تمضي بثقة في الطريق الممتد لمستهدفاتها النهائية، بفضل من الله، ثم بفضل الإشراف والمتابعة المباشرة من القيادة الرشيدة، التي سخرت كامل الموارد والإمكانات اللازمة لأجل تلك الغايات التنموية العملاقة، وهو الأمر الذي حفز جميع العاملين في الأجهزة التنفيذية الحكومية والجهات المشاركة معها من القطاع الخاص، على بذل أقصى الجهود والعمل المتكامل والمنظم وصولاً إلى تحقيق النجاح اللازم للمهام والمسؤوليات الملقاة على كاهلهم، ووصل بهم إلى مستويات عالية جداً من التنافسية بين مختلف الأجهزة والقطاعات، من أجل تحقيق منجزات قياسية، ولم يكتفِ منتسبو تلك الجهات التنفيذية بمجرد تحقيق المهام المطلوبة فحسب، بل ذهبت بهم الطموحات المشروعة إلى تحقيق السبق والتنافس المحمود لأجل تجاوز حتى المستهدفات المرحلية، وهذا يعكس بصورة رئيسة الإيمان الكبير بالأهمية التي أصبحت تحظى بها برامج ومبادرات رؤية المملكة 2030 لدى جميع أفراد المجتمع من مواطنين ومقيمين على حد سواء. خالد الربيش