استعرض أستاذ التاريخ الحديث المشارك بكلية العلوم الإنسانية في جامعة الملك خالد الدكتور علي بن عوض آل قطب، السياق التاريخي والبُعد الفكري لمعنى شعار اليوم الوطني السعودي ال93 "نحلم ونحقق" بقوله "إن الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، عادةً ما يرتبط ذكره بسياق حربي أو سياسي باعتباره هو من وحّد المملكة ولمّ شتات هذه البلاد، ولكنْ هناك جانب آخر مهم في حياته وهو جانب التحديث، فبعد أن انتهى من بناء هذا الوطن دخل في مشروع آخر لتحديثه وتطويره، فعمل على نقل البلاد مما قبل الدولة إلى الدولة الحديثة، دولة المؤسسات، فجميع المؤسسات والوزارات قامت في عهده؛ وبالنظر إلى كثير من الحقول والمجالات نجد أنه كان هو من وضع النواة والبذرة الأولى في ذلك كنظام الجيش، والأمن، والتعليم، والنقل الجوي والبري، وغيرها، فهو ليس مجرد قائد عسكري أو سياسي، وإنما صاحب بُعد إداري عميق فعمل بكل ما يستطيع على الأخذ بالتطوير والتحديث والتنظيم والعمل المؤسسي"، وهو الأمر الذي تبعه فيه ملوك المملكة العربية السعودية. وأكد آل قطب، أن اليوم الوطني هو يوم أبيض وأغر وأبلج، لما يحمله من ذكرى قيام الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل بالإعلان عن توحيد المملكة العربية السعودية في 21 جمادى الأولى سنة 1351ه، الموافق 23 سبتمبر من عام 1932م، في مرحلة كفاح قدمها طيلة عقود ابتدأت من مطلع القرن العشرين ميلادي، وعلى مدى ثلاثة عقود لضم مناطق الوطن واحدة تلو الأخرى، كالجواهر التي تتنظم في عقد واحد. وعن الحركة التاريخية السعودية أشار إلى أنها تمتد إلى ما يزيد عن ثلاثة قرون، بدأت باعتلاء الإمام محمد بن سعود للسلطة في الدرعية في سنة 1139ه الموافق 1727م، ما شكل بذرة لانطلاق ما يسمى لدينا بيوم التأسيس كتمييز له عن اليوم الوطني، وأضاف أن الدولة السعودية منذ هذا التاريخ مرت بتطورات وأحداث تاريخية، كان منها تمكنها من انتظام الكثير من أقاليم هذه البلاد في منظومة سياسية واحدة، ما يجعلها تعتبر حركة استثنائية في المنظور التاريخي على مدى قرون متطاولة، بتفردها عن الحركات الموجودة في الجزيرة العربية، بفرادة الفكرة في لم الشمل، والتوحيد، والقضاء على الشتات والتمزق الموجود، واستعلائها على الجهوية والقبلية والأدواء التي كانت حاضرة في ذلك الحين، ما يفسر ديمومتها وتطورها وتقدمها حتى وصلت إلى ما وصلت إليه. واستعرض آل قطب في ثنايا حديثه التحول الذي تعيشه المملكة العربية السعودية وآفاقه المستقبلية، مؤكدًا أن ما نعيشه هو امتداد لماض عريق، وأن المرحلة الحالية تثبت أن المملكة تعيش في أفضل أوقاتها داخليًّا وعلى المستوى الخارجي، وأنها تحظى بقيادة رشيدة اعتمدت في جانب كبير منها على الشباب ووضعت تحولات تاريخية، وبنت أساسات جديدة، أسهمت في تطور الاقتصاد، والمجتمع، والثقافة، والعديد من حقول المعرفة، ما يجعل المستقبل زاهرًا -بإذن الله-.