كسرت الأسهم السعودية حاجز 11 ألف نقطة يوم الخميس الماضي بعد تراجعها بأكثر من 112 نقطة ليقف المؤشر عند 10,949.42 نقطة، وجاء التراجع بضغط من معظم القطاعات والأسهم القيادية، وتقف السوق عند منطقة حرجة، حيث إن الإغلاق دون 11 ألف نقطة يجعل السوق عند أدنى مستوياتها منذ خمسة أشهر، وذلك سيشكل ضغط إضافيا عليها، السوق خلال الشهرين الماضيين لم تستجب للمحفزات التي يشهدها الاقتصاد السعودي ولا أسعار النفط التي ارتفعت من 70 دولارا للبرميل إلى أكثر من 95 دولارا وتراجع معامل الارتباط (Correlation Coefficient) بين سوق الأسهم السعودية وأسعار النفط إلى النطاق السالب أو ما يسمى بالعلاقة العكسية، وهو مقياس إحصائي لقوة العلاقة بين الحركات النسبية لمتغيرين، معامل الارتباط يمثل قيمة بين +1 و-1 خلال شهر سبتمبر حتى نهاية تداولات يوم الخميس الماضي اقترب معامل الارتباط إلى النقطة الأكثر سلبية عند -1 فما هي أساب هذه العلاقة العكسية بين سوق الأسهم وأسعار النفط. الاقتصاد السعودي لا يزال يعتمد على الإيرادات النفطية بنسبة تتجاوز 60 % ولذلك يراقب المستثمرون المتغيرات التي تحدث في أسواق النفط؛ لأنها أكبر مؤثر على سوق الأسهم السعودية، فارتفاع أسعار النفط يعني زيادة السيولة النقدية في الاقتصاد السعودي، زيادة في النشاط الاقتصادي، وقد تساهم في زيادة الإنفاق الرأسمالي، وكل هذه العوامل تساهم في زيادة النشاط الاقتصادي الذي يحسن من نتائج الشركات والعكس صحيح، ولذلك دائما ما نربط السوق السعودية بتحركات أسعار النفط ولكن هذه العلاقة تنفك بين الفينة والأخرى عندما يكون هنالك مؤثرات تدعم الانفكاك، منها التضخم وهو العدو الأول للاقتصاد، وكذلك ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة كلفة التمويل، والمتغيرات الجيوسياسية والحروب، وكذلك وجود قنوات استثمارية ذات عوائد مرتفعة ومخاطر منخفضة، وأخيرا نقص السيولة وتراجع قيم التداولات، إذا ما العوامل التي أثرت فعليا على سوق الأسهم السعودية؟ التضخم ليس له تأثير واضح لأن التضخم في الاقتصاد السعودي عند مستويات 2 % وهو مقبول إلى حد ما وتسعى الاقتصادات الكبرى الوصول إلى هذا الرقم عبر تشديد سياساتها النقدية، ولذلك فإن الشركات التي تعتمد على المحتوى المحلي لن تتأثر أرباحها كثيرا أما الشركات التي تعتمد على الاستيراد قد تتأثر، أسعار الفائدة لا شك أنها مؤثرة على سوق الأسهم السعودية، حيث إنها رفعت مصاريف خدمة الدين فتآكلت أرباح كثير من الشركات التي لديها مديونية عالية، في المقابل الشركات التي لديها سيولة عالية استفادت من العائد الذي تجنيه من الودائع والذي يصل إلى 6 % سنويا، المتغيرات الجيوسياسية في الفترة الماضية تحولت إلى الإيجابية، والحديث الآن عن عودة العلاقات بين السعودية وإيران والتحول من النزاع إلى الشراكة الاقتصادية، كما أن حرب اليمن شبه متوقفة والمصالحة تسير بخطى متسارعة نحو إنهاء الحرب وعودة بناء الدولة وهذا سوف يدعم الاستقرار ونمو اقتصادات المنطقة، العقار يعاني من تراجع نسبي في أسعار العقارات وشبة ركود في بعض المناطق، ولذلك لم يعد مؤثرا على سوق الأسهم ولكن الودائع لأجل سحبت سيولة كبيرة إليها بعد أن أصبح العائد مغريا والمخاطر منعدمة، مؤشرات السيولة في سوق الأسهم لم تتأثر كثيرا وما زالت التداولات اليومية في حدود 6 مليارات يوميا إلا أنها سيولة مضاربة ولذلك نلاحظ تدويرا عاليا خلال جلسة التداول، ونجد نشاطا كبيرا في التداول على الشركات الصغيرة وبقيم تداولات عالية تضعها في قائمة الشركات الأعلى نشاطا في القيمة بينما لا نجدها في بعض الشركات القيادية، نضيف على ذلك عاملين مهمين قد يكونان مؤثرين على سوق الأسهم خلال الفترة الماضية، العامل الأول هو تداول خبر منسوب إلى وكالة بلومبرج عن اعتزام شركة أرامكو بيع حصة بنحو 50 مليار دولار وهو ما أثار مخاوف المستثمرين من تأثير هذه الصفقة على سيولة السوق السعودية وما زاد من شكوك المستثمرين أن الشركة لم تنفِ هذا الخبر رغم تأثيره على السوق، وأعتقد أن الخبر صحيح؛ لأنه جاء في وقت ارتفاع أسعار النفط وزيادة في التوزيعات النقدية بإضافة توزيعات استثنائية على الأداء ما رفع من شهية الاستثمار في السهم عند طرحه طرحا ثانويا أو بيعه على مستثمرين مباشرة، وأرجح البيع لمستثمرين أجانب وهذا ما قد يخفف الضغط على السوق السعودية، ويرفع من قيمة الاستثمارات الأجنبية، أما العامل الآخر هو الإدراجات الكثيرة وخصوصا خلال الربع الثالث وأهمها طرح شركة أديس بقيمة 4.5 مليارات ريال وشركة لومي للتأجير التي تجاوزت المليار ريالا. التوقعات تشير إلى استمرار السلبية في السوق السعودية خلال الفترة القادمة؛ لأن الأخبار لا تدعم السوق وبالذات تصريح رئيس الفيدرالي الأميركي جيروم باول، الذي ذكر بأن الطريق إلى خفض التضخم إلى المستوى المستهدف البالغ 2 % ما زال طويلا، والأمل في عودة ارتباط السوق بالاقتصاد السعودي وبدء كشف الشركات عن نتائجها المالية عن الربع الثالث والتي قد تأتي أفضل من الربع الثاني وبالذات أرامكو وقطاع البتروكيميائيات والتأمين، وأيضا الكشف عن نتائج ميزانية السعودية عن الربع الثالث والبيان التمهيدي لموازنة العام القادم 2024 والتي قد تحفز السوق إلى العودة للمسار الصاعد.