يمر العالم بأزمة اقتصادية مركبة، التضخم مرتفع وأسعار الفائدة عند أعلى مستوياتها، الحرب الروسية - الأوكرانية تضغط على إمدادات الغذاء والطاقة، الدول الفقيرة تزداد معاناتها وقد تعجز عن الوفاء بالتزاماتها، مؤشر الدولار تجاوز 112، فارتفعت فاتورة الواردات وارتفع عجز الميزان التجاري للدول النامية وبدورة ضغط على احتياطيات البنوك المركزية من العملات الصعبة. الأسواق المالية ما إن تتعافى إلا وتأتيها صدمات رفع أسعار الفائدة، في نهاية شهر أغسطس تلقت الأسواق أقوى صدمة بعد تصريح رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم بأول في جاكسون هول، من أن التصدي للتضخم في الولاياتالمتحدة سيكون مؤلما على الأسر والشركات الأمريكية، وعدم التحرك للجمه سيلحق ضررا أكبر بالاقتصاد، هذا التصريح أثار الشكوك بأن الفيدرالي قد يلجأ إلى خيار رفع الفائدة 100 نقطة أساس وهذا ما لم تحتسبه الأسواق ولذلك تراجعت المؤشرات بحدة خلال الأسابيع الماضية، ناسداك تراجع بنسبة 30.53 % مقارنة مع بداية العام ومؤشر هانغ سانغ تراجع ب23.35 % والداكس تراجع 22.67 % ومؤشر إس أند بي 500 تراجع ب22.51 % والداو تراجع 18.57 %. الأسواق تكافئ الصبور.. سلوك كبار المستثمرين وأثرياء العالم مؤشر السوق السعودية (تاسي) وعلى الرغم من التراجعات الحادة التي حدثت في الأسواق العالمية الا أنه استطاع المحافظة على نمو يقدر ب1.69 % مقارنة مع إقفال ديسمبر 2021 وهذا بلا شك جيد للسوق السعودي.. أنها تماسكت على الرغم من كل التداعيات الاقتصادية العالمية السلبية، ربما ساهم في ذلك قوة الاقتصاد السعودي ونمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني بحوالي 12.2 % مدعوما بنمو الإيرادات النفطية وكذلك الإيرادات غير النفطية، ويتوقع أن يتسمر النمو إن بقيت أسعار النفط عند مستوياتها الحالية، نتائج الشركات أيضا كانت مشجعة والتوزيعات النقدية مجزية وسجل صافي مشتريات الأجانب نموا على الرغم من تخارج المستثمرين في أنحاء العالم نحو الملاذات الآمنة والودائع الادخارية، الأسواق العالمية في المرات التي رُفعت فيها أسعار الفائدة كانت تتراجع قبيل موعد اجتماع الفيدرالي بعدة أيام وما أن يعلن الفيدرالي رفع أسعار الفائدة بالنسبة التي كانت التوقعات تشير اليها، إلا وتعود الأسواق مرة أخرى للارتفاع لعدة أيام، قبل أن تستقر إلا أن الجلستين الماضيتين واصلت المؤشرات العالمية تراجعها، فهل تعاود الارتفاع الأسبوع المقبل؟ الرسم البياني المرفق رصد حركة مؤشر ناسداك وهو المؤشر الأكثر تأثرا بالأزمة ونلاحظ حركة المؤشر قبل وبعد قرار رفع الفائدة، السوق السعودي كان قد تخل عن ارتباطه بالأسواق العالمية خلال الأشهر الماضية إلا أنها عاودت الارتباط بها مرة أخرى بعد تصريح جيروم بأول ولكن في الأسبوعين الماضيين لاحظنا تخليه قليلا عن الأسواق العالمية وزيادة ارتباطه بمؤشر أسعار النفط حسب آخر تحليل لمعامل الارتباط قبل قرار رفع الفائدة يوم الأربعاء الماضي، السوق السعودية حتى قبيل افتتاح التداول اليوم لم نرى ردة فعلها على القرار لأنها كانت مغلقة يوم الخميس في إجازة اليوم الوطني ولكن رفع سعر الفائدة كما توقع 80 % من المحللين عند 75 نقطة أساس يعتبر محفزا للمؤشر لمعاودة الصعود ولكن قد يتأثر سلبا خلال الجلسات القادمة بالتراجعات التي حدثت في أسواق الأسهم والنفط. نمو صافي مشتريات الأجانب رغم تخارج المستثمرين في أنحاء العالم نحو الملاذات الآمنة في الأوضاع الاعتيادية التي ترتفع معها الأسهم وخصوصا بعد الخروج من أزمة مثل كورونا نجد أن أغلبية المستثمرين يربحون لأن اتجاه السوق صاعدة وشهية المخاطرة لدى المستثمرين مرتفعة، ولذلك يعتقد أغلب المستثمرين أن المكاسب سوف تستمر وينسى أو يتناسى أن طبيعة الأسواق المالية ما بين صعود وهبوط وربح وخسارة والمستمر الذكي هو من يعرف متى يقتنص الفرصة ويجنى أرباحه وينتظر تصحيح الأسواق والعودة مرة أخرى، اليوم تشهد الأسواق العالمية ضبابية وأحداث متسارعة ولا يستبعد أن تحدثت انهيارات ويفقد المستثمرين مدخراتهم ولذك يُنصح بتوزيع الاستثمارات ما بين الأسهم وخصوصا الأسهم ذات النظرة المستقبلية الواعدة والتوزيعات النقدية المجدية وأن تكون مدة الاستثمار ما بين متوسطة وطويلة الأجل والابتعاد قد الإمكان عن المضاربات اليومية وإن كان لا بد يكون في جزء بسيط من السيولة مع تجنب الشركات الخاسرة والصغيرة التي قد تنهار عند حدوث أي أزمة، والاستثمار بجزء من السيولة في الملاذات الآمنة والاحتفاظ بسيولة لاقتناص أي فرص استثمارية قد تتاح، الأسواق تكافئ الصبور وهذا سلوك كبار المستثمرين وأثرياء العالم، "مارك زوكربيرج" المدير التنفيذي ل "ميتا بلاتفورمز" انخفضت ثروته بحوالي 71 مليار دولار خلال العام الحالي، ومع ذلك هو ينظر إلى أنها خسارة دفترية مع قليل من الصبر وتصحيح المسار وتطوير الشركة وتنمية إيراداتها سوف يعيد كل الخسائر التي تحققت ويقفز إلى المراكز المتقدمة التي فقدها بين أثرياء العالم.