شهدت "قمة العُلا العالمية للآثار" التي تستضيفها هذه الأيام قاعة "مرايا" بوادي عشار في محافظة العُلا، بتنظيم من الهيئة الملكية للمحافظة، أولى جلسات اليوم الأول للقمة، بحضور أكثر من 300 مشارك من مختلف دول العالم، التصميم العصري المنسجم مع عراقة الماضي لقاعة "مرايا" الذي يعكس هوية المكان على مراياه الأكبر من نوعها في العالم - حسب موسوعة "جينيس"- عبرت عنه بشكل كبير النقاشات التي دارت داخل القاعة المخصصة للقمة العالمية التي جمعت حوالي 40 متحدثا، ولم تكد الجلسات الحوارية تنطلق حتى كان المكان المخصص للفعاليات المنبرية مكتظا بالحضور الذي تفاعل مع كلمة ممثلة منظمة "اليونسكو" جيوتي هوساغراهار التي تحدثت عن علاقة المنظمة مع المملكة، مشيرة إلى أنها تمتد لعقود من خلال مذكرات تفاهم ومشروعات ثقافية رائدة، وأكدت أن أراضي المملكة ومنها "العُلا" تحتضن مخزونا كبيرا من الإرث الحضاري للبشرية وهو ما يحتم الحفاظ عليها وهذا يتوافق مع رؤية المملكة 2030 التي تركز بشكل كبير على الاهتمام بالتراث الثقافي. وخلال جلسات اليوم الأول سيطر موضوع "الهوية" وعلاقته بالآثار على نقاشات وطروحات المشاركين حيث أكدوا على أن هاجس الهوية الثقافية كان بارزا في معظم النقوش الأثرية في جميع المواقع التي تم اكتشافها ودراستها، مشيرين إلى أن بعض الأسباب الأيديولوجية والسياسية طمست بعض الهويات القديمة. ولم تمنع وجبة الغداء المعدة لضيوف القمة تواصل النقاشات حول حاضر ومستقبل علم الآثار وطرق تعزيز التواصل بين العلماء المختصين والمهتمين بهذا الجانب، حيث طرح عدد من المختصين في التنقيب عن الآثار تجاربهم في تتبع المواقع الأثرية في مختلف دول العالم. اتفاقية لتعزيز البحث والمشاركة المجتمعية وتحقيق التحول الرقمي في الآثار وكانت اللقطة الأبرز في جلسات اليوم الأول عندما دعت مقدمة الجلسة التي جاءت تحت عنوان "علم الآثار ينسج عالما مترابطا" الحضور للوقوف تبعا للقارات التي ينتمون لها، مشيرة إلى أن هذه القمة جمعت قارات العالم داخل "المرايا". وعلقت على الأمر قائلة "هذا هو مستقبل العالم الذي تتبناه المملكة ، مضيفة: "نحن هنا لا نناقش الماضي فقط بل نتطلع للمستقبل والترابط بين شعوب العالم من خلال التجمعات العلمية والثقافية"، وتحدث المشاركون في الجلسة عن الدور الكبير الذي مثلته الطرق التجارية التي عرفت في العصور القديمة، مؤكدين أنه أحد أوجه التواصل الثقافي بين الأمم ومن أهم أسباب التمازج الحضاري بين الأمم وانتقال العادات والتقاليد الذي وثقته النقوش الأثرية، وأشاروا إلى أن "العُلا" مكان "مثير وجميل وأنموذج للتغير المهم الذي يعيشه وفي مقدمته المملكة التي تحوي ثروات وكنوز تراثية تعتبر من أهم المزارات العالمية الحالية والمستقبل سيكون لها بفضل الاهتمام الحكومي بهذه الآثار وتطويرها مع الحفاظ على كل تفاصيل المكان التراثية. إلى ذلك أكد المدير التنفيذي لقسم الآثار والحفظ والمقتنيات في الهيئة الملكية لمحافظة العُلا الدكتور عبدالرحمن السحيباني، أهمية قمة العُلا العالمية للآثار، التي استضافتها ونظمتها الهيئة اليوم، التي تعد امتداداً للحراك الثقافي الكبير في المحافظة. وأفاد أن الهيئة هدفت من هذه القمة إلى توفير بيئة ومنصة عالمية للعلماء والمختصين بالتراث والآثار والعلوم والتخصصات ذات العلاقة، ومناقشة التحديات التي تواجه هذا العلم، والترويج بشكل كبير إلى العمق الأثري والتاريخي التي تكتنزه المملكة بشكل عام، والعُلا بشكل خاص على مدى التاريخ. وأشار السحيباني إلى أن العُلا نجحت في استضافة أكثر من 300 شخص مابين متحدثين ومهتمين وشركاء من أكثر من 39 دولة من مختلف دول العالم، اجتمعوا لإثراء الحوار وتبادل المعرفة، إضافةً إلى تواجد عدد من الطلاب والأكاديميين يمثلون 60 جامعة محلية ودولية. من جهة أخرى وقعت الهيئة الملكية لمحافظة العلا اتفاقية تعاون مع جمعية الآثار السعودية؛ لتعزيز البحث والمشاركة المجتمعية، وتحقيق التحول الرقمي في مجال الآثار والتراث الثقافي، وذلك على هامش قمة العلا العالمية للآثار. ووقع الاتفاقية المدير التنفيذي لقسم الآثار والحفظ والمقتنيات في الهيئة، الدكتور عبدالرحمن السحيباني، والرئيسة التنفيذية للجمعية، حصة بنت مروان السديري، وتتضمن تقديم التدريب لطلاب الآثار السعوديين، وتبادل الدعم في مجال الأبحاث، وتشجيع المشاركة المجتمعية للسكان والزوار. ومع هذه الاتفاقية، تُعد الهيئة الشريك الرسمي الأول للجمعية، الواقعة تحت إشراف وزارة الثقافة السعودية، كما ترسخ مكانة العلا الريادية في مجال علم الآثار والتراث الثقافي. وتعمل الهيئة على تطوير شراكاتها لتحقيق منافع للعلا وسكانها وزوارها، ومجتمع علم الآثار في السعودية ككل، ويتيح تعاونها مع الجمعية تمكين الشباب والشابات ليرسموا مستقبل المجال بالمملكة. من ناحية أخرى حظي المعرض والمتحف الذي تنظمه الهيئة الملكية لمحافظة العلا، على هامش قمة العلا العالمية للآثار، حضوراً لافتاً من قبل الزوار والمشاركين في القمة. ويسلط المعرض والمتحف الضوء على تاريخ محافظة العلا وثقافتها، حيث يضم عدداً من القطع والمقتنيات التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين، إضافة إلى المخطط التعريفي لرحلة عبر الزمن، والذي يهدف لإحياء وتأهيل المواقع الأثرية لتكون العلا وجهة عالمية رائدة للثقافة والسياحة والفنون، تحقيقاً لمستهدفات رؤية المملكة 2030. الهيئة الملكية لمحافظة العلا توقع اتفاقية مع جمعية الآثار 40 متحدثًا في القمة مشاركون من جميع القارات معرض عالمي يبرز التراث الثقافي للعلا تعريف الزوار على التراث الثقافي للمحافظة عبر التاريخ