شهد الأسبوع الماضي تقلبات حادة في أسعار النفط، ولكنها استقرت عند سعر فوق 81 دولارا، ولولا تمديد السعودية لخفض إنتاجها بمليون برميل يوميا حتى نهاية شهر أغسطس لتراجعت الأسعار إلى مستويات متدنية جدا. إن دعم المملكة، أكبر مصدر للنفط، لا يتوقف على توازن أسواق النقط بل أيضا على توافق وتماسك أوبك+ ولو كلفها ذلك نقص في إنتاجاها، هكذا تدعم المملكة استقرار أسواق النفط من خلال تضييق فجوة العرض والطلب دون استنزاف الطاقة الفائضة التي تعتبر صمام الأمان في ظل نقص الاستثمارات العالمية لاستخراج النفط وإنتاجه. إنها نظرة طويلة الأجل وتحمل أعباء المدى القصير من أجل مكاسب المستقبل ومواجهة التحديات والمخاطر وعدم اليقين في أسواق النفط. واليوم تتحقق الأهداف وتجني الأسواق ثمار ما زرعته أوبك+ في مسار الانتعاش وتحفيز الاستثمار على أسس اقتصادية بعيدة عن السياسة. وما كادت الأسعار أن تستمر في صعودها يوم الثلاثاء الماضي، إلا وتأتي مفاجئة تخفيض فيتش لتصنيف الائتماني الأميركي، أكبر مستهلك للنفط في العالم، لتنخفض الأسعار ب 3 % إلى 79.49 دولارا لغرب تكساس وبرنت إلى 83.20 دولارا في اليوم التالي. لكن تمديد السعودية الخفض الطوعي لشهر أغسطس عوض مخاوف هذه المفاجئة وارتداداتها السلبية على أسواق النفط، وذلك بالحد من تراجع الأسعار لتعود إلى الارتفاع مرة ثانية الخميس الماضي. بينما لم يدعم الأسعار تراجع مخزونات النفط التجارية الأميركية التي انخفضت بمقدار 17 مليون برميل في نفس اليوم. هكذا تقود سياسة تشديد العرض من قبل أكبر منتجي النفط في أوبك+، رغم انخفاض المعنويات، إلى توازن أسواق النفط واستقرار الأسعار مقابل الطلب العالمي على النفط وارتفاع أسعار الفائدة وضعف أداء الاقتصاد الصيني، أكبر مستورد للنفط في العالم. وها هي المملكة تؤكد مرة أخرى أنها لن تترك أسواق النفط مسرحا للمضاربة والإخلال بأساسياتها، وذلك بإعلانها الخميس الماضي تمديد الخفض الطوعي الحالي إلى نهاية سبتمبر، مع إمكانية التمديد أو التمديد وزيادة هذا الخفض. كما أعلن نائب رئيس الوزراء الروسي في نفس اليوم، أن بلاده ستخفض صادراتها النفطية بمقدار 300 ألف برميل يوميا لشهر سبتمبر، وما زالت أوبك+ ملتزمة بخفض الإنتاج الإلزامي والطوعي بمقدار 3.66 مليون برميل يوميا حتى نهاية عام 2024. لذا ارتفع برنت بنسبة 1.83 % إلى 86.24 دولارا وغرب تكساس بنسبة 2.8 % إلى 82.82 دولارا في نهاية الأسبوع الماضي. ولم يعوض ارتفاع صادرات نفط ميدلاند الأميركي إلى أوروبا وآسيا من 3.53 مليون برميل يوميًا في 2022 إلى 4.08 مليون برميل يوميًا حتى الآن في عام 2023، خفض أوبك+ الذي يهدف إلى استقرار أسواق النفط، بينما الهدف الأميركي هو تخفيض الأسعار العالمية، فمازالت الولايات الأميركية تستورد 6.7 مليون برميل يوميا أي بصافي واردات تبلغ 2.62 مليون برميل يوميا، كما أنها تراجعت عن شراء 6 ملايين برميل لإعادة ملء احتياطي البترول الاستراتيجي مع ارتفاع الأسعار، والذي وصل إلى أدنى مستوى له منذ 40 عاما عند 346.8 مليون برميل، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية. لقد أصبح تماسك أوبك والمنتجين من خارجها (أوبك+) ضرورة لاستقرار وتوازن أسواق النفط وتجنيبها نقص الإمدادات ومخاطر أمن الطاقة وذلك من خلال المراقبة والمتابعة للأحداث والمتغيرات واتخاذ قرارات استباقية من أجل حماية الأسواق من الاضطرابات ومخاطر الركود الاقتصادي العالمي.