للمكتبات مع أصحابها قصصٌ ومواقف، وأيضاً طرائف وأشجان تستحق أن تروى، "الرياض" تزور مكتبات مجموعة من المثقفين، تستحث ذاكرة البدايات، وتتبع شغف جمع أثمن الممتلكات، ومراحل تكوين المكتبات.. في هذا الحوار الكُتبي نستضيف د. حمّاد الخاطري النعيمي، دكتوراة في التاريخ الحديث، شاعر وباحث في الأنساب والموروث الشعبي في مكتبته التي تحدث عنها بقوله: "تأثرت أيام شبابي بالاستماع إلى مجالس المتحدثين عن قال فلان وقال فلان، واسأل هل هذا موثق أم لا، فيقولون نعم، لذلك ومن هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر الشيخ عبدالرحمن بن رحمة الشامسي، فقد كان يجيبني آنذاك وارد في كتاب البخاري أو مسلم أو العقد الفريد وغيرها، لذلك كنت تواقاً إلى أن أقتني الكتاب لكي أقرأ تفاصيل ما جاء في تلك الأقوال، ومن هنا بدأت متابعتي للمكتبات وشراء الكتب، خاصة بعد أن زرتُ معظم الدول العربية والخليجية، وتعرفت على العديد من مكتباتها في المغرب والمشرق". في أيِّ مرحلة من العمر تعرَّفتَ على الكتاب؟ * عرفت الكتاب بمعناه الاصطلاحي منذ دخولي الصف الأول الابتدائي، وتعرفت عليه كمصدر ومرجع للثقافة أو البحث في المرحلة الإعدادية والثانوية، وانتقلت بهذه المعرفة إلى التخصص الأدق "العلمي في مرحلتي الماجستير والدكتوراة". هل تستطيع تحديد بعض بدايات تأسيس مكتبتك المنزليَّة؟ * نعم، بدأت أجمع مكتبتي المنزلية منذ الصف الثاني عشر، ومما أتذكره أنني اقتنيت كتاب شرح المعلقات العشر وشرح ديوان المتنبي بأربعة أجزاء، والعقد الفريد وكانت هي النواة الأولى للمكتبة المنزلية في الأدب والتاريخ، وفي المرحلة الجامعية حيث بدأت بإعداد البحوث كان عليّ أن أقتني مصادر بحث في اختصاصي المتمثل بدراستي للشريعة، ومنذ ذلك الوقت وأنا أرتاد المكتبات ومعارض الكتب، وأقتني منها كل جديد، وفي مختلف العلوم. ماذا عن معارض الكُتب، ودورها في إثراء مكتبتك؟ * كان لها الدور الكبير والبارز في هذا المجال، وكنت منذ نهاية عقد التسعينات من القرن الماضي أحرص على الحضور في معارض الكتب الدولية في الشارقة وأبو ظبي والرياضومسقط والكويت، وأتابع كل إصدار جديد. ما أبرز المنعطفات التي رافقت نموَّ مكتبتك الشَّخصيَّة؟ * لا توجد منعطفات تذكر أو تؤثر على نموها، لأنني وجهت رعايتي الخاصة لها وإثراءها بكل جديد، حيث تعانق حبي للقراءة والبحث مع هوايتي المتمثلة بحب المكتبة. ماذا عن نصيب الكُتب القديمة والنَّادرة؟ * إذا كان القصد من الكتب القديمة أي المصادر، ففي مكتبتي العشرات منها، وعلى سبيل المثال لا الحصر: ابن دريد وابن الكلبي وابن خلدون وابن سلام الجمحي والثعالبي والمسعودي ومعاجم اللغة والصحاح في الحديث وعلوم القرآن.. أما إذا كان القصد كتباً قديمة لم تحقق فإن مكتبتي -مع الأسف- خالية منها. ورغم أن حجم المكتبة الآن كبير جداً بفضل الله، وتتكون من قاعتين، ولكني مازالت ألاحق كل إصدار لكي أكمل به أي نقص في المواضيع المختلفة. حدثنا عن نتاجك الأدبي ومشاركاتك الثقافية؟ * لقد كتبت في مختلف المواضيع، ومنها خارج اختصاصي، ففي مجال الأدب والشعر، طبع لي: "أعذب الألفاظ من ذاكرة الحفاظ"، و"أشعار قديمة وأبيات يتيمة"، و"الأريج في أشعار ابن عتيج"، و"ديوان ابن نعمان"، و"مختارات شعرية من مخطوطات خليجية"، و"ديوان روائع الشعراء"، وكتاب "شموس المثل في أشعار آل زعل"، و"ديوان جويهر بن عبود الصايغ"، و"ديوان شرح قصائد المايدي ابن ظاهر" عام 2022م. وفي النقد: كتاب "ثلاث قصائد"، وفي إنتاجات أخرى كانت ضمن اختصاصي، إضافة إلى الكتب التوثيقية، وفي المجال الاجتماعي. هل ساعدتك المكتبة المنزلية على التأليف؟ * كانت وستبقى الركن الأساس في كل ما قدمته للمكتبة العربية من تأليفات، وحاجتي إلى المكتبات العامة في المصادر والمراجع نادرة جداً. وكل مصادري المذكورة في مؤلفاتي هي في مكتبتي. بما أنك مُهتم بالكُتب ولديك مكتبة خاصة، ما أبرز الكُتب التي تحرص على قراءتها؟ o قد لا أبالغ إذا قلت إنه لا يوجد كتاب في مكتبتي إلا وتعرفت على عدد من عناوينه، ناهيك عن اطلاعي الدقيق في الكتب التي تحث كتاباتي، فإني أطلع عليها بشكل أوسع عن غيرها. هل تحتفظ في مكتبتك بمخطوطات؟ * لا أحتفظ بمخطوطات بما تعنيه كلمة مخطوطة.. لكن هناك صور لمخطوطات وضعتها في مكتبتي لأنها تختص ببحوثي لرسالة الماجستير ورسالة الدكتوراة، حيث اعتمدتها كمراجع. وكانت المكتبة التي أعانتني على ذلك هي مكتبة السيد محمد بن أحمد البو سعيدي في مسقط التي جعلها قبلة لكل باحث. هل طرافة الكتاب أو طرافة موضوعه من معايير انتقائه؟ * كلا، أنا أقتني الكتاب الذي أرى فيه نفعاً علمياً سواءً في القضايا الإنسانية أو الاجتماعية، ورغم وجود بعض الكتب التي تتصدى للنوادر من النكات والحكايات والأساطير فهي خارج مقتنياتي. ماذا تُفضل.. المكتبة الورقية أو الرقمية؟ وما السبب؟ o كلاهما نافع ولكن الورقية أكثر قرباً مني، لأنها الأقدر على التوثيق فالمكتبات الرقمية على الشبكة العنكبوتية معظمها تخلو من أرقام الصفحات وأسماء المطابع، وتواريخ الطبع. هل مكتبتك متخصصة أم متنوّعة؟ * متنوعة. هل تقتني الكتاب من خلال توصيات أو بانتقاء شخصي؟ * بانتقاء شخصي. ما رسالتُك التي توجِّهها لكلِّ من يملك مكتبة خاصَّة؟ * أن يبقى يضع قول المتنبي أمامه، والمتمثل: أعز مكان في الدنا سرج سابح وخير جليس في الزمان كتابُ كلمة أخيرة: * كلمتي الأخيرة، شكري الجزيل لصحيفة "الرياض" ولشخصكم الكريم أ. بكر هذال على إتاحة هذه الفرصة للحديث عن المكتبة المنزليِّة، وأهميتها وفائدتها، حيث إن الكتاب مادة لثقافة الإنسان في مختلف مسارات الحياة؛ عظيم ثنائي وكبير تقديري لهذا الاهتمام بالكتاب والمكتبة وتعريف الجمهور بقيمة الكتاب.