لقد تضمنت مقررات قمة جدة - يوليو 2023م - رسالة صريحة لجميع شعوب ودول المنطقة بأن الأمن والسلام والاستقرار وحل الخلافات بالطرق السلمية سيساهم مساهمة مُباشرة في تعزيز التكامل الاقتصادي والصناعي، والتبادل التجاري والاستثماري.. تحقيق المصَالح العليا للشعوب والمجتمعات والدول تتطلب تضافر الجهود الجماعية من جميع الأطراف الإقليمية والدولية المتطلعة لتحقيق مصالحها العليا بالشكل والأسلوب السليم والصحيح، وهذه المصالح العليا تتضمن بعض أو معظم أو كل المجالات سواءً تلك التي توفر للشعوب أساسيات الحياة كالصحة والتعليم والغذاء والخدمات العامة، أو تلك التي ترتقي بمستوى المجتمعات لتنقلها من مجتمعات بسيطة تعتمد على الأدوات والتقنيات التقليدية إلى مجتمعات متطورة تعتمد في حياتها وأسلوب معيشتها على التقنيات الحديثة والتكنولوجيات النوعية التي تجعل منها مجتمعات متطورة لتميزها عن المجتمعات البسيطة المعتمدة على الأدوات التقليدية، أو تلك التي تساهم في الارتقاء بتصنيف الدول في قوائم التميز العالمية بالتنمية المستدامة التي حققتها، والهوية القومية والوحدة الاجتماعية الصلبة التي وصلت لها، والأمن الوطني المتميز بما يحفظ من حقوق ويحقق السلام الداخلي، والمستوى المتقدم من الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي الذي وصلت له. نعم، إن تحقيق المصالح العليا للشعوب والمجتمعات والدول يتطلب من القائمين عليها الوصول لأعلى مستويات الإدراك ليتمكنوا جميعاً من توحيد الجهود، أو تقارب الاستراتيجيات والخطط، لتتحقق أحلام وتطلعات وآمال شعوبهم ومجتمعاتهم بالتنمية المستدامة والسلام الاجتماعي والاستقرار السياسي والأمني التي تحقق لهم الازدهار والرفاه والرخاء. وبما أن هذه التطلعات العظيمة، الهادفة لتحقيق المصالح العليا للشعوب والمجتمعات والدول، تتطلب رؤى ثاقبة، واستراتيجيات وخطط موضوعة بعناية، ونماذج دولية ناجحة، وقيادات سياسية طموحة تنظر بوعي للواقع المُعاش وتستشرف المُستقبل المنشُود بذكاء وعين بصيرة، فقد وجدت الشعوب والمجتمعات والدول بالمنطقة وخارجها في المملكة العربية السعودية النموذج الذي يُحتذى، والقيادة السياسية البنّاءة بأهدافها، والطموحة برؤيتها، والبصيرة باستشراف المستقبل المحقق للتنمية المستدامة والازدهار والرفاه والرخاء لجميع شعوب المنطقة والعالم. نعم، لقد آمنت وأيقنت شعوب ومجتمعات ودول المنطقة والعالم بقيادة المملكة العربية السعودية للمشاريع التنموية والاقتصادية والصناعية على مستوى منطقة الشرق الأوسط وخارجها انطلاقاً مما حققته المملكة العربية السعودية من مستويات متقدمة جداً في المجالات التنموية والتطويرية والتحديثية، وبما حققته من مراتب متقدمة في التصنيفات العالمية في المجالات الاقتصادية والصناعية والتقنية والتكنولوجية والبيئة والتنظيمية والعدلية والحقوقية وغيرها من مجالات إنسانية وخدمية، مما جعلها قبلة يزورها قادة وسياسي الدول الإقليمية والعالمية، وعاصمة لعقد القمم والمؤتمرات الإقليمية والدولية. وانطلاقاً من هذا الإيمان واليقين بمكانة المملكة العربية السعودية على المستويات الإقليمية والدولية، لبى - وبكل ترحاب - قادة دول مجلس التعاون وقادة دول آسيا الوسطى الدعوة الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - لعقد قمة في مدينة جدة، وحيث لبى قادة الدولة الدعوة الكريمة، جاءت كلمة رئيس القمة ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - معبرة عن أهدافها، والتي بثتها واس في 19 يوليو 2023م، حيث جاء في كلمته - حفظه الله - التالي: "وتأتي قمتنا اليوم امتداداً لهذه الروابط، لتأسيس انطلاقة واعدة تستند إلى ما نملكه من إرث تاريخي، وإمكانات وموارد بشرية ونمو اقتصادي، أسهم في أن يبلغ الناتج المحلي لدولنا ما يقارب (2,3) تريليون دولار، ونتطلع إلى العمل معاً لفتح آفاق جديدة؛ للاستفادة من الفرص المتاحة، للتعاون المشترك في جميع المجالات، أصحاب الفخامة والسمو، إن التحديات التي يواجهها عالمنا اليوم تستلزم بذل جميع الجهود، لتعزيز التعاون بين دولنا لتحقيق الأمن والاستقرار في منطقتنا، وفي هذا الشأن نؤكد على أهمية احترام سيادة الدول واستقلالها وقيمها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وضرورة تكثيف الجهود المشتركة؛ لمواجهة كل ما يؤثر في أمن الطاقة وسلاسل الإمدادات الغذائية العالمية." نعم، لقد تضمنت الكلمة الكريمة لولي العهد العديد من الأهداف والاستراتيجيات والتطلعات والرؤى السَّامية في العديد من المجالات التي بالتأكيد تهُم شعوب ومجتمعات الدول المُجتمعة في القمة، بالإضافة لدول المنطقة جميعها، لأنها تهدف بشكل أساسي لتحقيق تطلعات وآمال الشعوب والارتقاء بمستوى المُجتمعات والدول في مراتب التميز العالمية. وحيث إن الوصول لمراتب المجد العالمية يتطلب العمل الجاد في المجالات التنموية والاقتصادية وتحقيق الأمن والسلم والاستقرار السياسي والاجتماعي، فقد أشارت لها الكلمة الكريمة بشكل مُباشر انطلاقاً من أهمية توحيد الجهود الدولية والتعاون بين دول المنطقة لتعزيز حالة الأمن والسلم والاستقرار السياسي والمجتمعي لأنها السبيل الرئيس حتى تُحقق وتنعم شعوب ومجتمعات المنطقة بالرخاء والرفاه والازدهار الدائم. وتأكيداً على أهمية العمل الجماعي بين دول المنطقة لتحقيق التنمية المستدامة والاستقرار السياسي والمجتمعي، تضمن البيان المشترك للقمة عدد من النقاط، ومنها النقطة الثانية التي تضمنت أنه: "بناءً على القيم والمصالح المشتركة والروابط التاريخية العميقة بين دول مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى، أكد القادة أهمية تعزيز العلاقات السياسية والإستراتيجية بين الجانبين على المستويين الجماعي والثنائي، واستمرار التنسيق السياسي بما يحقق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، ومواجهة التحديات، والعمل على ضمان مرونة سلاسل الإمداد، والنقل والاتصال، والأمن الغذائي، وأمن الطاقة، والأمن المائي، ودفع بناء علاقات التعاون في تطوير مصادر وتقنيات الطاقة الخضراء والمتجددة، وخلق فرص الأعمال التجارية ودعم فرص الاستثمار وزيادة التبادل التجاري." والنقطة السابعة التي تضمنت: "في المجال الاقتصادي، أكد القادة أهمية استمرار بذل الجهود لتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي وتشجيع الاستثمار المشترك،" والنقطة الثانية عشرة التي تضمنت الآتي: "شدد القادة على أهمية تطوير طرق النقل المتصلة بين المنطقتين، وبناء شبكات لوجستية وتجارية قوية، وتطوير أنظمة فعالة تسهم في تبادل المنتجات." والنقطة الثامنة عشرة والتي جاء فيها الآتي: "ناقش القادة القضايا الإقليمية والدولية، حيث توافقت الرؤى حول أهمية تضافر الجهود كافة لتحقيق السَّلام والأمن والاستقرار والازدهار في جميع أنحاء العالم، وأولوية استتباب السلم والأمن الدوليين، من خلال الاحترام المتبادل والتعاون بين الدول لتحقيق التنمية والتقدم، ومبادئ حُسن الجوار، واحترام سيادة الدول وسلامة أراضيها واستقلالها السياسي، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها، والحفاظ على النظام الدولي القائم على الالتزام بمبادئ القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة،". والنقطة التاسعة عشرة التي نصت على الآتي: "أعرب القادة عن إدانتهم للإرهاب أيا كانت مصادره، ورفض جميع أشكاله ومظاهره وتجفيف مصادر تمويله. وعبروا عن عزمهم على تعزيز الجهود الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب والتطرف، ومنع تمويل وتسليح وتجنيد الجماعات الإرهابية لجميع الأفراد والكيانات،". وفي الختام من الأهمية القول إن قمة جدة - يوليو 2023م - التي حضرها قادة إحدى عشرة دولة في المنطقة وجهت رسالة سامية لجميع شعوب ودول المنطقة بأن العمل المشترك والتعاون الجماعي المبني على أُسس الاحترام المتبادل والقانون الدولي سيحقق لجميع شعوب ودول المنطقة مصالحها العليا المتمثلة بالتنمية المستدامة والازدهار والأمن والسّلام والاستقرار السياسي والاجتماعي. نعم، لقد تضمنت مقررات قمة جدة - يوليو 2023م - رسالة صريحة لجميع شعوب ودول المنطقة بأن الأمن والسلام والاستقرار وحل الخلافات بالطرق السلمية سيساهم مساهمة مُباشرة في تعزيز التكامل الاقتصادي والصناعي، والتبادل التجاري والاستثماري، وجذب رؤوس الأموال والاستثمارات الإقليمية والدولية، وتحقيق التنمية المستدامة التي تصعد بمكانة المجتمع والدولة لمصاف دول العالم المتقدم. نعم، إنها رسالة البناء والتعاون والتنمية والأمن والسلام والاستقرار التي تحملها دائماً القمم والاجتماعات التي تستضيفها المملكة العربية السعودية تجاه شعوب ومجتمعات ودول المنطقة والعالم لِتنعم شعوبها ومُجتمعاتها بالرفاه والرخاء والازدهار وبناء مُستقبل مُشرق للأجيال القادمة.