قال سيغموند فرويد مؤسس علم التحليل النفسي: (إن الرغبة في العلاج والخوف من العلاج فكرتان متناقضتان تشد كل واحدة منهما الأخرى.. وهذا التشاد ما يضع المريض تحت هزة نفسية حادة). ولقد قرأت أنه بسبب طفولته القاسية والتنمر الذي تعرض لها أنه قرر استخدام المحادثات مع المرضى في العلاج، مما سمح لهم بالتحدث بعلانية وتغيير رأيهم. ساهمت هذه الطريقة للعالم المشهور على فهم مشكلات المرضى وإيجاد الحلول لها. وتعد زيارة الطبيب النفسي في مجتمعاتنا وصمة عار حتى الآن على الرغم من كل التطور الذي شهده علم النفس خلال السنوات الماضية إلا أن تهمة الجنون تلاحق كل من يعاني اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والقلق والتوتر. ساهمت الضغوط الاجتماعية في خلق صورة نمطية مغلوطة عن الطب النفسي شكلت فوبيا لدى المجتمع جعلته يعيش في دوامة من اليأس والإحباط. وقديماً كانت مدن في بلجيكا تتفاخر باحتضان مرضى نفسيين حيث اشتهرت قبل ستة قرون مدينة غيل البلجيكية «مدينة الجنون» فقد كان سكانها يتمسكون بتقليد فتح بيوتهم لاستقبال المرضى النفسيين الذين كان يقال عنهم: «إن الشيطان مسهم». والحقيقة أن واقعنا اليوم نشهد فيه تجاهلاً للمشاعر؛ فالبعض يدعونك إلى كبت مشاعرك وعدم التعبير عنها علناً والالتزام بالسرية التامة لكي تضع نفسك في صراع نفسي، يتهمونك بالجنون إذا واظبت على زيارة المعالج النفسي، يدعونك إلى نصائح جاهلة لا يقدرون أهمية الطبيب النفسي ويعتبرون أن توجيهاته وإرشاداته بغير فائدة، جدل شائك في المجتمع حول الطب النفسي وتناول العقاقير ومدى فائدتها، وهل تسبب هذه الأدوية الإدمان. في حين كنت في أحد المجالس نتبادل الأحاديث ونناقش حملة وزارة الداخلية لمكافحة المخدرات ومدى أهميتها التي لابد أن تقضي على هذه السموم القاتلة، لابد من إنهاء ثقافة العيب على أن الذهاب إلى معالج نفسي ممن يعانون من صراع نفسي ضرورة حتى لا يقعوا في حفرة سوداء لا يمكنهم الخروج منها بسهولة، وأن من يعاني من اضطرابات نفسية ليس مجنوناً مثل عبسي!