صدر عن "دار الفكر اللبناني" كتاب "الهستيريا وخطاب الجسد" لمؤلفه الدكتور سلمان قعفراني، أستاذ علم النفس في الجامعة اللبنانية، مشكلاً الجزء الرابع من "سلسلة التحليل النفسي الفرويدي"، وهي مشروع استعادة أسس نظرية سيغموند فرويد التي انطلقت قبل قرن من الزمان. والمعروف أن أبحاث فرويد في الهستيريا التي أجراها مع الاختصاصي في علم الأعصاب برويير، أسست لظهور مدرسة التحليل النفسي، خصوصاً بعد نشرهما كتاب "دراسات عن الهستيريا". يستهل قعفراني كتابه بالعودة إلى مصطلح هستيريا وتاريخه قبل فرويد، مثل قول الطبيب اليوناني الأشهر أبوقراط، أنه أعراض تظهر في أجساد النساء منشأها تجوال الرحم أو اختناقه. ثم يعرض نظرة معاصري فرويد إلى هذا الاضطراب النفسي الوثيق الصلة بالمرأة والجنس. ويفصل كيف دخل مؤسس مدرسة التحليل النفسي إلى هذا المرض من خلال المشاركة في علاج خمس نسوة عانين أعراضاً استعصت على كبار إختصاصيي الأمراض العصبية في ذلك الوقت. وأثبت فرويد أنهن يعانين اضطرابات نفسية تسبب أعراضاً جسدية متنوعة، وهو المعنى الأصيل لكلمة هستيريا. وتبدو استعادة قعفراني الهستيريا، وثيقة الصلة بتغييرات معاصرة في العلم والثقافة. ففي الطب النفسي، هناك ميل إلى التشديد على الدور الذي يؤديه الاضطراب النفسي في ظهور أنماط من الشكايات والأعراض الجسدية، وأن هذا الأمر شديد الانتشار في الثقافات والمجتمعات الإنسانية كافة. والحال أن ذلك هو المعنى الذي قصده فرويد أصلاً في مصطلح الهستيريا، الذي تعرض لسوء فهم مديد، ما أدى إلى إفقاده معناه الأصيل و تشويهه. وتصلح استعادة قعفراني لملاقاة الشغف الثقافي الرائج بالجسد وحضوره وثقافته، وهو أمر تؤدي شبكة الإنترنت وجموع الأقنية التلفزيونية الفضائية دوراً مهماً في تعزيزه يومياً، وعلى نحو متواصل. ويعكس الهجس بالصحة الجسدية ومرادفاتها.