في عالمنا الذي فيه نعيش ونعمل اليوم، يواجه المزيد والمزيد من الخريجين صعوبات في المنافسة في سوق العمل، وقد يتطلب الحصول على وظيفة اليوم وقتاً أطول من السابق، ودائماً وليس أحياناً، تكون المشكلة هي في اكتفاء الموظف بتجهيز سيرة ذاتية مكتوبة بإتقان، وباكتفائه بعرض مهاراته وقدراته في السيرة الذاتية، مضافاً إليها خبراته، من دون أن ينتبه إلى قضايا أخرى مهمة لا تقل أهمية عن محتوى السيرة الذاتية، وهي قضية كيف يقدم الفرد نفسه لسوق العمل، وهل يكتفي بمجموعة أوراق مطبوعة تسمى السيرة الذاتية أم أن هناك بعداً آخر جديداً يجب أن يوليه أهمية لا تقل عن اهتمامه بتنسيق وتنميق سيرته الذاتية؟ في الحقيقة، وبسبب متغيرات العصر، وتأثيرات التعليم الحديث على فكر الأعمال، وشيوع وانتشار نماذج بشرية وفردية وإنسانية كثيرة أصبحنا نشاهدها في عالم التوظيف بكثافة بسبب تكنولوجيا الإنترنت، باتت المنافسة على الأفكار، والتنافس على كسب معركة المعايير الأحدث، والمفاهيم الأعمق، بات كل هذا كما ولو أنه يبدو تمثيلاً لأزمة أكثر من كونه دليلاً على قوة الإنسان في سعيه نحو التحسين، ومع ذلك فعنصر التحسين لا يمكن إنكاره هنا، ولهذا بات الشباب الذين انتبهوا مبكراً لهذه التحولات هم الأقدر على التنافس في سوق العمل، فخرجوا مبكراً من سياقات تقليدية في البحث عن وظيفة، وراحوا يعملون على لفت نظر صاحب العمل بطرق كثيرة متنوعة ومبتكرة. توضع أمام صاحب العمل اليوم وفوق مكتبه عشرات السير الذاتية، والكثير منها مليء بالشهادات والخبرات والتجارب المهنية الجيدة، وهذا يدخله في حيرة كبيرة، وبينما يكون جالساً يتأمل تلك الأوراق، ويتنقل ببصره بين سيرة ذاتية إلى أخرى، يلفت انتباهه ذلك الشاب الذي يضع رابط يوتيوب له في سيرته الذاتية ليدعوه إلى مشاهدة مقطع مرئي عنه، حيث ذلك المقطع قد يتحدث فيه الشاب بشكل مباشر ليبرز شخصيته ومهاراته السلوكية التي تبرز ثقته بنفسه ولباقته، أو قد يشاهد مدير التوظيف أو المؤسسة مقطعاً يقدم فيه الشاب نبذة مختصرة أو مطولة حول يوم من أيامه في العمل. من هنا فسيرة ذاتية ورقية واحدة لا تكفي فعلاً اليوم! اليوم يتطلب الأمر سيرة ذاتية مصورة واحترافية. يتطلب الحصول على وظيفة اليوم بذل المزيد من الجهد للفت نظر أصحاب العمل. وكلما كنتَ أكثر قدرةً على إثبات تميُّزك كإنسان وليس فقط كمهني محترف، كلما فتحت لك أبواب عمل أكثر، وكلما أصبحت المفضل في سوق العمل مقارنةً بأقرانك التقليديين.