عندما تم تشخيص طفلتي (أسرار) -شفاها الله- بمرض خطير ومزمن، في البداية شعرت بصدمة وحزن عميق، شعرت حينها بالعجز والضعف أمام هذا الوحش الكاسر الذي يهدد حياتها، قمت أبحث وأقرأ عن مرضها الغامض والذي يطلق عليه (التصلب الحدبي المتعدد TSC) لم أجد سوى معلومات شحيحة عنه، مما زاد حيرتي وزاد قلقي ولم يكن أمامي سوى المضي قدماً برفقة ملهمتي في رحلة طويلة مرهقة مع هذا الضيف الثقيل والدائم الذي يصيب الأطفال منذ الحمل، ويمكن تشخيصه قبل الولادة، وممكن أن يكتشف بعد الولادة أو بعد حدوث النوبات الصرعية في حالات متأخرة، يشخص المصاب به بعد عمل أشعة الرنين المغناطيسي والأشعة المقطعية وتخطيط الدماغ والتحاليل اللازمة لذلك، ويعتبر من الأمراض المزمنة والخطيرة التي تؤثر على جودة حياة المريض وأسرته بشكل كبير جداً. يؤدي هذا المرض إلى تشوهات جلدية وأورام بالقلب وأورام بالدماغ وصرع مستعصٍ وتخلف عقلي وتأخر تنموي وتوحد وأورام بالكلى وأورام بالرئتين ومشكلات بالسلوك ومشكلات بالنظر وتأخر بالنطق والاعتمادية على الغير وأورام متعددة منتشرة بالجسم وتختلف حدته بين المصابين. وجدت نفسي في مواجهة تحديات مرهقة وصعوبات كثيرة، مع معاناة حبيبتي المصابة بهذا المرض الغامض، حيث يتطلب الأمر تقديم الرعاية والاهتمام اللازمين، وتلبية احتياجاتها الصحية والنفسية والاجتماعية، بدأت بعد ذلك رحلة البحث عن العلاج والأطباء المتخصصين بذلك المرض، وقمت بإعادة تنظيم حياتي وحياة عائلتي بشكل مختلف لتلبية احتياجات طفلتي المصابة بذلك المرض الغريب اللعين، شفاها الله وكل مبتلى وأبعده عن كل إنسان. واجهت صعوبات كثيرة في هذه الرحلة، بما في ذلك الضغوط المالية الكبيرة التي ترتبت على العلاج والرعاية الصحية اللازمة، والتي أثرت حتماً على حياتي الشخصية والاجتماعية والمهنية. عانيت من ضغوط نفسية واجتماعية، كنت أشعر بالقلق والتوتر بشأن صحتها ومستقبلها، وكنت أواجه صعوبات شديدة في التعامل مع الأشخاص الذين يجهلون طبيعة مرضها. هذا الضغط النفسي كان يؤثر على صحتي النفسية والجسدية، وجعلني أشعر بالإحباط والاكتئاب. وفي النهاية، آمنت أن رحمة الله عز وجل فوق كل شيء وأني لست وحدي في هذه المعاناة، وأن علي الاهتمام بصحتي النفسية والجسدية والبحث عن الدعم والمساعدة اللازمة لي ولطفلتي، وعلى الرغم من أن هذه المعاناة صعبة، إلا أنها بفضل الله جعلتني أقوى وأكثر تحملاً وتفاؤلاً، وعززت العلاقة بيني وبين طفلتي (أسرار)، وجعلتني أقرب إلى الله عز وجل. وكان علي أن أؤمن أني بمثابة البطل في حياة غاليتي (أسرار) وأن أحارب لأجلها، وأن أقدم لها الدعم والحب والرعاية اللازمة لمواجهة هذا التحدي الصعب. من هنا وبفضل الله وتوفيقه تمخضت فكرة إنشاء وتأسيس أول جمعية أهلية سعودية تُعنى بمرض التصلب الحدبي المتعدد على مستوى الشرق الأوسط والعالم العربي، وأراد الله أن ترى النور وتكون واقعاً ملموساً، وأن يتوج ذلك الإنجاز باسم البطلة الفريدة الرائعة (أسرار) (جمعية أسرار التصلب الحدبي المتعدد). هناك الكثير من أمثال أسرار لديهم قصتهم ولدى كل منهم بطله الخاص. *مؤسس ورئيس مجلس إدارة جمعية أسرار التصلب الحدبي المتعدد/ والد أسرار