يمثل الجهاز العصبي مجموعة من الأنسجة التي تقوم بدور مهم في تنظيم العمليات الفسيولوجية في الكائن الحي، ويعد أكثر أجهزة الجسم تعقيداً، علاوة على تحكمه في وظائف الأجهزة الأخرى الفسيولوجية. وتشكل الأعصاب جزءاً من هذا الجهاز العصبي، فإن أي خلل في هذا يؤثر في شكل سلبي في الأعصاب وبالتالي في الوظائف التي يقوم بها في الجسم. وهناك أمراض عدة تصاب بها الأعصاب ومن أهم تلك الأمراض الصداع بأنواعه والجلطات والصرع والخرف الزهايمر مرض التصلب العصبي المتعدد. وللمعرفة في شكل أوسع حول بعض هذه الأمراض التقينا استشاري أمراض مخ و أعصاب في مركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي الدكتور سعيد بوحليقة ليحدثنا عن مرضى الصرع والزهايمر، وكذلك التقينا استشاري أمراض المخ والأعصاب الأستاذ الدكتور محمد صلاح عبدالجبار ليحدثنا عن الصداع وأنواعه. وعرف الدكتور سعيد بوحليقة الصرع بأنه حدوث نوبات قصيرة ومتكررة قد تكون في صورة فقدان للوعي أو انقباضات متكررة للعضلات أو تغيرات في السلوك ثم تتبعها فترة نوم ثم يعود الطفل طبيعياً. وهو مرض مزمن يختلف عن الأمراض المزمنة الأخرى لكون الطفل طبيعياً في غير الدقائق التي تصيبه التشنجات فيها وهو يصيب 1 في المئة من الأطفال. موجات كهربائية هل هناك أسباب لمرض الصرع؟ يتكون المخ من ملايين الخلايا التي تعمل بالطاقة الكهربائية، فالحركة، والإحساس، والتفكير، والذاكرة، والعواطف كلها ستكون مستحيلة من غير تلك الموجات الكهربائية. فالصرع ينتج عن حدوث موجات كهربائية غير طبيعية فتؤثر في جزء معين من المخ وينتج عنها حركة عنصر معين أو تشمل المخ عموماً فتكون الحركة في الجسم كله. ويمكن تجديد هذه الموجات الكهربائية غير الطبيعية بعمل مخطط للدماغ آي جي إي. وتستغرق نوبة الصرع من 10 - 20 دقيقة ليعود الدماغ إلى وضعه الطبيعي. ويجب خلال هذه الفترة إبعاد الأجسام الحادة أو الصلبة المجاورة للمريض، وعدم محاولة ربط المريض أو منعه من الحركة، وعدم رشقه بالماء في محاولة لايقاف النوبة، والمبادرة بفك الأزرار أو أي لباس يكون ضيقاً حول الرقبة وخلع نظارته إذا كان يرتدي نظارة، المساعدة على اضطجاع المريض على جنبه ووضع شيئ لين تحت رأسه، وتجنب وضع أي شيء في فم المريض من دون إدخال الأصابع في فمه أو إعطائه أي علاج من طريق الفم أثناء فترة النوبة. وفي حال استمرار النوبة أكثر من عشر دقائق يفضل أخذ المريض إلى أقرب مركز للإسعاف، مع محاولة تسجيل أوقات النوبات التي تأتي للمريض، وتسجيل مدة النوبة بالدقائق مع الوصف الذي ظهر فيه المريض أثناء حدوث النوبة منذ حدوثها وكيف يعمل قبل النوبة وأي الأعضاء تحركت وماذا حدث بعد التشنج. مبيناً أن هذه المعلومات مهمة للطبيب المعالج حتى يطلع على وصف النوبة بنفسه. إيقاف العلاج تدريجاً ذكرت أنه أثناء النوبة يجب أن لا يعطى المريض أي نوع من العلاج فهل هناك علاج دائم للصرع أم أنه آني؟ حتى اليوم لا يوجد علاج يستعمله المريض لمدة قصيرة ثم يشفى منه، فالعلاجات كلها تعمل على منع نوبات الصرع أو تقليلها فقط، وفي بعض الأحيان يستمر الطفل لفترة عامين من دون أي نوبات صرع، ففي هذه الحال يتم إيقاف العلاج، ويعمل تخطيط للمخ للتأكد من سلامته، وتكون المحاولة في إيقاف العلاج تدريجياً بحسب إرشادات الطبيب، ويعاد العلاج لو فشلت المحاولة. و يجب استخدام أدوية مرض الصرع بانتظام ودقة ويستغرق أخذ العلاج أحياناً أعواماً عدة، ولا توجد لهذه الأدوية أي أعراض جانبية خطيرة. كما أنها لا تسبب أي حال من الإدمان. و يجب أن لا يتساهل المريض في أخذ العلاج لأن عدم المواظبة عليه قد يؤدي إلى الفشل في التحكم في الصرع. الخلايا العصبية و قبل أن ننتقل إلى الحديث عن مرض الصداع هل لك أن تعرفنا بمرض"الزهايمر"؟ يشكل عدم تجدد الخلايا العصبية للدماغ حكمة إلهية عظيمة يصعب على الإنسان مناّ تصورها، إذ إن عدد هذا النوع من الخلايا يبقى ثابتاً لحكمة أرادها الله وبذلك فهي تختلف عن الكثير من خلايا الجسم القابلة للتجدد مثل خلايا المعدة والأمعاء. وقدر العلماء عدد خلايا الدماغ بمئة مليار خلية بحيث يبقى هذا العدد ثابتاً منذ الولادة حتى بلوغ الشيخوخة، وأن ما يؤكد قول العلماء هو ما يحدث لكبار السن من فقدان الذاكرة وكثرة النسيان، إذ يعود السبب الرئيس لهذه الظاهرة إلى مرض الزهايمر ولقد أشار إليها القرآن الكريم في قوله تعالى الله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئاً إن الله عليم قدير وقال تعالى"كما بدأكم تعودون". ما زال غامضاً و ماذا عن سبب الإصابة بمرض"الزهايمر"؟ إن فقدان قدر معين من الذاكرة مع تقدم العمر هو حال طبيعية. ولكن الزهايمر ليس جزءاً من الشيخوخة وسبب حدوثه مازال غامضاً عند بعض الناس. كما أن الزهايمر ليس هو السبب في كل حالات الخرف وفقدان الذاكرة. فإن السكتة القلبية وتصلب الشرايين الذي يعيق جريان الدم إلى الدماغ قد يؤديان إلى أعراض مشابهة. وتعود 50 في المئة من حالات الخرف أو فقدان التوازن العقلي إلى أسباب أخرى قابلة للعلاج. ويكون تشخيص الحالة بمعرفة أعراض مرض الزهايمر التي تصيب كل مريض بطريقة مختلفة تتعلق بصفات الشخص وتصرفاته قبل الإصابة وأثناءها وهي غالباً ما تكون تدريجية الحدوث على ثلاث مراحل، لكل مرحلة بعض الأعراض. فأعراض المرحلة الباكرة: وهي ترجع إلى تقدم السن يكون هناك صعوبة في التعبير، فقدان ملحوظ في الذاكرة خصوصاً لفترات قصيرة، عدم تقدير قيمة الوقت، نسيان الأماكن المعروفة عنده، صعوبة اتخاذ القرارات أو التردد في اتخاذها، مظاهر من الاكتئاب والغضب، ضعف الرغبة أو التردد في عمل الأشياء. أما أعراض المرحلة المتوسطة والتي يظهر فيها ضعف المريض في ممارسة حياته اليومية، منها: فقدان الذاكرة في شكل حاد ولافت للانتباه وعدم تذكر أسماء الأشخاص المحيطين به، وعجز المريض عن القيام بالأعمال المنزلية ويصبح بطيئاً جداً في القدرة على التحدث والاستيعاب، كما يزداد المريض تعلقاً بالآخرين ويحتاج إلى المساعدة للحفاظ على نظافته الشخصية وارتداء ملابسه وقضاء حاجاته، وتظهر على المريض حال من الهذيان. و يزداد فقدان الذاكرة وحدة التصرفات الشخصية في المرحلة المتأخرة للزهايمر، ومن المؤشرات التي تظهر في هذه المرحلة مصاعب الأكل والتغذية، وعدم القدرة على تمييز الأشخاص القريبين منه، وصعوبة فهم الأحداث وعدم القدرة على الحركة. تخفيف الأعراض وهل يمكن علاج"الزهايمر"في كل مراحله؟ حتى الآن لا يوجد علاج شاف من الزهايمر، لكن توجد بعض العلاجات التي تحد من تفاقم المرض وتحد من تضرر خلايا الدماغ كما أنها تعمل على تخفيف الأعراض وإيقافها فترة من الوقت، مع العلم أن هذا التأثير الإيجابي يتراجع بعد نحو أربعة أعوام من العلاج. الصداع المزمن د. محمد... هل يحتاج الصداع إلى زيارة عيادة طبيب؟ يعتبر الصداع المزمن من أكثر الأمراض شيوعاً في المجتمع وتزيد نسبة مراجعي مرضى الصداع على 50 في المئة من مرضى عيادات الأعصاب المتخصصة و أكثر ما يثير القلق لدى المرضى هو احتمال وجود أورام خبيثة في الرأس تؤدي إلى الشعور بآلام مبرحة في الرأس. و لعل زيارة الطبيب المختص في هذا المجال تعطي إجابة شافية للمريض وقناعة كاملة بعدم وجود أورام خبيثة. الأشعة المقطعية ولكن كيف يمكن للطبيب أن يعطي المريض إجابة شافية بعدم وجود أورام خبيثة عنده؟ يستطيع الطبيب المختص معرفة ذلك من طريق التاريخ المرضي للصداع، فالصداع المزمن لأعوام عدة مع عدم حدوث أعراض مصاحبة يشير إلى ارتفاع الضغط في الرأس كالتقيؤ و ازدواجية النظر و عدم الرؤية الواضحة تطمئن الطبيب إلى أن الصداع بسبب عوامل اضطراب في الأعصاب و الدورة الدموية من دون وجود أورام. والفحص السريري يدل على مؤشرات سريرية إلى ارتفاع الضغط في الرأس واحتمال وجود أورام مثل الضغط على عصب العين وضعف في حركة العين إلى الجانبين، إضافة إلى وجود تغيرات في القوة أو رد فعل عند المريض، ففي حال عدم وجود هذه المؤشرات فإن ذلك يعطي الطبيب المعالج اطمئناناً إلى أن أسباب الصداع حميدة. والأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي للرأس، كثيراً ما يلجأ الطبيب إلى طلب هذا النوع من الفحوصات لتأكيد أشياء إيجابية يراها في التاريخ المرضي للصداع أو الفحص السريري أو يقوم بعملها حتى يطمئن المريض بصورة موثقة و مؤكدة. هجمات متكررة و متى يعتبر الصداع مزمناً، و هل له أنواع؟ و الصداع المزمن هو ما يصيب المريض لثلاثة وستة أشهر، ويأتي في شكل هجمات متكررة يتراوح حدوثها كل يوم أو أسبوع أو حتى شهر، أما الصداع المزمن الذي تكثر رؤيته في عيادة الأعصاب فهو الشقيقة وهو صداع نصفي أو كلي يكون الألم على هيئة نبض يصاحب أحياناً بالغثيان والاستفراغ وعدم القدرة على النظر مباشرة إلى الضوء، وهذا النوع من الصداع يصيب النساء وخصوصاً في مقتبل العمر ويأتي الصداع على شكل نوبات تحدث بصورة متفاوتة وقد تكون لها علاقة مباشرة بالدورة الشهرية. وأكدت الدراسات أن سبب هذا الصداع هو تغيرات كهربائية داخلية تؤدي إلى توسع الشرايين في مناطق مختلفة بالرأس وينتج عن ذلك الصداع الحاد. كذلك صداع التوتر، وهو صداع أكثر شيوعاً من الشقيقة ويأتي بطرق مختلفة وأشكال متفاوتة ويصعب للمريض تحديد مكانه وصفته وقد ينتج عن اضطرابات نفسية أو تغيرات عضلية في منطقة العنق وعادة ما يصاحب بشعور بالدوران و قلة النوم و تغيرات نفسية. وهل هناك أنواع أخرى للصداع؟ هناك أنواع أخرى من الصداع المزمن مثل التهاب الجيوب الأنفية المزمن وهناك صداع ناتج عن ارتفاع ضغط الدم وبعض الأنواع النادرة الحدوث كصداع الهجمات وغيره. و أخيراً فإن الطبيب المختص يستطيع الوصول إلى التشخيص النهائي بدقة عند أخذ المعلومات التفصيلية من المريض وإجراء الفحص السريري الدقيق. وكل أنواع الصداع يستجيب للعلاجات المتخصصة ونقلل من استخدام المسكنات التي قد يكون لها أثر سلبي في صحة المريض. وتشكل الأسرة مصدراً أساسياً لدعم مقدمي الرعاية، بينما تكون عند البعض الآخر مصدر حزن إذا اقتصر دور أفرادها على النقد فقط وذلك لعدم تفهمهم عواقب المرض. وأي مرض يصيب الإنسان في شكل أو آخر يؤثر في أسلوب حياته، ومن هنا يجب أن يكون المريض على دراية جيدة بمرضه حتى يتمكن من التعايش والتأقلم معه، فمستقبله يعتمد على مدى رؤيته لمرضه ومدى ثقته بنفسه. ارشادات ونصائح لكل أم وأب لديه طفل مصاب بالصرع والزهايمر اشرح لطفلك طبيعة مرضه بطريقة مبسطة، أجبه عن أسئلته بدقة وبصراحة، فلا تشك في أن طفلك يتساءل لما يزور الطبيب بكثرة مقارنة بإخوته. إحذر تعويده على الخجل من مرضه ولا تشعره بأنك تخفي مرضه عن أحد ولا تطلب منه أن يخفي مرضه عن زملائه وأصدقائه. لا تعامل طفلك المصاب بالصرع معاملة تختلف عن إخواته على الإطلاق ولا تشعر اخوته بأنك تعامله معاملة خاصة نتيجة لمرضه. اشرح لإخواته وإخوانه عن مرضه وطبيعته فقد تكون لديهم بعض المخاوف على أخيهم وأنه مرض معدٍ أو وراثي. أخبر المدرسة عن مرض طفلك وعن الكيفية التي يتصرف بها عند إصابة الطفل بالنوبة وعن الأدوية وكميتها. لا يسمح للطفل المصاب بالصرع بالسباحة في المياه العميقة تجنباً لحدوث نوبات صرع أثناء السباحة. يجب ألا يقفل المرض المصاب بالصرع باب الحمام أو الغرفة على نفسه وذلك تسهيلاً لمساعدته لو حدثت له نوبة صرع وهو وحده. يفضل أن يكون لابنك المصاب بالصرع طبيب واحد يتابع حالته، فمرض الصرع يتطلب المتابعة والاستمرار والانتظام في أخذ العلاج، وتجنب التنقل من طبيب لآخر. أما أهم الإرشادات التي يجب مراعاتها لملاءمة وضع مريض الزهايمر: تحديد أسلوب ونمط حياة روتيني وطبيعي للمريض، والبعد من الصدمات النفسية والجسدية. لا تعيروا أي اهتمام لتصرفاته وحافظوا على جو من الهدوء وعدم إظهار الغضب لأنه يزيد الوضع سوءاً. تشجيع المريض على الحفاظ على اللياقة البدنية التي تساعده في الحفاظ على قدراته الجسمانية والنفسية. اظهار المحبة والحنان تجاه المريض، باحتضانه مثلاً إذا كان ذلك يريحه ويرضيه، والتكلم ببطء ووضوح عند مخاطبته. يمكن لمريض الزهايمر ان ينسى الاستحمام أو انه قد لا يشعر بالحاجة إليه أو انه لا يتذكر كيفية الاستحمام، في وضع كهذا من المهم الحفاظ على مشاعر المريض وكرامته عندما نعرض عليه أي مساعدة. قد ينسى المريض عملية اللباس أيضاً فاحرصوا دائماً على تشجيعه على ارتداء ملابسه وحده. يمكن لمريض الزهايمر أن يفقد قدرته على الطبخ وتحضير وجباته فينصح بعدم ترك المريض وحده لأن هذا يسبب مشكلات عدة. يعاني مريض الزهايمر من القلق في ساعات الليل ما يسبب الإزعاج لبقية أفراد العائلة، وهذه تعتبر مشكلة مزعجة بالنسبة إلى المحيطين به.