الناس يستهلكون موارد الأرض الطبيعية، بمعدل يفوق ما نسبته 70 % من قدرة الأرض على تجديدها، ووفق منظمة (الفاو) الأممية، فالمأكولات التي يتم التخلص منها سنوياً، تنتج ثلاثة مليارات وثلاثمائة مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.. في الأسبوع الجاري، وبحسب المنظمة الدولية للأرصاد الجوية، ستزور القبة الحرارية المملكة ضمن سبع دول عربية، وسيصل متوسط درجات الحرارة فيها إلى 48 درجة مئوية، ولمدة تتراوح ما بين يومين إلى سبعة أيام، وذلك بفعل التغير المناخي والاحتباس الحراري، وصحيفة نيويورك تايمز الأميركية نشرت تقريراً في عام 2022، تناولت فيه مخاطر التغيرات المناخية على 193 دولة، وأوردت أنه وعلى غير العادة، ظهرت وديان صغيرة من الثلج المذاب في الجنوب السعودي، ويرى المختصون أن (مربعانية) الشتاء المعروفة عند أهل الجزيرة، كانت ساكنة بلا رياح قبل ثلاثين عاماً، ولكن رياحها أصبحت لا تهدأ في الأعوام الأخيرة، وهم يحيلون السابق لأسباب مناخية غير معتادة، والمسألة عميقة ومعقدة، فرحلة الشتاء والصيف المذكورة في القرآن الكريم قائمة على مقومات مناخية، والحروب لا تبدأ إلا وفقاً لمعطيات عن المناخ لإنجاز أهدافها. التفاعلات الكيميائية في جسم الإنسان، تحتاج إلى درجات حرارة معينة حتى تحدث، فما يتم في الكبد والكليتين والجهاز العصبي، يتم في درجات حرارة محددة، وإذا تغيرت أو ارتبكت بسبب ضربة الشمس أو الضربات الحرارية، فإنها تؤدي إلى تدهور كبير في وظائف هذه الأعضاء قد ينتهي بالوفاة، ما يفسر وفيات الحرارة العالية في أكثر من دولة، بخلاف أن المنطقة العربية تعيش حالة جفاف تعتبر الأسوأ منذ 500 عام، والجفاف لا يتوقف عند تناقص مصادر المياه الصالحة للاستهلاك الآدمي، ولكنه يتسبب في ارتفاع تركيز الأملاح وجزيئات المعادن الثقيلة والميكروبات التي تعيش فيها، ما يعني شرب مياه بكميات أقل وبتركيز أعلى للميكروبات والمواد الضارة، وهذا يؤدي إلى أمراض خطيرة كشلل الأطفال والالتهاب الكبدي من النوع الأول، مع ملاحظة أن الناس لا يستهلكون إلا 33 % من الماء والبقية تذهب للمزروعات والمحاصيل، والثانية تنتقل أمراضها لمن يتناولها. انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري، ومسؤوليتها في التغيرات المناخية العالمية، عرفت منذ أكثر من 45 عاماً، واللافت أنها كانت بطلب من شركات النفط الأميركية نفسها، فلم تكن عبارتا الاحتباس الحراري وأزمة المناخ حاضرتين في ذلك التاريخ، ولكنها تكتمت عليهما، تجنباً لدفع ضرائب على الكربون أو تقييد أنشطتها، إلى أن كان التصريح بهما من قبل معهد غودارد لدراسات الفضاء، التابع لوكالة ناسا الأميركية عام 1988، في لجنة للكونغرس الأميركي، وشركات النفط لم تستسلم، فقد صرفت إحداها ما بين عامي 1998 و2014، أكثر من ثلاثين مليون دولار، لتمويل الباحثين والمراكز البحثية المنكرة لأزمة المناخ، والمشككة في الأبحاث التي تربط بين الوقود الأحفوري والاحتباس الحراري، وكذلك قامت شركات النفط الأميركية مجتمعة، بصرف 200 مليون دولار سنوياً، على أنشطة الضغط السياسي المعارضة للاعتراف بأزمة المناخ، وعندما حشرت في زاوية وضعت أحمالها على المستهلك، وقالت: إنه يفضل منتجات تعتمد في تشغيلها أو إنتاجها على النفط والغاز ومشتقاتهما. في الواقع الناس يستهلكون موارد الأرض الطبيعية، بمعدل يفوق ما نسبته 70 % من قدرة الأرض على تجديدها، ووفق منظمة (الفاو) الأممية، فالمأكولات التي يتم التخلص منها سنوياً، تنتج ثلاثة مليارات وثلاثمائة مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، أو أكسيد النيتروز في المنتجات الزراعية، وغاز الميثان في اللحوم، ويستغنون عن قرابة 92 مليون طن من الملبوسات أو المنسوجات، وصناعة الأزياء منفردة تتحمل ما نسبته 10 % من انبعاثات الكربون. المملكة أقامت مركزاً إقليمياً جديداً لدراسات التغير المناخي، وهو سيفيد بالتأكيد في الخروج بأبحاث وإحصاءات موثوقة ودقيقة، وتحديداً فيما يخص الأحوال الجوية المتطرفة، واحتمالات حدوثها على المستويين المحلي والإقليمي، ومعه مبادراتا السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، ومراكز الالتزام البيئي في وزارة البيئة، وكل هذه الأعمال تحتاج إلى فهم مجتمعي يستوعب تفاصيلها، كالأضرار البيئية المترتبة على الاحتطاب الجائر والهدر الغذائي، وما سينتج عن الاحترار من ارتفاع في فاتورة الكهرباء وإتلاف للمحاصيل، ودوره المباشر في نفوق الكائنات التي لا توجد مكيفات تحميها من ارتفاع درجة الحرارة، ومنافع إحلال الطاقة المتجددة والنظيفة محل الوقود الأحفوري. بالإضافة إلى التفكير في بناء مظلات عملاقة فوق الأحياء، باستخدام أعمدة الإنارة المرتفعة في الشوارع، وبحيث تفتح صباحاً وتغلق مساءً بطريقة آلية، وتعطي الفرصة لعبور 10 % من أشعة الشمس، وهذه كافية لخفض درجات الحرارة بمعدل 12 درجة مئوية، والمحافظة على الغطاء النباتي، وكل ما سبق سيسهم في اعتدال درجة الحرارة، وتحقيق امتصاص أكبر لثاني أكسيد الكربون، وبالتالي خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، خصوصاً أن الخبراء أكدوا أن الرقم الذي حدده مؤتمر باريس للمناخ في 2015، وهو درجة ونصف مئوية من المرجح أن يصله العالم في 2026 أو بعد ثلاثة أعوام، والسبب ظاهرة النينيو التي لم ترفع درجة حرارة الصيف منذ 1970 إلا في 2016، ومن ثم عاودت رفعها مجدداً في 2023.