توجه أوروبي لاستثناء مواطني الخليج العربية من تأشيرة «شنغن» افتتاح مكتب لصندوق الاستثمارات في باريس ليعكُسَ ثقة المملكة في حيويّة الاقتصاد الفرنسي تعاون إنشاء متحف للفن المعاصر وقرار لإنشاء مركز ثقافيّ وفنيّ سعودي - فرنسي أوضح لودوفيك بوي سفير فرنسا في المملكة العربية السعودية إن زيارة صاحب السموّ الملكيّ الأمير محمّد بن سلمان وليّ العهد رئيس مجلس الوزراء، الشهر الفائت إلى فرنسا، مثلت مرحلةً تاريخيّة من علاقتنا. وتشهدُ على أهمية الصداقة الاستراتيجية بين بلدينا، حيث استقبل رئيس الجمهورية الفرنسية السيّد إيمانويل ماكرون، سمو وليّ العهد في قصر الإليزيه في 16 يونيو 2023، ليكون لقائهما هذا هو الرابع في أقل من سنة، بعد زيارة وليّ العهد إلى فرنسا في يوليو 2022 ولقاءاتهما في بالي وبانكوك في نوفمبر 2022. وكشف السفير لودوفيك بوي في حوار موسع مع (الرياض) بمناسبة اليوم الوطني لفرنسا الذي يصادف يوم 14 يوليو من كل عام، عن حجم العلاقات القوية التي تربط المملكة وفرنسا في كافة المجالات، وقال: «إن العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية بين فرنسا والمملكة العربية السعودية قويّة جدًا، ولدى بلدينا هدفٌ مشترك لتعزيزها. وهذا ما أكّده رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وليّ العهد خلال زيارته الأخيرة إلى فرنسا في يونيو 2023». وبين السفير الذي عرف بعلاقاته الواسعة في المجتمع السعودي وزيارته لمدن وقرى المملكة، حيث يقول زرت الدرعية، والدمام، وجدّة، وأبها، والطائف، والعلا. لكلّ منطقة رونقٌ يسحر كلّ من يزورها. من الفنون، إلى الأزياء، والهندسة وفن الطبخ وحتى بعض اللهجات المختلفة من مكان إلى آخر، كلها تشكّل غنى أرض المملكة وتنوّعها. غير أنني لا أخفي عنكم أنني سعيد جدًا بالإقامة في عاصمة المملكة الرياض، هذه المدينة التي تشهدُ تحولًا استثنائًيا، فنرى فيها الحداثة والعراقة في الوقت نفسه، وأصبحت الرياض اليوم مركزًا عالميًا من الطراز الأول للأعمال والرياضة والثقافة، تمكّنت بدمج أحدث التقنيات مع إرثها النجديّ. وفي الجانب الثقافي أوضح أن هناك تعاون إنشاء متحف للفن المعاصر فريد من نوعه في العلا، وهناك ايضاً قرار مشترك لإنشاء «فيلا الحجر»، مركزٌ ثقافيّ وفنيّ سعودي - فرنسي، وأضاف: «خلال الأشهر الأخيرة، احتفلنا معًا بالعديد من النجاحات، أولًا الاحتفال بعشرين سنة من التعاون الفرنسي السعودي في مجال الآثار، الّذي ابتدأ في الحجر سنة 2022». وإلى تفاصيل الحوار: * ما مدى انعكاس زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى فرنسا في 16 يونيو؟ * في 14 يوليو 2023، العيد الوطني الفرنسي، الّذي نحتفلُ به في فرنسا وفي العالم، وبالطّبع في المملكة العربية السعودية، يُسعدّني جدًا أن أشيد بحيويّة العلاقة الفرنسية السعودية التي لم يسبق لها مثيل. إن زيارة صاحب السموّ الملكيّ الأمير محمّد بن سلمان وليّ العهد رئيس مجلس الوزراء، الشهر الفائت إلى فرنسا، على مدى أسبوعين، على رأس وفدٍ وزاريّ رفيع المستوى، تشكّل مرحلةً تاريخيّة من علاقتنا. وتشهدُ على أهمية الصداقة الاستراتيجية بين بلدينا. واستقبل رئيس الجمهورية الفرنسية السيّد إيمانويل ماكرون، صاحب السموّ الملكي وليّ العهد في قصر الإليزيه في 16 يونيو 2023، ليكون لقائهما هذا هو الرابع في أقل من سنة، بعد زيارة وليّ العهد إلى فرنسا في يوليو 2022 ولقاءاتهما في بالي وبانكوك في نوفمبر 2022. واستعرض رئيس الجمهورية ووليّ العهد مطوّلًا سُبُل تعزيز الشراكة الاستراتيجية الفرنسية السعودية وناقشا المسائل الإقليمية والدّولية التي يتّفق عليها بلدَينا في القراءة والتحليل والاهتمام. وفي هذه المناسبة أطلقت فرنسا والمملكة العربية السعودية العديد من مجالات التعاون الجديدة والطموحة. كما شرّفنا صاحب السموّ الملكي وليّ العهد بحضور القمّة من أجل ميثاق مالي عالمي جديد، التي عُقِدَت في باريس في 22 و23 يونيو، بمبادرةٍ من رئيس الجمهورية الفرنسية. وبحسب ما قاله الرئيس إيمانويل ماكرون: "لا ينبغي لأي دولة أن تختار بين الحدّ من الفقر وحماية الكوكب: يجبُ علينا مواجهة هذين التحديَين في وقتٍ واحد". وهنا أيضًا نشاطر مع المملكة العربية السعودية رؤية التطوير نفسها والحّدّ من عدم المساواة. لقد أصبحت المملكة لاعباً أساسيًا في العمل الإنساني والمساعدة على التنمية. وفرنسا سعيدة جدًا بالعمل معها لمكافحة تغيّر المناخ وللحدّ من عدم المساواة. رسالة رئيس الجمهورية الفرنسية وصاحب السموّ الملكي وليّ العهد واضحة: معًا، يمكننا تخطّي التحديات العديدة التي تواجه كوكبنا والنظام الدّولي. بفضل توافق رؤيتَينا للمستقبل، رؤية السعودية 2030 وخطّة فرنسا 2030، يمكننا بناء عالم أفضل، أكثر ازدهارًا، وأكثر استدامة، لشبابنا ولأجيال المستقبل. *ما حجم التبادل التجاري بين البلدين، وكيف ترى فرص الاستثمار المشتركة؟ * إن العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية بين فرنسا والمملكة العربية السعودية قويّة جدًا، ولدى بلدينا هدفٌ مشترك لتعزيزها. وهذا ما أكّده رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وليّ العهد خلال زيارته الأخيرة إلى فرنسا في يونيو 2023. في إطار هذه الزيارة، جرت سلسلة من اللقاءات الوزارية أسهمت في تعزيز شراكتنا الاستراتيجية في مجالات أساسية. استعرضَ معالي السيد أوليفيه بيشت، وزير التجارة الخارجية والاستقطاب والفرنسيين في الخارج، مع معالي وزير الاستثمار خالد الفالح، فرص تعزيز شراكتنا الاقتصادية في قطاعات الطاقة، والنقل، والتكنولوجيا الجديدة، والصحة، والسياحة، والثقافة، استكمالًا لمحادثاتهما خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية في شهر ديسمبر الماضي. كما التقى معالي السيّد جان نويل بارو وزير المجال الرقمي، معالي وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السيد عبد الله السواحة، لتطوير شراكتنا في إطار الانتقال في المجال الرقمي في بلدينا. وانعقَد في 19 يونيو 2023 منتدى الاستثمار الفرنسي السعودي، الّذي نظّمته Medef International، والّذي ضمّ سياسيين وممثلّين عن الشركات في باريس. وحضر الحدث معالي وزير الاستثمار خالد الفالح إلى جانب معالي الوزير أوليفيه بيشت. وتكلّل المنتدى بتوقيع 24 مذكرة تفاهم واتفاق استثمار بقيمة 2،9 مليار دولار، وهذا الأمر يمّهد لتوقيع العديد من العقود الأخرى. وُقّعَت هذه المذكّرات بين مؤسسات خاصة وعامة فرنسية وسعودية، وغطّت العديد من المجالات مثل الطاقة والدفاع والاتصالات. كما تمّ مؤخّرًا، في 24 يونيو الماضي، توقيع عقود هندسة وبناء بين أرامكو وتوتال إنيرجيز بقيمة 11 مليار دولار، لمجمّع أميرال للبتروكيماويات على مستوى عالمي مدعوم من مصفاة ساتورب في الجبيل. ومن المقرّر أن يبدأ البناء في 2023، وانطلاق العمليات التجارية في 2027. وأيضًا في مجال الطاقة، قامت السيدة آنياس بانييه روناشيه، وزيرة التحوّل في مجال الطاقة، بزيارة إلى المملكة العربية السعودية حيث شاركت مع صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وزير الطاقة، في منتدى فرنسي - سعودي من أجل الهيدروجين. أما في مجال الاستثمار، التقى معالي السيد برونو لومير وزير الاقتصاد والمالية في يونيو في باريس معالي وزير الاستثمار خالد الفالح ومعالي محافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي السيد ياسر الرميان ومعالي وزير الصناعة والثروة المعدنية السيد بندر الخريف، بعد أشهر قليلة من اجتماعاتهم في الرياض في يناير الماضي، حيث ناقشوا أوجه التقارب بين رؤيتنا لعام 2030. تعالج "فرنسا 2030" التحديات الكبيرة التي تواجهنا اليوم، ولا سيما التحول البيئي، من خلال خطة استثمارية ضخمة تسلطّ الضوء على روّاد تكنولوجيا الغد وتواكب الانتقال في قطاعات التمّيز: الطاقة، المركبات، والطائرات والفضاء. وجاء قرار صندوق الاستثمارات العامة السعودي بفتح مكتب له في الوقت القريب في باريس، ليعكُسَ ثقة المملكة في حيويّة الاقتصاد الفرنسي. كما تدعمُ فرنسا رؤية السعودية 2030 الطموحة. حيث قدّمت الشركات الفرنسية خبرتها ودرايتها للإسهام في توطين الإنتاج وتدريب النخبة السعودية، في خدمة مشاريع التنوّع الاقتصادي الكبرى في المملكة. إنها علاقة مربحة للطّرفين. على الصعيد التجاري، وفقًا لبيانات الجمارك الفرنسية، بلغت تجارة السلع (باستثناء المعدات العسكرية) بين فرنسا والمملكة العربية السعودية 10.8 مليارات يورو في عام 2022، بزيادة كبيرة بنسبة 74% خلال سنة واحدة. وزادت صادراتنا بنسبة 41% لتصل إلى 4 مليارات يورو، ويعود ذلك بشكل أساسيّ إلى عمليات شراء الطائرات التي بلغت قيمتها 1.6 مليار يورو (+85% خلال سنة واحدة). أما بالنسبة للصادرات الرئيسة الأخرى فقد زادت بنسب تراوحت بين 30% و20%. وصلت وارداتنا من المملكة العربية السعودية إلى 7 مليارات يورو، بزيادة قوية جدًا بلغت 109%، ويعود ذلك لمشترياتنا من المنتجات البترولية المكررة والخام (96% من الإجمالي). في عام 2022، وفقًا لبيانات الهيئة السعودية العامة للإحصاء، أصبحت فرنسا العميل الثالث عشر للمملكة العربية السعودية، حيث تقدّمت بذلك 4 مراتب في سنة واحدة. أما في ترتيب الدول الموردة للمملكة العربية السعودية، تحتل فرنسا المرتبة 11 وتستحوذ على حصة من السوق تبلغ حوالي 2.3% من إجمالي الواردات السعودية. غير أنّ العلاقات بين فرنسا والمملكة العربية السعودية أعمق بكثير وأكثر استراتيجية من الميزان التجاري بينهما. تسعى حكومتانا بشكل مكثف إلى تحقيق طموحهما المشترك للارتقاء بعلاقاتنا القوية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية. * كيف تقيم التنسيق السعودي الفرنسي فيما يخص قضايا المنطقة خاصةً والقضايا الدولية على وجه العموم؟ * تابعَت وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية معالي السيّدة كاترين كولونا مع نظيرها السعودي، صاحب السموّ الأمير فيصل بن فرحان، في باريس، المشاورات التي بدآها خلال زيارتَي السيّدة كولونا إلى المملكة في فبراير وبداية شهر يونيو. إن تحليلاتنا متطابقة حول أوكرانيا، وإيران، واليمن، ولبنان، والعراق، والسودان، والنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي. بفضل تواصلنا المنتظم، أسّسنا شراكات في جميع المجالات، وهذا يعود أيضًا لقراءتنا المتطابقة للمشهد الدّولي، واهتماماتنا المشتركة. * سجلت السياحة في السعودية أرقام نمو كبيرة. ما مدى اهتمام الشعب الفرنسي في السياحة السعودية؟ في المقابل ماهي التسهيلات التي تمنح للسائح السعودي للسياحة في فرنسا، خاصة أنها من اوائل الدول في حجم السياحة عالمياً؟ * يمكنني أن أقول لكم أن أنظار العالم بأسره متجّهة نحو المملكة العربية السعودية. سفارة فرنسا وأنا شخصيًا حريصان على إبراز كنوز المملكة العربية السعودية أمام الفرنسيين، من خلال ترويج ثقافتها، وإرثها الاستثنائي، وطبعًا أغلى ما تملكه المملكة وهو الشعب السعودي وكرم ضيافته الفريد من نوعه. والتقت معالي وزيرة الثقافة الفرنسية السيّدة ريما عبدالملك مع نظيرها السعودي صاحب السموّ الأمير بدر بن فرحان، الّذي استقبلها في الرياض في شهر مارس. شكّل هذا اللقاء فرصةً للإشادة بحيويّة تعاوننا الثقافي، لا سيما نجاح شراكتنا الاستثنائية في العلا. اسمحوا لي هنا أن أقول كلمة عن هذه الشراكة الفريدة، التي عقدناها منذ 2018 لتطوير منطقة العلا بطريقة مستدامة ومبتكرة. هذا مثال رائع على ما يمكننا أن ننجزه معًا. خلال هذه الأشهر الأخيرة، احتفلنا معًا بالعديد من النجاحات، أولًا الاحتفال بعشرين سنة من التعاون الفرنسي السعودي في مجال الآثار، الّذي ابتدأ في الحجر سنة 2022. هذا بالإضافة إلى الشراكة بين مركز الفنون والثقافة الوطني جورج بومبيدو والهيئة الملكية لمحافظة العلا الّذي سيؤدي إلى إنشاء متحف للفن المعاصر فريد من نوعه في العلا. والقرار المشترك لإنشاء "فيلا الحجر"، مركزٌ ثقافيّ وفنيّ فرنسي- سعودي، سيضع العلا في قمّة الإبداع المعاصر في الشرق الأوسط. من ناحية أخرى، فرنسا لا تزال في طليعة الوجهات المفضلة لدى السعوديين. والاتحاد الأوروبي في صدد دراسة موضوع استثناء مواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من التأشيرة، وفرنسا تدعم بقوّة مسعى المملكة العربية السعودية. في انتظار اتخاذ قرار نهائي في هذا الشأن، تقدّم سفارة فرنسا في الرياض والقنصلية العامة في جدّة ما بوسعها لتسهيل إصدار التأشيرات للمواطنين السعوديين. وقد لاحظنا طلب كبير على التأشيرات إلى فرنسا هذه السنة، ما يشير إلى شغف السعوديين بفرنسا. وانا سعيدٌ جدًا أن فرنسا هي واجهة السعوديين المفضلّة بين دول شانغن. * يعتبر السفير الفرنسي من أكثر السفراء نشاطاً وتنقلًا بين مناطق المملكة. حدثنا عن هذه التجارب، وكيف وجدت الشعب السعودي؟ o لقد زرت بالفعل العديد من المواقع السياحية والتقيت بالعديد من السعوديين من مختلف المناطق الرائعة، منذ وصولي إلى المملكة العربية السعودية. إن هذه الأرض تزخر بكنوزٍ أثرية لا تقدّر بثمن. في الدرعية، والدمام، وجدّة، وأبها، والطائف، والعلا. لكلّ منطقة رونقٌ يسحر كلّ من يزورها. من الفنون، إلى الأزياء، والهندسة وفن الطبخ وحتى بعض اللهجات المختلفة من مكان إلى آخر، كلها تشكّل غنى أرض المملكة وتنوّعها. غير أنني لا أخفي عنكم أنني سعيد جدًا بالإقامة في عاصمة المملكة الرياض، هذه المدينة التي تشهدُ تحولًا استثنائًيا، فنرى فيها الحداثة والعراقة في الوقت نفسه. أصبحت الرياض اليوم مركزًا عالميًا من الطراز الأول للأعمال والرياضة والثقافة، تمكّنت بدمج أحدث التقنيات مع إرثها النجديّ. وطبعًا لا يسعُني سوى أن أتحدّث عن ديناميكية الشعب السعودي، لا سيما الشباب منهم والشابات، الّذين يعملون بحزم وعزم من أجل مملكة الغد. وكم يسعدني اكتشاف، أينما ذهبت، مدى اهتمام الشعب السعودي وحبّه لفرنسا. هل من هدية أفضل بمناسبة اليوم الوطني الفرنسي؟ السفير لودوفيك بوي في حواره مع الزميل خالد الربيش (عدسة/ بندر بخش) السفير لودوفيك بوي في حديثه ل«الرياض» بمناسبة اليوم الوطني لبلاده السفير الفرنسي يطلع على العدد الأول من صحيفة الرياض