لفتت الفنانة ريم الغامدي الأنظار بحضورها القوي في مسرحية «الغريب عوّد» باعتبارها أول امرأة تصعد الخشبة لتؤدي دور المرأة التي وقع عليها جور المجتمع والعادات والتقاليد قبل أن ينصفها القرار السياسي الذي كفل حقوقها الكاملة في الحضور في الفضاء العام كرقم مهم في مسيرة التنمية المعالجة، وذهبت نحو شكل المسرح التسجيلي لتكون هي الوعاء الذي ظهر فيه العرض المسرحي ليستقبله المتابعون بمشاعر الرضا التام وسط هذه الأجواء المشعة بالبهجة، التقينا الفنانة ريم في هذا الحوار لنناقش معها الحالة الإبداعية التي تعيشها ونتناول تجربتها المسرحية، فإلى الحوار: * في البداية، حدثينا عن علاقتك بالمسرح كيف بدأت، ومتى شعرت أنك مأخوذة بهذا الفن ومتى بدأت فعلياً الممارسة المسرحية؟ * علاقتي بالمسرح ليست حديثة عهد، فأنا مهتمة بالمسرح وشغوفة كمتابعة ومحبة لهذا الفن العريق، وكان لي اهتمام وحب ولكن مجتمعنا لم يكن متقبلاً لفكرة وجود المرأة على خشبة المسرح، وكنت أحاول الوصول إلى المسرح من خلال ابنتي الطفلة ريفان التي تمتلك نفس الشغف والحب للمسرح، حتى جاء هذا العهد الزاهر والرؤية المباركة لسمو سيدي ولي العهد - حفظه الله -، والتي مكنت المرأة وعززت وجودها في كافة المجالات. * لماذا اخترتِ المسرح كوسيط تعبيري رغم وجود خيارات أخرى مثل الفن التشكيلي والكتابة بمختلف أجناسها؟ * المسرح أبو الفنون، وفي رأيي أن المسرح يجمع كل الفنون في صندوقه، كما أن لي هوايات أخرى احتلت جزءاً كبيراً من اهتمامي كالصحافة والإعلام والتأثير في مواقع التواصل الاجتماعي، وهي التي بلا شك كان لها الفضل بعد الله في الانتشار والمتابعة. * هل تخيلت ريم أنها ستقف يوماً على المسرح في عرض مسرحي إلى جانب شقيقها الرجل؟ * كما أسلفت فنحن نستظل برؤية سمو ولي العهد التي جعلتنا نمارس اهتماماتنا وشغفنا، ووجودي بجانب الرجل في عرض مسرحي هو مكمل وهو الجزء المفقود من النص الذي أمليته. * بدوتِ مقنعة جداً وأنت تؤدين دور (الزوجة) في عرض "الغريب عوّد" في جميع مراحله حتى إن أكثر المتابعين لم يقتنع أنه الظهور الأول لكِ مسرحياً؟ * كان لي شرف المشاركة في يوم التأسيس من خلال عرض مسرحي جسدت فيه شخصية تاريخية وأحسست حينها بتقبل الجمهور لفكرة ظهوري على خشبة المسرح. * من اختار لك هذا الدور؟ * يبدو أن مؤلف ومخرج العمل عمر آل جميع رسم في مخيلته هذا الدور والذي ينسجم مع شخصيتي واختارني قبل أن يكتب النص، وعرض عليّ فكرة الظهور مجددًا مع ابنتي ريفان في مسرحية "الغريب عوّد" وهذه المسرحية تحكي التحولات التي شهدتها المرأة في جيل الصحوة وما كانت عليه في العصور القديمة وتمارس فيه حياتها الطبيعية، ثم عهد النهضة والتمكين الذي أعاد وجود المرأة كشريك في المجتمع والتنمية. * ما الذي دفعك للقبول به؟ * دفعني للقبول جودة النص والدور الكبير الذي حظيت به، والذي يمثل كل امرأة سعودية عاشت فترة الصحوة المظلمة وفي هذا العهد الزاهر الذي تتبوأ فيه المرأة دوراً قيادياً في المجتمع وفي التنمية. * صعود الخشبة في مهرجان بحجم صيف الباحة كيف استعدت له ريم؟ وكيف تجاوزت رهبة الحضور؟ * شغفي وحبي للمسرح وثقتي بنفسي كسرت هذه الرهبة وكان ظهوري بمثابة المصافحة الأولى للجماهير في الباحة. * طموحاتك المستقبلية إلى أين تتجه؟ * طموحي لا حد له، وأملي في المشاركة مع كبار الممثلين والمسرحين، وعندي أملٌ كبير في المشاركة في الدراما السعودية والمسرحيات الوطنية من كافة مناطق المملكة. * كيف تقرئين تأثير المرأة في المسرح السعودي بعد دخولها هذا المجال بقوة؟ * لدينا في مجتمعنا طاقات ومواهب كبيرة تحتاج لمن يشق الطريق لها ويكسر حاجز الرهبة والخوف من الجمهور والرهبة من الفشل، وأفتخر بكوني أول امرأة سعودية تظهر على خشبة المسرح في الباحة، وأبدي استعدادي لأي مشاركة في منطقة من مناطق مملكتنا الحبيبة متى ما وجهت لي الدعوة. * كشابة تتفجر موهبتها المسرحية في زمن التحولات والاهتمام الكبير بالمسرح ما مستقبل المسرح السعودي؟ * المسقبل واعد، خاصة مع وجود هيئة المسرح والفنون الأدائية والدعم الكبير من سمو وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، وأجزم أننا لن نتوقف هنا بل سيعود المسرح السعودي للتمثيل والحضور في المحافل الإقليمية والعالمية. * المسرح هو فن الدلالات، والعلامة الأيقونية دوماً حاضرة على الخشبة وحين ظهرت ريم بالعباءة السوداء بعض المتابعين عبّر عن هذا الظهور بأنه لا يتسق مع سياق عرض يقرأ التحولات، ورأوا أن الضرورة الدرامية كانت تقتضي الظهور بعباءة أخرى ووصفوا هذه الحالة بأنها عدم قدرة تجاوز هذا اللون بتغييره، ما رأيك في هذا الرأي؟ * لقد كانت المسرحية تتمحور حول العباءة واللون الأسود الذي لف المرأة بالظلام والبؤس، كما أن الحوار حولها كان بين الزوج والمطوع جمعان، وفيما أشارت المرأة في دورها أن الهدف من العباءة ليس الألوان وإنما خصلتا الحياء والحشمة، وهما في الأصل أخلاق سعودية. * أدوات الممثل هي سلاحه الذي يحارب به؛ ومن أهم الأدوات الصوت والانفعالات والحركة وتعابير الوجه، وفي ظل ظهورك بالنقاب غابت تعابير الوجه وهذا يجعل التركيز على خامة الصوت والحوار والحركة، كيف عملتِ خلال التدريبات على هذه الأدوات؟ * بالطبع، كان الدور يتطلب الظهور بالنقاب والاعتماد على - لغة الجسد - ومتى ما تطلب الدور الظهور بدون غطاء الوجه فلن أمانع. * كل عرض مسرحي هو بالضرورة حالة نامية متطورة بالمراجعة والتطوير، ما الإضافات التي ترين ضرورتها للارتقاء بما قدمتيه نحو الأفضل؟ * بالتأكيد، فالخبرة التراكمية تأتي من خلال المشاركة والاحتكاك وتقديم المزيد من العروض، وأتمنى أن نجد نصوصًا جيدة ودعماً من الجهات المعنية وطلبات للعروض المسرحية، لذا أرجو أن تقوم هيئة المسرح والفنون الأدائية بأدوار أخرى لدعم المواهب الناشئة، خاصةً العنصر النسائي. * كيف وجدتي ردود الفعل والانطباعات عن العرض بوجه عام وما قدمتيه على وجه الخصوص؟ * كان الجميع في غاية الرضا والقبول، وأنا سعيدة جداً بذلك وبما قدمت من أداء على خشبة المسرح. * كلمةٌ أخيرة! * في النهاية أود شكر كل من ساعدني وساندني وتقبّل ظهوري ولأبنائي وبناتي، وكذلك أشكر جريدة "الرياض" على هذا الحوار الشيق. ريم الغامدي رفقة ابنتها ريفان