يقول المخرج الامريكي دافيد لينش، «لا أعرف لماذا يتوقع الناس أن يكون للفن معنى، ويقبلون حقيقة أن الحياة لا معنى لها». الفن لغة يصعب فهمها ويسهل تذوقها بشتى أشكالها، ولكن يسود الأفق المحلي غيوم المطالبات بالواقعية وقتل الخيال وعدم مراعات المساحة الإبداعية التي تبني جذور سينمائية في السرد القصصي. فزراعة البذور الإبداعية لصانعي الأفلام تخلق مجتمعاً واعياً بالخيال السينمائي قادرا على خلق قصص من قلب المجتمع بطابع فني مختلف كما فعل المخرج البولندي كرزيستوف كيسلوفسكي في أفلام الثلاثية (three colors, red, blue, white)، بإبداعه الروائي ودمجه بين واقع كل فيلم من أفلام الثلاثية وفتحه لأبواب الخيال القصصي للأفلام البولندية ووضعها على خارطة الناقدين السينمائيين، والموجه الجديدة في السينما الفرنسية بقيادة جون لوك غودار وفرنسوا تروفو الذين كسروا فكرة القواعد السينمائية التي فرضت على مجال الأفلام في ذلك الوقت وحققت أفلامهم نجاحات عالمية ومحلية في فرنسا رغم اختلافها وتمردها عن السائد في المشهد السينمائي في فرنسا حينها. ومن أشهر نماذج كسر الواقعية في السينما مافعله المخرج الامريكي مارتن سكورسيزي في فيلم taxi driver حينما كسر الواقع السائد في تلك الفترة واختياره لهارفي كارتيل لدور (Sport) مخالفًا ما كان متواجدًا في فترة السبعينيات في أمريكا حيث كانت أغلبية من يمارسون وظيفة هذه الشخصية من البشرة السمراء، وقد دافع المخرج الأمريكي الشهير كونتين ترينتينو معتبرًا أن هذا الفيلم من أفضل الأعمال في تاريخ السينما. السينما أيضًا هي لسان الواقع، وأنتجت لنا تحفا فنية مقتبسة من أحداث وقصص حقيقة، نقلت لنا وقائع القرون الماضية، وأساطير القصص الرومانسية، وشخصيات شهد لها التاريخ استطعنا مشاهدتها والعيش معها في سرد روائي عكس لنا ما كان يحدث حينها، أو عيشنا لمسيرة موسيقية لفنان الجاز والبلوز الشهير ( Ray Charles ) في فيلم Ray وحصوله على جوائز عديدة من ضمنها الأوسكار للممثل جيمي فوكس الذي أدى دور البطولة في الفيلم. أم السينما هي القصة، والسيناريو حقلها، والإبداع والإنتاجات الرائعة هي محصول هذا الحقل، بإنتاجات مخلدة في عالم السينما ( هاري بوتر، ماتريكس، حرب النجوم) هذه الإنتاجات الثمينة هي مساحة إبداعية من قبل الأستوديوهات في هوليوود لخلق بٌعد إبداعي لصانعي الأفلام والذي خلق إنتاجات وقصص خيالية إبداعية لهوليوود وجعلتها نموذج إبداعي. ختامًا تكبيل الخيال بأصفاد الواقع لا يخلق إلا أعمال سينمائية مكررة، وشح إبداعي في الخيال القصصي. محمد الأنصاري