دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان يومه الثالث الخميس، فيما تبادل طرفا النزاع الاتهامات بانتهاكه دون تعليق من الوسطاء. وأعلن الوسطاء السعوديون والأميركيون التوصل بعد أسبوعين من المفاوضات، الى هدنة بدأ تطبيقها ليل الاثنين تعهّد الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، احترامها. إلا أن الوسطاء أكدوا في بيان أن "القتال في الخرطوم بدا أقل حدة.. لكن المعلومات تفيد أنهما انتهكا" الهدنة منذ بدء سريانها رسميا. وليل الأربعاء أفاد بيان لقوات الدعم السريع على موقع تويتر عن "اختراق قوات الانقلابيين وفلول النظام البائد المتطرفة (الأربعاء)، الهدنة الإنسانية المعلنة"، في إشارة إلى قوات الجيش. وأضافت أن قوات الجيش "قامت بالهجوم على قواتنا في عدد من المحاور عبر الطيران الحربي والقصف المدفعي والهجوم البري"، مشيرة إلى "إسقاط طائرة ميغ يتواجد حطامها في منطقة أُمبدة" بأم درمان غرب العاصمة. ورد الجيش في بيان نشره على صفحته على موقع فيسبوك بالقول "تواصل الميليشيا المتمردة في انتهاك الهدنة المعلنة منذ بدايتها". وأتهم قوات الدعم السريع ب"هجوم على مدينتي الجنينة وزالنجي (في دارفور) ومواصلة احتلال المستشفيات.. واحتلال مطبعة النقود وسك العملة". منذ 15 أبريل، أسفر النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع عن مقتل المئات ونزوح أكثر من مليون شخص داخليا وفرار أكثر من 300 ألف شخص إلى الدول المجاورة. وبحسب بيانات موقع النزاعات المسلحة ووقائعها (أيه سي إل إي دي)، بلغت حصيلة القتلى منذ اندلاع المعارك 1800 شخص سقط معظمهم في العاصمة وفي مدينة الجنينة عاصمة غرب دارفور. الوضع في زالنجي على الرغم من تواصل المعارك، أكد سكان في العاصمة أنهم استغلوا تراجع حدّتها للخروج من منازلهم وقضاء حوائجهم. ولكن في مدينة زالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور بدا المشهد مقلقا، بحسب ما كتب المدير الإقليمي لمفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين بالسودان طوبي هارورد على حسابه على موقع تويتر. وكتب هارورد "إنني قلق للغاية من التقارير الواردة من زالنجي، وسط دارفور، حيث كانت المدينة محاصرة من قبل الميليشيات المسلحة خلال الأيام الماضية، وانقطعت الاتصالات". وأضاف "وفقًا للتقارير، تعرضت مكاتب ودور الضيافة (التابعة للأمم المتحدة) والخدمات العامة، والمنشآت الحكومية، والبنوك والمنازل الخاصة للهجوم والنهب .. واستهداف مرافق الرعاية الصحية". وطالب المسؤول الأممي "السلطات الشرعية باستعادة السيطرة على المدينة، وضمان احترام إعلان جدة بالكامل". ووجه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن رسالة إلى السودانيين غداة توقيع اتفاق جدة وقال فيها "إذا تم انتهاك وقف إطلاق النار، سنعرف". وتابع "سنحاسب المخالفين من خلال عقوبات نفرضها ووسائل أخرى متاحة لنا". من جهته، أكد مفوّض الأممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك في تصريحات للصحافيين في جنيف الاربعاء أنه "على الرغم من اتفاقات وقف إطلاق النار المتتالية، لا يزال المدنيون يتعرضون لخطر الموت والإصابة". وأضاف "بين عشية وضحاها تلقينا تقارير عن طائرات مقاتلة في الخرطوم ووقوع اشتباكات في بعض مناطق المدينة، وكذلك في بحري وأم درمان". استمرار الهجرة وقبل أن تهدأ حدة القتال في العاصمة ليجد سكانها متنفسا، أرغمت الفوضى الملايين على ملازمة منازلهم للاحتماء من الرصاص الطائش وأعمال السرقة والنهب ومعاناة ندرة الماء والغذاء وانقطاع الكهرباء. وفي هذا الصدد قال خبير الأممالمتحدة المعني بحقوق الإنسان في السودان رضوان نويصر "يشعر الناس بالوحدة وأنه تم التخلي عنهم وسط النقص المزمن في الطعام ومياه الشرب ... البلد كله أصبح رهينة". كما تتواصل هجرة السودانيين إلى البلدان المجاورة وعلى رأسها مصر وتشاد وجنوب السودان. وأفادت المنظمة الدولية للهجرة بأن عدد الفارين خارج البلاد بلغ 319 ألف شخص. وأما من لم يتمكنوا من الفرار، فيعتمدون على القليل من الإمدادات في بلد يبلغ عدد سكانه تقريبا 45 مليون نسمة يحتاج أكثر من نصفهم بشكل ملح إلى مساعدات إنسانية وفق الأممالمتحدة. حذر خبير الشأن السوداني أليكس دي فال من أن "مسار انهيار الدولة" يهدد الآن "بتحويل السودان كله، بما في ذلك الخرطوم، إلى ما يشبه دارفور قبل 10 أو 15 عاما". وأضاف دي فال في إشارة إلى ميليشيا الجنجويد التي انبثقت منها قوات الدعم السريع "هذه هي البيئة التي ازدهر فيها حميدتي، حيث يحدد المال والرصاص كل شيء .. هذا هو مستقبل السودان إذا استمرت" الحرب.