براءة الاختراع هي امتياز خاصّ يَمنح الحقّ لمخترعٍ في منع الآخرين من نسخ، أو تصنيع، أو بيع، أو استيراد اختراعه دون إذنه خلال فترة زمنيّة محدّدة. ولا شكّ أنّ الملكيّة الفكريّة مهمّةٌ لضمان حقوق كلٍّ من المخترع والفكرة نفسها. في الفترة الأخيرة، تصدّرت بعض جامعاتنا قائمة أعلى نشر لبراءات الاختراع، ولكن من المؤسف في الوقت نفسه أن تكون "الأرففُ" مصيرَ تلك البراءات؛ نتيجة ضَعفِ الكثير منها، وافتقارِه إلى أيّ إضافةٍ مفيدة إلى العلوم الحديثة، أو حتّى تأثيرٍ على المجتمع من خلال تحسين مستويات المعيشة، وانعدامِ أيّ عائد مادّيّ يُمكن اكتسابه من ورائها؛ بل هي لا ترتقي أصلًا لتكون "اختراعًا"، ولا يمكن أن تسهم في نموّ الاقتصاد، أو جذب الاستثمارات الخارجيّة، أو حتّى فتح صناعة جديدة، والعمل على تأسيس شركات، وإيجاد فرص وظيفيّة... إلخ. لذا، يبقى السؤال: ما الفائدة المرجوّة من الحرص على تسجيل براءات الاختراع لدى الجامعات على وجه التحديد في ظلّ انعدام أيّ فائدةٍ مرجوّة من تلك الاختراعات (قيمة مضافة)، أم أنّ الهدف محصور في الحصول على المكافآت والجوائز بارتفاع أرقام براءات الاختراع؟ ولماذا تُسجَّل غالب البراءات في أميركا إذا لم يكن سوقها في أميركا؟ كلّ هذه تساؤلاتٌ لم أجد لها جواب، فإن لم يكن لها أيّ عائد مادّيّ، أو مساهمة في تقدُّم العلم، فَمَن استفاد منها في الحقيقة هو حَصْرًا مكاتب وكلاء البراءات، من خلال الرسوم الباهظة التي يتقاضونها أثناء عمليّة التسجيل التي قد تستغرق عامًا أو أكثر حتّى تكتمل، والتي ليست إلّا خسائرَ تكبَّدتها الجامعات إضافةً إلى خسائر المكافآت لأصحابها على براءات لا فائدة مادّيّة منها أو علميّة. وقد انتشرت مؤخّرًا محاولات بسيطة للتسويق لتلك الاختراعات، لكنّها لم تنجح، حيث كان من الأفضل البدء بذلك قبيل نشرها في حال كانت لها فائدة سريعة؛ لذا يجب ألّا نجعل تسجيل البراءات على رأس أولويّات الجامعات دائمًا. من هذا المنطلق، أقترح ما يلي: * أن تكون لدينا دراسة من جهة مستقلّة ترصد العائد أو الفائدة من براءات الاختراع، وقد تقود مثلَ هذه الجهود مدينةُ الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنيّة، أو الهيئة السعوديّة للملكيّة الفكريّة. * العمل على المتاجرة في براءات الاختراع -إن أمكن- بدلًا من الحرص فقط على تسجيلها. * المساهمة في وجود هذه الاختراعات في السوق من خلال التسويق لها، ومشاركة الشركات الكبرى في الفكرة، أو تأسيس شركات جدد لعلّها تسدّ فجوة في مجالات الصناعة، ويحقَّق لها تسهيل الحصول على استثمارات جيّدة أو الاستحواذ عليها لاحقًا بعد نموّها. وفقكم الله لما يحبّه ويرضاه. *باحث في علوم وهندسة الموادّ ومهتمّ في علوم الإدارة الهندسيّة