ذاكرة المستمع للفن والمتذوق للكلمات الشاعرية والمتعمق في عالم المدارس الموسيقية، تتكون في حالة طرب لا إرادية! عندما يأتي ذكر الأغنية العراقية وسرعان ما يمر بالذاكرة بعض الأسماء لعمالقة الفن العراقي والكثير من الأعمال الغنائية التي ترتبط بسلسلة من الذكريات والأحداث المهمة للمستمع والمهتم بهذه المدرسة الفنية. قال موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب -رحمه الله-: "إن كل الفنون في الدول العربية تأثرت بالفن المصري ما عدا الفن العراقي فهو مدرسة مستقلة بذاتها". لكن في السنوات الأخيرة، بدأت هذه المدرسة بالتعري، لأسباب عدّه سواء كانت اجتماعية أو سياسية أو فنية، وهذا الأمر يعتبر مجحفاً في حق تاريخ فن العراق الأصيل، والذي يعتبر من أهم منابع الفن لعذوبة وشاعرية الكلمة والألحان وشجن الأداء، كونها ذات لحن موسيقي مميز تتجلى فيه بوضوح الأوزان والإيقاعات المتبعة. ومن الفنانين المميزين في هذه المدرسة العريقة أسماء كثر، كان من أهمهم ناظم الغزالي الذي توفي "1963" والذي اشتهر بمواله الشهير "قل للمليحة في الخمار الأسودِ"، ومن فناني السبعينات وهو العصر الذهبي للأغنية العراقية الفنان سعدون جابر وياس خضر وحميد منصور وفؤاد سالم وفاضل عواد وغيرهم من الأسماء التي صنعت مجد الأغنية العراقية. لكن في وقتنا الحاضر تعلق الأغنية العراقية آمالها على بعض الأصوات العراقية المميزة، مثل الفنان كاظم الساهر وبعض الأصوات العراقية الشابة ومنهم من شارك في ليلة دجلة والفرات التي أقيمت في موسم الرياض قبل موسمين، وهم كل من الفنانة أصيل هميم وسيف نبيل وحاتم العراقي، حيث كانت هذه الليلة هي الوحيدة، التي ساهمت في إنعاش الفن العراقي، والذي لا يغيب عن مسمع الجمهور المتعطش، لعذوبته وصعوبته من بين المدارس الفنية. وعلى المستوى الخليجي والعربي ظهرت بعض الأصوات الغنائية تجيد تقديم هذا اللون الفني، بينهم فيصل عبدالكريم وغيره من يجيدون الغناء العراقي.