"نؤكد للعالم أجمع أن العرب سوف يسابقون على التقدم والنهضة مرة أخرى، وسوف نثبت ذلك كل يوم".. بهذه العبارة الحماسية، اختتم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- كلمته الختامية للقمة العربية-الصينية للتعاون والتنمية والتي عقدت العام الماضي. وهناك مقاربة واقتراب، ما بين ما قاله ولي العهد قبل أقل من عام وما بين ما نشهده اليوم من انفراجات عربية-عربية وتصفير للأزمات وحالة الفوضى الهدامة التي ورثها العرب من الغرب الذي ترك المنطقة بعدما أشعل الحروب بالوكالة فيها، قبيل انعقاد القمة العربية، وتمهيداً للدخول في حقبة النهضة والتقدم الذي تحدث عنه ولي العهد والتي عكست أن العرب هم أصحاب نهضة وحضارة عريقة وأمجاد عظيمة، بنوها قديمًا بالتقدم والنهضة. واليوم عندما نقرأ المشهد على الساحة العربية نشهد مرحلة جديدة يقودها ولي العهد تدريجياً نحو نهضة العرب التكاملية من خلال سياسة الانفتاح وإنهاء الأزمات ما بين الدول العربية وفتح صفحة جديدة، وفق سياسة عدم التدخل واحترام وحدة وسلامة الاراضي. وليس هناك رأيان أن التغييرات المتسارعة في التحالفات الدولية والاصطفافات العالمية، دفعت المملكة بتعظيم مسار حل الخلافات العربية-العربية ودعم عودة سورية للحضن العربي واستئناف العلاقة مع دمشق وطهران، والانطلاق نحو مرحلة إيجابية جديدة متقدمة وهذا ما تسعى له المملكة في القمة العربية التي ستعقد في جدة نهاية الاسبوع الحالي والتي وصفها المراقبون بأنها ستكون قمة الانفراجات العربية العربية والتي تعول عليها الشعوب العربية، وعلى أهمية الدور العربي في تحصين البيت من الداخل. منعطف تاريخي تمر به منطقة الشرق الأوسط تقودها سياسة تصفير الأزمات، والتعاون الذي يعود نفعه على الجميع بالسلام والازدهار. وأكدت مصادر رفيعة في الجامعة العربية ل"الرياض" بأن الرئيس السوري بشار الأسد سيشارك في القمة العربية، خصوصاً أنه تلقى دعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- للمشاركة في الدورة الثانية والثلاثين لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة. وكانت المملكة قد قررت استئناف عمل بعثتها الدبلوماسية في الجمهورية العربية السورية، انطلاقاً من روابط الأخوة التي تجمع شعبيهما، وحرصها على الإسهام في تطوير العمل العربي المشترك، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. وتعتبر المملكة عبر التاريخ من الركائز المهمة في الأمن القومي العربي وأيضاً الأمن الإقليمي، وكذلك دعم الاستقرار في المنطقة. كما أن سورية عضو مؤسس في الجامعة العربية وتربطها علاقات قوية مع المملكة. وبلغ التنسيق السعودي-السوري ذروته عند إتمام اتفاق الطائف عام 1989، الذي شكل مخرجاً وحلاً سياسياً للحرب في لبنان. وأدت التحولات في سياسات القوة العظمى في حدوث متغيرات في السياسة الخارجية السعودية، حيال استلام زمام المبادرة والاقتراب للشركاء الاستراتيجيين لها في العالم وهما روسيا والصين، ودول الشرق مع الحفاظ مع علاقاتها مع الغرب وفق المصالح واستقلالية القرار. واعتبر خبراء خليجيون أن "الدبلوماسية السعودية خففت من حدة الازمات في المنطقة، وسط جهود لتعزيز التنمية الاقتصادية وتحركات جيوسياسية لحلحلة الأزمات". في السياسة، ليست هناك صداقات دائمة ولا خلافات مستمرة، وذلك أمر مشروع في التعاطي السياسي الرسمي بين الدول وحكوماتها وارتأى ولي العهد ان الحفاظ على الوفاق والتآلف وانهاء الانقسامات بين الدول العربية وانهاء حالة التفكك هي المصلحة العليا للامة العربية. لقد راهنت المملكة طويلاً على الحد من النفوذ الغربي في المنطقة وانهاء حقبة الاملاءات، بعد أن أضحى خطر الانقسام والفرقة يهدد العديد من دول المنطقة. وأعادت المملكة علاقاتها مع إيران واضعة في الاعتبار المصالح العليا للأمتين العربية والإسلامية إيماناً منها بالحوار وتعظيم سياسة عدم التدخل وهذا حتماً سيؤدي لإنهاء النفوذ الإيراني المتعاظم في المنطقة، وخصوصاً في العراق وسورية ولبنان واليمن، وهذا ما حدث وسيحدث في المراحل المتقدمة وفق القناعة الكاملة بأنه لا حل للخلافات العالقة في المنطقة إلا بالدبلوماسية والحوار ورغبة المملكة في وضع نهاية لحرب اليمن وسورية ولبنان. من هنا، فإن التقارب السعودي-الإيراني، والسعودي- السوري وفتح الحوار والوساطة بين الأطراف اليمنية والسودانية لإيجاد حلول سلمية للأزمات سيسهم في حلحلة العديد من الملفات العالقة في المنطقة، ومنها حل مشكلة الفراغ الرئاسي في لبنان، التي من المرجح أن تكون أولى ثمرات هذا التقارب، والعودة إلى معادلة التوافق السوري-السعودي شرطاً للاستقرار السياسي اللبناني. ومن المرجح أن يكون هناك اتفاق لبناني في الأيام المقبلة على اختيار رئيس جديد للبلاد. إنَّ التحدي القادم أمام الدول العربية هو تعزيز الأمن والأمان، وتحسين الواقع الاقتصادي، والعمل على سرعة خروج القوات الأجنبية والميليشيات من الأراضي السورية، للبدء بعملية إعادة الإعمار التي تحتاج إلى مساعدات كبيرة من الدول الشقيقة والصديقة. نعم سيقود العرب للنهوض مرة أخرى بنهضة وتقدم لا مثيل لها -بمشيئة الله- كما قال ولي العهد.