نهج «تصفير المشاكل» يفتح آفاق الحلول السياسية من مرحلة انسداد كامل لأُفق الحل إلى فتح آفاق الحلول السياسة في المنطقة عبر اعتماد منهجية تقليص دوائر الأزمات والسعي نحو تحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة وإطفاء الحرائق التي صنعها وهندسها الغرب.. ووفق المنظور الغربي المحايد فإن المنطقة أمام تحول جيوسياسي كبير في الشرق الأوسط والعالم، من شأنه أن ينعكس على الاقتصاد والتنمية في المنطقة، وها هو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يعيد بلورة المنطقة ويطرح جدول أعمال جديد، ومشاريع السلام في المنطقة التي لم تشهد هذه الأجواء الإيجابية منذ عقود. ووفق الخبراء فإن نهج "تصفير المشاكل" السعودي يتمحور على طي صفحة النزاعات وإيجاد مقاربات والوصول لتفاهمات سياسية واقتصادية بين جميع دول المنطقة، وتحصين العلاقات الجديدة من الصدع من خلال نسج روابط تجارية واستثمارية واسعة تجعل من شبكة المصالح الاقتصادية والتنموية هي الأساس وليس التباينات في الملفات السياسية خصوصا أن قراءة سمو ولي العهد حول المتغيرات في العلاقات الدولية والتحولات في ميزان القوى العالمية وتعزيز الشراكات مع القوة الإقليمية. وأكد خبراء سعوديين للرياض أن المنطقة تعيش لأول مرة عربيًا وإقليميًا حراكًا دبلوماسيًا استراتيجيًا نشطًا تقوده المملكة، سيفضي لانفراجات سياسية متعاظمة في المنطقة.. وأضافوا أن المملكة حريصة على تعظيم مبدأ الحوار والمصالحات حتى لا تتحول إلى غابة يطلق فيها يد القوي على الضعيف. وانتهجت المملكة سياسة الحزم عندما كان الحزم مطلوبًا وجنحت للسلم عندما جنحت الأطراف إلى السلام فاتخذ الأمير الشاب محمد بن سلمان خطوة استراتيجية باتجاه قلب المعادلة الجيوستراتيجية المبنية على فكر التحديث التنموي والاقتصادي والاجتماعي ووضع الأولويات داخليًا وعربيًا وإقليميًا وإسلاميًا ودوليًا. وفتح قنوات الحوار في سورية واليمن بعد استئناف العلاقات مع ايران. لقد غير الأمير محمد بن سلمان المشهد الجيوستراتيجي في المنطقة والاقليم وأصبح القرار الجيوستراتيجي بيد المملكة وأهل المنطقة وليس بيد القوى الغربية، وأصبحت المملكة تمسك بخيوط اللعبة وقواعدها السياسية وحريصة على إحلال الأمن والاستقرار في المنطقة بلا إملاءات ولا تدخلات. ويؤكد الخبراء ل"الرياض" أن المنطقة مقبلة على استحقاقات سياسية استراتيجية عديدة وتفاهمات ومقاربات ومعطيات جديدة وأنماط تعاملات الأزمات والحلول من خلال تعظيم مكامن القوة وتحويل التحديات إلى فرص إيجابية والتدخل الناجع في الخلافات وطرح مبادرات الحل وبذل الجهود لنزع فتيل الأزمات قبل استفحالها وتقديم الرؤى الإستراتيجية لتصفير مشكلات الإقليم واعتماد مبدأ الحوار للقضايا الخلافية وتعظيم التنمية المستدامة ورفاهية الشعوب فضلا الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. وقال الدكتور أحمد السيد أحمد، خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية: إن الاتفاق السعودي الإيراني يعد اتفاقا استراتيجيا اقليميا وعالميا لطي صفحة التوتر والصراعات في المنطقة، مشيرًا إلى أن هناك تحولات في السياسة الخارجية للكثير من الدول، للتعاون وتصفير الأزمات في المنطقة. وتابع قائلا: "إن هناك حالة من الاستقطاب الدولي، فالنظام الدولي الآن أصبح متعدد القطبية، ودول المنطقة تقوم بقراءة هذه المؤشرات، وتسعى لبناء علاقات تعاون، والتعايش وإدارة الازمات، حتى لا تصل الأمور إلى الصدمات. فيما أكد الخبراء الحرب الروسية الأوكرانية والتنافس الشرس ما بين روسيا وأميركا وتغيرّ المواقف الأميركية حيال قضايا المنطقة واستدارتها جعل المملكة تتجه إلى استراتيجية تصفير المشكلات وحلحلة الأزمات وأخذ زمام الأمور بيدها وخفض التوترات والاتجاه نحو السلام وإعطاء الاولوية لرفاهية شعوب المنطقة والتنمية الاقتصادية، ما أدى لحدوث متغيرات إيجابية في المنطقة. وتعزيز المقاربات والتعامل وفق الواقعية السياسية التواقة لخير الشعوب وإنهاء محاولات تخريب علاقات دول المنطقة ورسم خريطة التحالفات في المنطقة مرة أخرى بعيدا عن مصالح القوى الغربية وترتيب البيت العربي والإقليمي من الداخل فضلا عن الخروج من دائرة التأثير القوى الغربية وتنحية الخلافات جانبا والعمل من أجل منطقة أكثر سلامًا واستقرارًا. وقال مراقبون خليجيون ل"الرياض": إن المراقب المحايد لسياسة المملكة الخارجية يلحظ حكمتها وتوازناتها واتساقها مع التوجهات والقناعات السعودية لإحلال السلام مكان الحرب والتنمية مكان السلاح، وتهدئة الأجواء وتصفير الأزمات والمشاكل في المنطقة وإنهاء حالة الفوضى في عدد من الساحات وإيجاد حل سياسي شامل للأزمة اليمنية والتقارب والاستثمار في العقول وفي السياسة التصفيرية في ظل انقسام دولي غير معهود ستتلاشى لغة العداء تدريجياً في المنطقة مع خطوات بناء الثقة التقارب والتحولات في الدبلوماسيات العربية وإعادة تموضع في مرحلة التفاهمات والمصالحات وتصحيح مسار العلاقات وتجاوز الخلافات التي تراكمت خلال السنوات الماضية، ويبقى النزاع في السودان والذي ظهر بشكل دموي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع مصدر قلق كبير للأمن العربي قد يكون له تداعيات أوسع على أمن المنطقة، ويبرز التساؤل حول من هو المستفيد من تصعيد الصراع في السودان، خاصة وأن الدول العربية تعمل على تسوية خلافاتها خصوصا المملكة التي ترغب في حله قبيل انعقاد القمة العربية أو على الأقل الوصول إلى تسوية تنهي الحرب وهذا التوجه ليس سعوديا فحسب ولكنه فكر عربي جماعي يعكس إرادة الدول العربية في التعاون والتوصل إلى حلول سلمية للأزمات كاملة. وليس هناك رأيين أن سياسة تصفير الأزمات في المنطقة حتما ليست مهمة سهلة أو وردية على الاطلاق وتتطلب جهودا مضنية ودبلوماسية هادئة ونفس سياسي طويل فضلا، إلى إرادة وتصميم سياسي قوية وأيضا إلى تعاون عربي فعال، وتعزيز إجراءات بناء الثقة وهذا ما يتبناه ولي العهد بهدوء وحكمة وحنكة.