قالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، الاثنين الماضي في مقابلة مع قناة «سي إن بي سي»: "إن هناك: مسدس موجَّه إلى رأس الشعب والاقتصاد الأميركيين". وهي تعني بذلك الفجوة الكبيرة بين الديموقراطيين والجمهوريين حول رفع سقف الدين الذي وصل إلى 31.4 تريليون دولار- في حين أن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة عند 26 تريليوناً. وأنا أعتقد أن المسدس موجه ليس للاقتصاد والشعب الأميركي فقط وإنما للعالم أجمع، فالاقتصاد الأميركي لا يزال هو أكبر اقتصاد في العالم، ولذلك قل أن تجد اقتصاد في العالم غير مرتبط به، وخاصة في المجال النقدي والاقتصاد الرقمي الذي يشكل نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي. إن الاقتصاد الأميركي قد يواجه، كما حدث أكثر من مرة في الفترات الماضية، عجز تقني يحول دون سداد ديونه الضخمة لفترة قصيرة، ولكن السؤال لا يدور فقط حول العجز التقني، وفيما إذا كان بمثابة بروفة من أجل الاستعداد لعجز حقيقي، وإنما أيضاً حول العديد من المشكلات التي يواجهها هذا الاقتصاد، وتأثير ذلك على العالم. وفي المقدمة تأتي السياسة النقدية، التي أدت إلى تراكم الديون على الولاياتالمتحدة إلى هذا المستوى. فالتيسير الكمي لمواجهة نقص السيولة، وصل إلى درجة، بحيث لم يعد ممكناً تصدير التضخم الناجم عنه للخارج وحده، دون أن يطال ذلك الداخل. ولهذا، يضطر البنك المركزي لرفع سعر الفائدة باستمرار، لخفض التضخم في الولاياتالمتحدة، كما حدث خلال الأسبوعين الماضيين. فهذه السياسات الموجهة لمعالجة مشكلات الاقتصاد الأميركي، تؤثر على اقتصادنا، فالمملكة هي ضمن المستثمرين في سندات الخزينة الأميركية، التي وصل حجمها في فبراير الماضي إلى 111.7 مليار دولار. ولذلك، تهمنا القرارات التي يتخذها مجلس الاحتياطي الفيدرالي- والتي تؤثر على عوائد تلك السندات. بالمثل، فإن ارتباط عملتنا بالعملة الأميركية يؤدي إلى ارتفاع سعر الفائدة على الريال عندما ترتفع على الدولار. وسعر الفائدة الآن مرتفع، وهذا أمر مجدٍ للمستثمرين الذي لا يحبذون المخاطر، ولكنه من ناحية أخرى يعوق تدفق رؤوس الأموال على القطاعات الحقيقية لسببين، الأول: هو أن ارتفاع سعر الفائدة يشكل تكلفة للمستثمرين، الذين يحتاجون للقروض من أجل تمويل نشاطهم. الثاني: أن ارتفاع سعر الفائدة على الودائع يغري بالاستثمار فيها، وبالتالي عدم تدفق الأموال على قطاعات الاقتصاد الحقيقية. وهذا بالفعل مسدس موجه ضد إعادة هيكلة الاقتصاد، خصوصاً وأن الاعتماد على القطاع الخاص في تزايد مستمر. فإذا أحجم قطاع الأعمال عن الاستثمار في القطاعات الحقيقية وتوجه للاستثمار في الودائع المصرفية، فهذا سوف يشكل فجوة استثمارية، يصعب على الإنفاق الاستثماري الحكومي وحده سدها.