من جمال اللحظات، أن يتعثر الوقت بحضرة آخرين، فيكون سببًا للعثور على اكتشاف مّا، ربما لا يشكّل قيمة ماديّة، لكنّه يعني الكثير، تمثل هذا واضحًا في سؤال كانت عبارته "أين يسكن الجمال"؟ أمعنت التفكير في أبعاد السؤال، فتجلت معاني الإجابة التي مهما استفاض فيها الإسهاب، فإنه يزيدها قيمةً وإثراءً؛ شعرت بذلك، حينما فكرت: كم من الصور الجميلة التي عند ملاحظتها، ستحيا الألوان بعد رماديتها، وتشتعل الشموع التي ذابت وانطفت؟ تستحيل الصورة العابرة إلى شاعريّة مؤنسة، وطفت أفتش بينما أمسك السؤال باستمتاع بين أحداث يومٍ واحد، حيث الرتابة قد ألقت بجمودها، حتى عثرت على صورتي الأولى، ثم تهامرت بعدها صورٌ أخر، ولما انتهى يومي، وعدت كحطاب أو صياد، رسمت معالم الجواب لأقول: إن الجمال يسكن في حسن اللفظ والمنطوق، ولون الغروب والشروق، وتحايا الغرباء، وابتسامات العابرين، وملاطفة أطفال الآخرين، والعطاء الذي ينثال من مودة صادقة، والنقد الذي تحوطه الأماني والثناء، ويسكن الجمال في لقيا المحبين، والتسبب في ابتسامات المعذبين، وتحويل العدوات إلى صداقات، والكف عن الطمع فيما لدى الآخرين، وعدم التعذر والمن على المحتاجين، يتعزز كذلك في لا منطقية الشعور، والتماهي معه رغمًا عن ذلك، كذلك يكمن في مَنْطَقَةِ الشُّعور حينما يميل للعداوة والانتصار للذات.. يشرق الجمال في تحويل المعضلات إلى ممكنات، وتحوير المشكلات إلى ملهمات، والتصدي للذات حينما ترقى رغبة الإفلات، والمثابرة مع تنويع المحاولات. يكمن الجمال في الوعي بالذات، والتسامي عن صوت التملك وعشوائية الملذات، والكف عن حرية تمس الذوات، وحديث يحمل الروح على التمايل طربًا من أشجانه، وصمت وحسن إنصات وفن مسافات ورحيل يعبر كالنسيم، فيكون ذكرى لا تجهم لحلولها، وإنما ابتسام باشتياق، وأعذارٌ تسبق التبرير، فتزيد الود امتناناً، وتبدل خوف سوء الظن يقينًا ورضًا وإيماناً. يسكن الجمال في حرف يصوغه الحس، ويوافقه الوصف، يرسم المعاني، ويحاكي واقع قارئ يكترث، من كاتب أراده أن يبتسم، شاعرًا أن هذا العالم يتسع حتى يشمله، ويأبى ألا يفهمه، متمنيًا أن تخالجه تنهيدة ارتياح، وتحوطه مشاعر الانسجام. * كاتب وناقد سعودي