لا تزال الأوضاع في السودان تأخذ الحيز الأكبر من الاهتمام إقليمياً ودولياً، فالأحداث في هذا البلد الشقيق تنزلق إلى أن تكون كارثة إنسانية، فالحرب الدائرة لا تزال مستمرة ولا يبدو لها من نهاية قريبة، فلا توجد مؤشرات تعطينا ما يدل على نهاية المعارك في السودان، ناهيك عن الهدن التي تم الاتفاق عليها بين طرفي النزاع دون أن تدخل حيز التنفيذ، ولا نستطيع القول إن تلك الهدن لم تصمد لأنها لم تبدأ في الأساس. طرفا النزاع في السودان كل منهما يملك أسبابه ومبرراته لما يحدث في ظل تبادل الاتهامات التي كان الرصاص شاهداً عليها كما الضحايا الأبرياء من المدنيين الذي قضوا نتيجة المعارك بين الطرفين، فالشعب السوداني هو من يدفع ثمن الحرب الدائرة دون أدنى شك، وسبق له أن دفع أثمان خلافات سياسية وحزبية لم تجعل من السودان دولة مستقرة رغم امتلاكها إمكانات تؤهلها أن تكون دولة تأخذ بأسباب النمو والتطور، فالسودان لا تنقصه الموارد الطبيعية ولا الكفاءات البشرية لأن يكون دولة ذات اقتصاد قوي، فهو في يوم من الأيام أطلق عليه (سلة الغذاء العربي)، ولكن تلك السلة أصبحت لا تكفي أصحابها فكيف بنا بغيرهم؟ الأوضاع الحالية في السودان بين شد وجذب، والكل يدعي أنه يريد مصلحة السودان والسودانيين، ولكن أين مصلحة السودان وأهله في كل ما يحدث؟! بالتأكيد لا توجد مصلحة في ظل الأوضاع التي يشهدها، بل هناك مآسٍ إنسانية من الممكن أن تأخذ أبعاداً أخرى أكثر سوءاً. الاتصالات التي جرت بين وزير الخارجية وعدد كبير من وزراء خارجية الدول الشقيقة والصديقة تؤكد اهتمام المملكة باستقرار الأوضاع في السودان حقناً لدماء أهله وعودة الهدوء والأمن والاستقرار حتى يستطيع المواطن السوداني العيش في سلام وأمان، ولكن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق القوى المتنازعة لوقف الحرب التي كلما طال أمدها ازداد الوضع تعقيداً وأصبح من الصعوبة بمكان الدخول في عملية سياسية، وستصبح الكلمة لهدير الرصاص ودوي المدافع، وسيكون الشعب السوداني الشقيق من يدفع الثمن.