لا يختلف كثيراً مصير مدرب النصر المقال رودي غارسيا عن سابقيه الذين دربوا الفريق "الأصفر"، لكن الجديد في تجربة الرجل الفرنسي أن حضوره بعد مفاوضات شاقة وطويلة كان معبّراً عن مشروع استبشر به النصراويون كثيراً، وأنه سيكون بداية لمرحلة من الاستقرار الفني ولو لموسم واحد بعد حالة من انعدام الاستقرار الفني والتي تأثر بها الفريق بشكل واضح وأبعده عن منصات التتويج على الرغم من الضخ المالي التاريخي إن كان حكومياً عبر الدعم الحكومي، أو شرفياً من خلال الأعضاء الداعمين الذين يشكلون قوة مالية ضاربة يصنفها البعض بأنها الأكبر على مستوى شرفيي الأندية. أُقيل الفرنسي ولحق بسابقيه، واتضح أن النصراويين بعيدون كل البعد عن تبني مشروع حقيقي وإن امتلكوا كثيراً من مقومات بنائه، لكن الأهم بالنسبة لي أن ثمة درس يمكن استخلاصه من تجربة النصر من التعاقد مع غارسيا، وهو الدرس ذاته التي قدمته تجربة مدرب الهلال البرتغالي ليوناردو جارديم، ولم يستفد منه النصر ولا أظن أن معظم أنديتنا ستأخذه بعين فاحصة. لم تشفع السيرة الذاتية الجيدة لكلا المدربين وقيمتهما السوقية في تسجيل نجاح معتبر، إذ عجز غارسيا عن إقناع النصراويين بطريقته ولم يضع له أي بصمة على أداء النصر وهو يمتلك ترسانة مرعبة من النجوم يتقدمهم النجم العالمي كريستيانو رونالدو، إذ لم يتكيف لاعبو النصر مع طريقة ولم يقتنع المشجعون بمنهجه، ولطالما كان "فارس نجد" ينتصر بشق الأنفس تارة، وبمجهودات فردية تارة أخرى ليحفظ النجوم ماء وجه مدربهم، حتى باتت حظوظ الحصول على لقب الدوري مهددة بالنظر لحالة المنافس المباشر الاتحاد الذي يقاتل لاعبوه ومدربهم البرتغالي نونو سانتوس بثبات نحو الحصول على البطولة. لا يختلف حال النصر كثيراً عن حال الهلال مع جارديم الذي وإن نجح بالحصول على دوري أبطال آسيا إلا أنه لم يضف أي بصمة على جيل يصنفه كثيرون بأنه الأعظم في تاريخ الهلال قياسا بمنجزاته وأرقامه، بل على العكس كانت بصمة جارديم أقرب إلى السلبية وكان نجاحه الوحيد مقتصراً على انتزاع الهوية الهجومية الخالصة التي تمتع بها "الزعيم" من خلال الاستحواذ، ولم يهضم الهلاليون طريقته التي شوهت كل جميل بشكل الهلال، وكان نجومه قادرين على التواجد في منصات الذهب بمجهوداتهم وقدراتهم الفردية. لا يمكن لسيرة ذاتية جيدة وأرقام مميزة أن تضمن نجاح مدرب في أي مكان، فالعبرة بالقدرة على اختيار المدرب الذي يضع بصمته ويصنع مشروعاً للمنافسة وهذا ما لم يدركه الهلاليون والنصراويون في تجربتي جارديم وغارسيا. فمن يستوعب الدرس؟ سلطان السيف