اعتدنا في كرة القدم على أن يأخذ الاستثمار الرياضي من خلال شراء الأندية ثلاثة اتجاهات، الاتجاه الأول هو شراء أندية غائبة عن المنافسة والبطولات ولها تاريخ جيد وجمهور من متوسط إلى كبير والعمل على إعادتها للواجهة وربما تحقيق بطولات لم تحققها في تاريخها ويبدأ من يستثمر في هذه الاندية بضخ الأموال منذ البداية وجلب أفضل اللاعبين والمدربين، هذا هو الاتجاه الأول للاستثمار الرياضي أما الاتجاه الثاني فهو شراء أندية متوسطة وأقل والهدف من شرائها ليس تحقيق البطولات فالفرق المتوسطة تبحث عن التواجد في المراكز المؤهلة للبطولات الأوروبية ومحاولة الذهاب بعيداً في بطولة الدوري الأوروبي. أما الفرق الأقل فهي تبحث عن تقديم مستوى مميز ومحاولة البقاء في الدوري وعدم الهبوط مع العمل على تحقيق مركز مؤهل للدوري الأوروبي بعد سنوات من الاستثمار والوصول لأبعد نقطة ممكنة في إحدى البطولات المحلية وهذا هو سقف الطموح للمستثمر، كذلك قد يذهب المستثمر لشراء أندية في الدرجات الأقل والعمل على صعودها. أما الاتجاه الثالث فهو شراء أندية قوية جداً ولها تاريخ كبير والعمل على إعادة من غاب للواجهة أو تقوية الفريق القوي فنياً أكثر. شراء نادي نيوكاسل الإنجليزي من قبل صندوق الاستثمارات السعودي هو تجربة جديدة ومختلفة عن أي تجربة سابقة، فالنادي بإمكانه شراء نجم أو نجمين منذ البداية كما حصل في تجارب سابقة لمستثمرين آخرين قاموا بجلب أفضل المدربين والنجوم وصرف أموال طائلة وهناك من يتساءل هل ما تحقق من إنجازات لتلك الأندية يوازي حجم الإنفاق الكبير. في هذه التجربة تجربة نيوكاسل كان الصرف معقولاً جداً وفي مكانه ولم يأت نادي نيوكاسل بنجوم ومدرب معروف بل تم الاعتماد على مدرب إنجليزي مميز وطموح وجلب لاعبين مميزين ومفيدين بأسعار معقولة وكان أغلى لاعب تم التعاقد معه هو السويدي إيزاك بمبلغ 70 مليون يورو لمدة ست سنوات، إيزاك لاعب شاب وموهوب وسيفيد الفريق لسنوات كثيرة، لم تذهب إدارة نيوكاسل لجلب لاعبين من العيار الثقيل لأخذ صيت إعلامي وجماهيري ولكن فضلت العمل على صنع فريق متجانس وكذلك العمل بالتدريج ليصل الفريق لأعلى المستويات. البدء بجلب مدرب كبير ومعروف ونجوم كبار هو أمر يشكل ضغطاً على إدارة الفريق واللاعبين والمدرب ويجعل النادي يدخل في دوامة من المشكلات في حال الإخفاق. نادي نيوكاسل الذي لم يبرم صفقات كبيرة وإعلامية هو الآن وبعد مرور سنة وأشهر بسيطة منذ شراء صندوق الاستثمارات السعودي له يتواجد في المركز الثالث في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الأقوى في العالم بعد مُضي 28 جولة وكذلك هو وصيف بطل كأس الرابطة ويقدم الفريق أداءً رائعاً وقتالياً وهو الفريق الذي مر بظروف صعبة في السنوات الأخيرة، لا شك بأن العمل الذي قُدم عمل رائع ومُذهل وتجربة مختلفة وجديدة.