ميزانية ضخمة، أفكار مبتكرة، منتجات متنوعة، ظهور إعلامي واسع، ولكن الحملة الاتصالية في النهاية لا تحقق الأثر المطلوب، بل حتى قد لا تصل إلى جمهورها المستهدف! فما الأسباب؟ تتعدد أسباب فشل الحملات الاتصالية، سواء كانت حملة دعائية أو إعلامية أو حتى توعوية، لكنها تشترك دوماً في غياب التخطيط وعدم وجود خطة تواصل مكتوبة، تحتوي على سبب الحملة وأهدافها والنتائج المرجو تحقيقها بشكل دقيق. خلال سنوات نشاطي في مجال التواصل وقفت على حملات تجاوزت ميزانيتها عشرات الملايين من الريالات، واستخدمت العديد من المنصات الإعلامية، لكنها - للأسف - تتبخر بمجرد انتهاء بث المواد، وتكاد تكون كما لو لم تحدث أبداً! أولى خطوات الفشل تبدأ حين القفز مباشرة إلى أدوات ومواد الحملة، دون المرور على مرحلة بناء الخطة الاستراتيجية وخصائص الجمهور المستهدف ورسائله وقنواته، واعتقاد أن بذل الوقت والجهد في التخطيط خطوة إضافية وغير مهمة، بل الأفضل أن يُبذل في الكتابة والتصميم والإنتاج، بينما في الحقيقة أن "التخطيط" هو حجر زاوية نجاح أي حملة اتصالية. خلال مرحلة التخطيط تستطيع أن تحدد بوضوح من أنت وما تريد أن تصل إليه؟ وبالتالي هذا ينعكس مباشرة أولاً على توقيت وجدولة الحملة، بدلاً من تُصدم بتعارضها مع أنشطة وأحداث داخلية أو خارجية، قد تؤثر سلباً على وصول وفاعلية الحملة، أيضاً مرحلة التخطيط تجنبك الاستهداف الخاطئ، وذلك عبر تحليل بيانات الجمهور وخصائصه واستمالاته، خاصة مع سهولة توفر المعلومات الرقمية، وخلال مرحلة التخطيط تستطيع الوصول إلى نوع المنصات ومحتوى القوالب المناسب لجمهورك المستهدف، وغالباً ما تكتشف أن هناك منصات اتصالية مناسبة للحملة أفضل من تلكم التي افترضت، بالإضافة إلى استغلال وسائل ومنصات غير مكلفة مادياً، وبالذات تلكم التي تعتمد على التواصل المباشر، أو عبر قادة الرأي المجتمعي. قد تحدث هذه الأخطاء بسبب غياب مختصي التواصل في المنظمة، لكن الأسوأ يحدث حينما لا يُفسح المجال للمختصين لبناء الخطة بالأسلوب الاحترافي، ولا يمنحون المساحة الكافية لاتخاذ القرار والإبداع، بدلاً من التوجيه المباشر بكافة التفاصيل، وعدم إعطاء الخبز لخبازه، ما يجعل عدم تحقيق الأهداف نهاية حتمية، وهو ما يحدث في الكثير من المنظمات، حيث تتغير الخطط بما فيها من رسائل ومحتوى ومنصات بناءً على رأي شخصي. لكن المختصين - أيضاً - قد يقعون في بعض الأخطاء التي قد تؤدي لفشل الحملة الاتصالية! ومنها التقاعس في جمع المعلومات وتحليلها، والاعتماد على الخبرة المتراكمة فقط، غياب سجل المخاطر، تجاهل مرحلة التقييم والتعديل بناء على النتائج والرجع الصدى. من الشائع جداً أن تنجح حملة تواصلية بميزانية ضئيلة والأمثلة متعددة، غير أن الأسباب ليست الفكرة المجنونة أو التوقيت المناسب؛ بل التخطيط ثم التخطيط، والتخطيط أيضاً!