تصدرت مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزعم ارتكاب جرائم حرب، عناوين الصحف العالمية.. واعتبر المراقبون أن قرار المحكمة يعد الحدث الأبرز في العالم كون الرئيس بوتين يعد رئيس دولة عظمى ولديها حق النقض الفيتو في مجلس الأمن. وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أن المذكرة المفاجئة عمقت من عزلة الزعيم الروسي، و"اخترقت هالة الإفلات من العقاب التي أحاطت به منذ أن أمر قواته باجتياح أوكرانيا قبل عام". والاثنين الماضي، حدّثت صحيفة "نيويوك تايمز" الأميركية أن المحكمة الجنائية الدولية تستعدّ لفتح قضيتين تطالان مسؤولين روسا على خلفية الحرب في أوكرانيا، ونقل أطفال من أوكرانيا إلى روسيا، والقصف المتعمد على منشآت مدنية في الأراضي الأوكرانية. وأشارت إلى أنه بينما يعتبر القرار "رمزياً للغاية" إلا أن له "وزناً أخلاقياً"، وسابقة لم تحدث من قبل لأحد رؤساء الدول التي تتمتع بعضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي. جاء ذلك بعدما اتهمت المحكمة الجنائية الدولية، ومقرها لاهاي، الزعيم الروسي بارتكاب "جرائم حرب"، وأصدرت مذكرة اعتقال بحقه أمس. أوكرانيا وقالت الصحيفة الأميركية: إن هناك احتمالاً ضئيلاً بأن يحاكم بوتين في قاعة المحكمة في أي وقت قريب، موضحة أنها لا يمكنها محاكمة المتهمين غيابياً، بينما رفضت روسيا - وهي ليست طرفاً في المحكمة - المذكرتين ووصفتهما بأنهما "بلا معنى". وتابعت نيويورك تايمز، أنه من الناحية العملية، يمكن أن تقيد المذكرة رحلات بوتين، لأنه قد يواجه الاعتقال في أي من الدول ال123 التي وقعت على بنود المحكمة الجنائية الدولية؛ وهي قائمة تشمل جميع الدول الأوروبية تقريبًا والعديد من الدول في أفريقيا وأميركا اللاتينية، دون تواجد الصين أو الولاياتالمتحدة. كما تناولت الصحف أيضاً تداعيات القرار على علاقات روسيا الأكثر أهمية مع دول حليفة. وفي فرنسا، سلطت أبرز الصحف الصادرة صباح السبت، الضوء على تواصل الغضب السياسي والمجتمعي لليوم الثاني على التوالي، جراء فرض الحكومة قرار رفع سن التقاعد ب"القوة"، الأمر الذي تسبب في اقتراح لحجب الثقة عن الحكومة، واحتجاجات عارمة في الشوارع. تفاعلت أبرز الصحف مع مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس الروسي، بوتين وذلك في خطوة فاجأت العالم حول ما إذا كان للقرار "قيمة حقيقية" أم مجرد خطوة لرفع معنويات كييف، وسط مخاوف من تداعيات الأمر على مستقبل الحرب الأوكرانية. واستشهدت المحكمة بمسؤولية بوتين عن اختطاف وترحيل الأطفال الأوكرانيين، الذين تم إرسال الآلاف منهم إلى روسيا منذ الغزو. كما أصدرت المحكمة مذكرة بحق المفوضة الروسية لحقوق الأطفال، ماريالفوفا بيلوفا، الوجه العام للبرنامج الذي يرعاه الكرملين والذي ينقل الأطفال من أوكرانيا. وفي سياق متصل، ذكرت مجلة "نيوزويك" الأميركية، أنه بينما لا تؤدي مذكرة اعتقال الزعيم الروسي إلى ملاحقة قضائية فورية لجرائم الحرب، فإنها قد تهدد إحدى أهم علاقاته التي طورها بشكل منهجي خلال العام الماضي. وقالت المجلة إنه بصرف النظر عن الأمور اللوجستية المعقدة وراء مذكرة الاعتقال، يأتي قرار المحكمة الجنائية الدولية قبل أيام من اجتماع حاسم بين الزعيم الروسي ونظيره الصيني، شي جين بينغ، حيث أعلنت وزارة الخارجية الصينية أن الأخير سيذهب إلى موسكو بعد غد، الاثنين، في زيارة دولة لمدة ثلاثة أيام. وأضافت أنه بالرغم من أن الزيارة ستكون أول رحلة يقوم بها شي إلى روسيا منذ بدء الحرب في أوكرانيا، ويُنظر إليها على أنها مؤشر واضح على مدى قرب البلدين، إلا أن مذكرة الاعتقال ستلقي بظلالها على الاجتماعات وستجعل الزعيم الصيني تحت ضغط شديد. ونقلت "نيوزويك" عن محللين قولهم إن القرار سيؤثر بالطبع على لقاء بوتين وشي المرتقب، مشيرين إلى أن الصين، العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي، يجب أن تفكر في مصداقيتها ودورها في العالم، خاصة إذا كانت تفكر أيضًا في تقديم مساعدات فتاكة لروسيا. والزيارة ستكون أول رحلة يقوم بها "شي" إلى روسيا منذ بدء الحرب في أوكرانيا، ويُنظر إليها على أنها مؤشر واضح على مدى قرب البلدين، إلا أن مذكرة الاعتقال ستلقي بظلالها على الاجتماعات وستجعل الزعيم الصيني تحت ضغط شديد. وحذرت الولاياتالمتحدة، التي تتدهور علاقاتها مع كل من بكينوموسكو، الصين بشأن اقتراح وقف إطلاق النار خلال زيارة شي لموسكو. كما حث الحلفاء الغربيون "شي" على التواصل مع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، حيث يساورهم شكوك حول دوافع بكين في تعزيز علاقتها مع بوتين. وصرح المحللون للمجلة بأنه حتى لو كان توقيت أمر الاعتقال والاجتماع مع شي مجرد مصادفة، فإن تصادم الحدثين يمكن أن "يجعل شي في الواقع يشعر بالتوتر لأنه يواجه ضغوطًا غربية متزايدة للتوقف عن دعم النظام الروسي". وأضافوا أنه من غير المحتمل أن يتناول شي مذكرة المحكمة الجنائية الدولية خلال رحلته إلى موسكو، قائلين إن ظروف زيارة الزعيم الصيني ستكون أقل من مثالية، مشيرين إلى أن القرار لن يعيق العلاقات بين الصينوروسيا. من الصعب أن نتخيل أن هذا سيغير حسابات الرئيس شي فيما يتعلق بزيارته المقبلة إلى روسيا. كما نقلت المجلة عن جوردان غانس مورس، مدير هيئة التدريس في برنامج الدراسات الروسية والأوروبية الآسيوية وشرق أوروبا بجامعة نورث وسترن، قوله: "من الصعب أن نتخيل أن هذا سيغير حسابات الرئيس شي في ما يتعلق بزيارته المقبلة إلى روسيا". وأضاف مورس أنه حتى على المستوى الجيوسياسي، "من المحتمل أن يشعر شي بالأمان الكافي لدرجة أنه لا يشعر بالقلق بشكل خاص بشأن تجنبه من قبل الولاياتالمتحدة أو أوروبا". وتابع: "ومع ذلك، يمكن أن تتغير هذه التصورات إذا أظهرت الصين المزيد من المشاركة العلنية في خطة سلام الحرب الأوكرانية الأسبوع المقبل". ووصفت الصين زيارة شي، وفقاً للمجلة، بأنها مهمة دبلوماسية شخصية للمساعدة في تحقيق السلام بين روسياوأوكرانيا. المسؤولون الغربيون ينظرون إلى الزيارة على أنها العلامة الأكثر وضوحًا حتى الآن على دعم الصين لبوتين، وأن شي مصمم بشكل متزايد على تحدي فكرة أي نظام عالمي تقوده واشنطن من خلال جذب البلدان الأخرى إلى فلك أوثق مع بلاده. نيوزويك وقالت نيوزويك: إن المسؤولين الغربيين، في المقابل، ينظرون إلى الزيارة على أنها العلامة الأكثر وضوحًا حتى الآن على دعم الصين لبوتين، وأن شي مصمم بشكل متزايد على تحدي فكرة أي نظام عالمي تقوده واشنطن من خلال جذب البلدان الأخرى إلى فلك أوثق مع بلاده.