نتعرّض في حياتنا للكثير من التجارب التي من المحتمل أن تصيبنا بصدمات نفسيّة، أو قد نسمع عن أشخاص مروا بصدمات نفسيّة، وفقاً لجمعية علم النفس الأمريكية APA فإن (الصدمة) هي رد فعل لحدث مروّع يتعرّض له الشخص، مثل حادث أو اغتصاب أو كارثة طبيعية أو أيّ حدث يجده مهدّداً له أو مُضراً جسدياً أو عاطفياً. وقد تحدث الصدمة خلال فترة الطفولة؛ بسبب التنمر، أو عوامل نفسيّة من قبل الوالدين تؤذي الطفل، ولا شك أن الحروب والاختطاف والحوادث الطبيعية مثل الزلازل والعواصف، وقد أصبحت تشكل خطراً كبيراً لكونها تؤثّر على مجموعة كبيرة من الأشخاص، وتؤدي إلى صدمات نفسيّة عنيفة وتكون آثارها مدمرة على المجتمع. قد يكون تأثير الصدمة طويل المدى؛ فيشعر الشخص بالضغط النفسي والعجز والخوف الشديد والإحباط، ويجد صعوبة في مواجهة تجاربه الحياتية، كما أن الصدمة لا تؤثر نفسياً في الشخص فقط، بل إنها تؤثر في صحته الجسدية، وإذا استمرت أعراضها تسبب اضطرابات ما بعد الصدمة أيضاً. ومن الأعراض النفسية التي ترافق الصدمة: مشاعر الإنكار والعار والغضب والإحساس بالذنب، وصعوبة في التركيز واسترجاع الذكريات التي أدت إلى الصدمة، والتي بدورها تعتبر مجهدة للشخص، وتؤثر في وظائفه الفيزيولوجية، ومن أهمها: اضطرابات الجهاز الهضمي والصداع والشعور بالغثيان وازدياد دقات القلب. الصدمة النفسيّة تختلف من شخص إلى آخر على حسب الحدث الذي أدى إليها، وبناء على عدة عوامل تؤثر على رد الفعل ومن أهمها: نمط الشخصية للشخص المعرّض للصدمة، وبيئته وثقافته وظروفه الاجتماعية. المعاناة من أمراض نفسيّة. رد فعله والاستجابات العاطفية للمشاعر. تعرّضه لصدمات متكررة. وهذه العوامل تلعب دوراً هاماً أيضاً في تحديد نوع الصدمة، فهناك الصدمة الحادة: التي تنتجُ عن حدث واحد مرهق أو خطير. هناك الصدمة المزمنة: التي تنتج عن التعرض المتكرر والمطوّل لأحداث مرهقة للغاية، والتي تشمل حالات إساءة معاملة الأطفال، أو التنمر أو العنف المنزلي. وهناك الصدمة المعقّدة: التي تنتج عن التعرّض لأحداث صادمة متعدّدة. وهناك الكثير من الأشخاص الذين يتعرضون لصدمات ثانوية غير مباشرة، من خلال احتكاكهم مع شخص تعرّض لحدث مؤلم، ويُعدُّ الأشخاص العاملون في مجال الصحة النفسيّة من أكثر الناس الذين يتعرضون لصدمات ثانوية. ويبقى السؤال الأهم كيف يمكن التعافي من الصدمة النفسيّة؟ تُعدّ الصدمة كغيرها من الأمراض التي تحتاج لعلاج، ولعل أهم وأول خطوات العلاج هو العلاج النفسي من قبل مختص يحدد طبيعة الصدمة ويعمل على معالجة الحالة النفسيّة للمريض، وتغيير نمط تفكيره، من خلال العلاج السلوكي المعرفي الذي يعمل على تغيير سلوك الفرد واستجاباته العاطفية التي تأثرت بسبب الصدمة، ويعتبر من أكثر أنواع العلاج فعالية لاضطرابات الصدمة. يأتي بعدها دور المريض، إذ يجب أن يساعد نفسه من خلال اتّباع نظام مختلف كممارسة الرياضة، والنوم بشكل كافٍ واتباع حمية غذائية متوازنة، والابتعاد عن مسببات التوتر والتدخين والكحول، والابتعاد عن الانعزال وطلب المساعدة من الآخرين والتواصل معهم وتعلّم مهارات جديدة. طبعاً لا يمكن للأدوية وحدها أن تعالج الصدمات أو اضطراب ما بعد الصدمة، ولكنها يمكن أن تساعد الشخص في إدارة أعراض الصدمة مثل: القلق والاكتئاب واضطرابات النوم. ولا يجب اتّخاذ إجراء العلاج الدوائي إلا بعد مراجعة طبيب مختص.. وأخيراً؛ يقول مالكوم إكس: كن مستعدًا لتلقي الصدمات فالحياة مفاجآت؛ قد تأتيك من البعيد وقد تأتي من أقرب الناس إليك.