في كتاب (New Media) للكاتب Nicholas Gane شرح المفاهيم الأساسية لاستيعاب وفهم تأثير الوسائط الرقمية على المشتغلين بالمجال الإعلامي وعلى الثقافة والمجتمع، حيث خطر عدم فهم تأثير هذه الوسائط الرقمية على كل ما حولنا وبالذات من يعملون بالإعلام، فقد لاحظت كما لاحظ غيري كثرة المنظرين في غير تخصصاتهم في وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية، وهذا التنظير يلقي بظلاله على كل شيء حولنا فهناك من يخرج لنا ويفتي في السياسة كخبير عسكري وتخصصه أبعد ما يكون عنه، ويمكن أن نقيس على ذلك في الاقتصاد والإعلام والإدارة والاجتماع، هذا النوع المسطح من التنظير يخلق العديد من المشاكل ويراكمها، لذلك أصبح التخصص ضرورة ملحة وليس رفاهية تمليها علينا المستجدات، فالأشياء من حولنا تتغير، والتغيرات التي تظهر اليوم ستلقي بظلالها على الغد، وعدم التفكير في فوضى الحاضر سيخلق لنا مشاكل مستقبلية جمّة، فالأحداث من حولنا تهز مدى ثقتنا في مستقبلنا، البعض يرى أن مجتمع الغد ما هو إلا صورة عن مجتمع اليوم، ووضوح الرؤية هو المطلب المُلح الآن وله تأثيراته المباشرة، ويجعلنا نستشعر المستقبل الذي نريد، والتغيير يمد أذرعته الأخطبوطية لتلتف حول عالمنا محاولاً تغيير كل ما تطاله أذرعته فهو يحمل معه التغير التكنولوجي والاقتصادي والإنساني سلوكاً وفكراً، لذلك لا بد من خلق طرقاً جديدة للتفكير في الواقع، ونظرة خاصة للمستقبل، وإن لم يكن لديك العلم المتخصص والمعلومة الصحيحة والخبرة الكافية التي تدعم رأيك وموقفك، وما عدا ذلك فليس لك الحق أن تخوض فيما لا يعنيك، جميل أن تكون أنسانا شاملا ومثقفا لديك معلومات كثيرة، ولكن الأجمل ألا تقحم نفسك وآرائك في كل شاردة وواردة هنا تخلق بلبلة وتضليلا، فهناك طرق متعددة أكثر استنارة وإيجابية، طرق تؤهلنا للمستقبل، والأهم تساعدنا على تغيير الواقع، والتعليم والإعلام هما قطر الدائرة وأقطاب مهمة جداً، فالتعليم كفيل بتغيير الفكر والذي دأبنا عليه في مجتمعات الفكر الواحد والرأي الواحد، التعليم هو المرتكز وأساس تقدم الأمم ونشوء الحضارات، والإعلام هو انعكاس لما نعيشه ونعايشة والتخصص في جلب المعلومة وتحليلها وطرحها مطلوب وسط ضبابية العالم، فوسائل الإعلام ما زالت تقدم للجمهور تتابعاً مستمراً ولا ينتهي من الأخبار والمستجدات، والصراعات، والحروب، ونحن الآن في مجتمع ما بعد الحداثة Postmodern society الذي يلزم الأفراد في المجتمع أن يتحملوا مسؤولياتهم الأخلاقية، الأدبية، والاجتماعية، من أجل التصدي لأي مشاكل يواجهونها، في حياتهم اقتصادياً، واجتماعياً، ولكن هذا لا يأتي بمعزل عن المشاركة الاجتماعية بين الأفراد، والتناغم الاقتصادي والأخلاقي والعلمي والنظر بحيادية إلى كل ما حولنا، والإيمان بالتخصص من أجل تحمل المسؤولية الأخلاقية والعلمية.