فتحت وسائل التواصل الاجتماعي أبواباً كثيرة للجميع حتى وصلت الحال إلى أنه بمجرد أن يكون لديك معرّف في أي تطبيق تستطيع أن تكون خبيراً دون علم أو تجربة، فعندما ظهرت "الإنترنت" لم يكن أحد يتوقع أنها ستقلب موازين حياتنا الفكرية والاجتماعية والنفسية، ولم يدور بأذهاننا أننا يمكن تجاوز ما لا يمكن تجاوزه كأدباء وكتاب وقراء، ولكن بعد مرور سنوات عديدة على وجودها، نلحظ تأثيرها الآن حيث كسرت تابوهات كثيرة كانت مرفوضة من قبل، وكان الوعي يزداد مع كثرة التواصل وامتداد أفقه سواء مع بعضها أو مع العالم الخارجي ومن المتعارف عليه أنه غالباً ما يضيع شيء ويكتسب شيء مع كل تقدم يحدث في جميع المجالات سواء التكنولوجية أو الثقافية وغيرهما، كذلك استخدام التقنيات الحديثة أصبحت قضية ثقافية في المقام الأول، فقد أصبحت الثقافة هي محور عملية التنمية الشاملة، وقد نادى الفيلسوف يورجن هابرماس "بالتواصل الصادق مع الآخرين "، ولو طبقناها على واقعنا الثقافي الحالي قد يكون التواصل مع الآخرين عن طريق استمطار الأفكار وكيف يمكن تفعيل الثقافة وإيصالها للجمهور باعتبارها جزءاً من الحياة وليست رفاهية، فمشكلاتنا حديثة، لذلك لابد من إيجاد حلول حديثة، وقد لاحظت كما لاحظ غيري كثرة المنظرين في غير تخصصاتهم في وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية، وهذا التنظير يلقي بظلاله على كل شيء حولنا، فهناك من يخرج لنا ويفتي في السياسة كخبير عسكري وتخصصه أبعد ما يكون عنه، ويمكن أن نقيس على ذلك في الاقتصاد والإعلام والإدارة والاجتماع هذا النوع المسطح من التنظير يخلق العديد من المشاكل ويراكمها، لذلك أصبح التخصص ضرورة ملحة وليس رفاهية تمليها علينا المستجدات، فالأشياء من حولنا تتغير، والتغيرات التي تظهر اليوم ستلقي بظلالها على الغد، وعدم التفكير في فوضى الحاضر سيخلق لنا مشاكل مستقبلية جمّة، فالأحداث من حولنا تهز مدى ثقتنا في مستقبلنا، البعض يرى أن مجتمع الغد ما هو إلا صورة عن مجتمع اليوم، ووضوح الرؤية هو المطلب المُلح الآن وله تأثيراته المباشرة، ويجعلنا نستشعر المستقبل الذي نريد، والتغيير يمد أذرعته الأخطبوطية لتلتف حول عالمنا محاولاً تغيير كل ما تطاله أذرعته، فهو يحمل معه التغير التكنولوجي والاقتصادي والإنساني سلوكاً وفكراً، لذلك لابد من خلق طرق جديدة للتفكير في الواقع، ونظرة خاصة للمستقبل، نحن نحتاج إلى الشرايين التي تغذي حياتنا ومستقبلنا، ففي هذا العالم الصاخب لا مكان للمجتمعات الضعيفة وقليلة الكفاءة، لذلك كان التعليم هو أسّ البناء وقاعدته، فقد انشغلنا بهامش التعليم وزحفنا نحو العناوين فعندما ينتعش أي شيء في أي مكان فتش عن التعليم فهو المحرك والمنظم والشرارة لكل شيء.