لا يكاد يذكر اسم كولمبيا إلا ويتبادر إلى الأذهان اسم أديبها الفذ وكاتبها المبدع جابرييل جاريسيا ماركيز الذي حاز نوبل في الأدب وحصد شهرة عالمية لا يقارعه أحد فيها أو ينازعه أحد عليها، في سيرته الذاتية البديعة "عشت لأروي Living to tell the tale" يسرد لنا ماركيز بدقة متناهية سنوات التكوين الأولى في حياته ومسيرته المبكرة في عالم القراءة والصحافة ومن ثم احترافه الكتابة الإبداعية والتفرغ التام لها، في هذه السيرة أيضا العديد من الإشارات حول القراءة التي شغف بها مبكراً وتلك الكتب التي قرأها ماركيز وأعجب بها، في مرحلة الطفولة كانت الكتب شحيحة في الزمن الذي عاش فيه ماركيز وقد ذكر أنه وزملاءه من الشباب المتعطشين للمعرفة كانوا ينتظرون بشغف كبير ما يحمله الرُسل القادمون من الأرجنتين من كتب لا توجد عادة في كولمبيا وعن طريق هذه الكتب تعرف ماركيز على أدباء وأعجب بهم مثل خورخي لويس بورخيس وخورخي كورتزار وهرنانديز، في هذه المذكرات يعترف ماركيز أنه قرأ "ألف ليلة وليلة" وأعجب بها كثيراً وبشخوصها خصوصاً شهرزاد الذي نعتها بأنها ملهمة وأن روح المجازفة التي دشنتها شهرزاد توقفت عندها ولم تنتقل عبر الأجيال اللاحقة التي سيطر عليها الجبن والإحجام عن خوض المغامرات. قرأ ماركيز كتاب "إعداد المتمرد Making of a Rebel" لارتورو بارييز Arturo Bareas ورواية "شاطئ الورد Chalet of Roses " والتي أثنى على تركيبها الدرامي ولغتها الفارهة وشجاعة وجرأة مؤلفها. تعج المذكرات بالعديد من الإشارات إلى الكتب التي أطلع عليها ماركيز. القائمة طويلة نوعاً ما ولكن سنختصر بالقول أن ماركيز قرأ "الجبل السحري" لتوماس مان و"الرجل ذا القناع الحديدي" لأكسندر دوما و"عوليس" لجيمس جويس و"صوت وصخب" لفوكنر و"اوديبس ركس" لسفوكليس و"كوخ العم توم" لتولستوي. ذكر ماركيز أيضاً أنه قرأ رواية "موبي ديك" لهيرمان ميلفيل ورواية "أبناء وعشاق" لدي أتش لورانس وكذلك رائعة كافكا "المتحول" ومجموعة قصص لبورخيس بعنوان "أليف وقصص أخرى"، كان للكاتبة الشهيرة فيرجينيا وولف نصيب من قراءات ماركيز حيث أشار أنه قرأ روايتين لها وهما "اورلاندو" و"السيدة دالاوي"، تدل هذه القائمة على أن ماركيز كان شديد التركيز على عيون الأدب العالمي عموماً والأدب الإنجليزي على وجه الخصوص. القراءة تجربة مهمة في تكوين الأديب ولا يوجد أديب وصل بأدبه إلى آفاق العالمية دون أن يكون قضى وقتاً كبيراً من حياته مُكباً على الكتب ينتقي ويقرأ بشغف ونهم شديدين. غابرييل غارسيا ماركيز د. عبدالله الأسمري