تعدّ الإبل عند العرب منذ آلاف السنين مصدر رزق ووسيلة تنقل في حلهم وترحالهم، ولسان فخر في حياتهم، وثقافة مستمدة من تاريخهم العريق، فكلمة المال إذا أطْلقتْ في كلام العرب أريد بها الإبل، كما لقبت بسفينة الصحراء كونها تجوب الفيافي والقفار، يوجهها صاحبها بصوته كيف يشاء، ويطربها بغنائه إن غنى، ويجذبها بصوت حدائه، مستجيبة لندائه فرحةً مسرورةً، إذا صاح راعيها تجمعت حوله من أقاصي مرعاها. وحمل الجمل عند العرب، موضع القصيدة والحكاية، بجلده وصبره الذي بات يضْرب المثل به، كما كان ملهماً للشعراء في القدرة على الحركة وسط الظروف الصعبة، والصبر على الجوع والعطش، ورفيق الدروب الصعبة، ومشوار الحياة القاسية. أصل التسمية والجمل في المعنى اللغوي يعني الذكر من الإبل، وأنثاه (الناقة) أما (البعير) فيقع على الذكر والأنثى، وتنقسم الإبل إلى نوعين، أولهما: الجمل العربي أو الوحيد السنام ، وثانيهما: الجمل ذو السنامين، وهما نوعان منفصلان يتشابهان كثيراً حتى إن ما يقال عن أحدهما يمكن أن ينطبق إلى حد كبير على الآخر، ويقطن الجمل العربي المناطق الصحراوية لشمال إفريقيا وشبه الجزيرة العربية، وتم إدخاله كحيوان مستأنس في الهند وأستراليا، ولا يوجد الجمل العربي في الواقع بصورة وحشية على الرغم من وجود ما يعرف بالجمال البرية التي هجرت الاستئناس لتهيم على وجهها، أما الجمل ذو السنامين، فهو حيوان قوى البيان يعيش في «آسيا» شمال جبال الهمالايا وهو من حيوانات النقل المهمة في الأجزاء الجنوبية من سيبريا ومنغوليا وتعيش في صحراء جوبي جمال ذات سنامين طليقة وهى جمال يعتقد بانتمائها إلى القطعان البرية ويكسو هذا الجمل غطاء كثيف من الوبر الذي يسقط عند نهاية فصل الشتاء. السليل والحوار وذكر علماء اللغة للإبل أسماءً كثيرةً ترتبط بعمرها وبيئتها وغير ذلك، وهذه بعض أسماء الإبل منذ ولادتها حتى شيخوختها، «فولدها حين يسل من أمه "سليل " ثم "سقب" و"حوار" وهو فصيل أو فطيم إذا فصل عن أمه، وفى الثانية "ابن مخاض" لأن أمه تلقح فتلحق بالمخاض وهى الحوامل والأنثى بنت مخاض، فإذا دخل في السنة الثالثة فهو "ابن لبون" والأنثى "بنت لبون" لأن أمه صارت ذات لبني، وفي السنة الرابعة "حق" لأنه استحق أن يحمل عليه، وفي السنة الخامسة "جذع" وفى السادسة "ثني" وفي السابعة "رباع" وفي الثامنة "سديس" وسدس للذكر والأنثى، وفي التاسعة "بازل" قال الشاعر: وابن اللبون إذا ما لز في قرن لم يستطع صولة البزل القناعيس ثم ينتقل بعدها بسنة يطلق عليه "مخلف عام" و"بازل عام" ثم "مخلف عاميني" و"بازل عاميني" ثم هرش أي يصير عوداً وهرماً وماحاً. مطايا الإبل كما يطلق على الإبل المطية وهي اسم جامع لكل ما يمتطى من الإبل، فإذا اختارها الرجل لمركبه لتمام خلقها ونجابتها فهي "راحلة"، فإذا استظهر صاحبها وحمل عليها فهي "زاملة" ، والناس يقولون في الرجل العاقل الثابت في أموره: "رجل زاملة" يريدون مدحه فإذا وجهها مع قوم ليختاروا عليها فهي "عليقة" وتدل بعض أسماء الإبل على صفة فيها فيقال "كهاة" و"جلالة" وهي العظيمة و"عطموس" والعيطموس، و"دعبلة" وهى الحسنة الخلقة التامة الجسم، و"كوماء" وهى الطويلة السنام، "وجناء" وهى الشديدة القوية اللحم. إبل خالدة ويطلق العرب مسميات محببة على الإبل حين ركوبها ناقةً أو جملاً، حيث يطلق على الذكور منها: (غزلان) و(شرهان) و(حمران) و(عبدان) و(بويظان)، وعلى الإناث (قمراء) و(حلوة) و(شرهة) و(عبدة) و(الرهيفة) و(الزينة) و(الجهامة) و(الغزالة). ومن الإبل الشهيرة التي خلدها التاريخ "ناقة الله" لثمود، وناقة "البسوس"، وناقة رسول الله -صلى عليه وسلم- "القصواء"، و"الحمراء" ناقة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. مهرجان المؤسس وفي ضوء ذلك عبّر مرتادو مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل 2022م في نسخته السابعة التي انطلقت فعالياتها تحت شعار "همة طويق" عن تجربتهم الاستثنائية، سواءً من ناحية المشاركة في الفعاليات والعروض أم لأجل التجارة والبحث عن الرزق الحلال. وتجاوز عدد زوار المهرجان حاجز ال 800 ألف زائر منذ انطلاقته مطلع شهر ديسمبر الجاري، وسط توقعات كبيرة بزيادة العدد، خصوصًا مع احتدام المنافسات في مختلف السباقات، كما بلغ مجموع جوائزه 300 مليون ريال، شملت سباقات مهرجان الملك عبدالعزيز للهجن، المنتهية أشواطه التمهيدية بواقع 396 شوطاً في مختلف الفئات، فيما تجاوز عدد المتون التي خضعت للفحص الطبي في المهرجان ككل 5600، استبعد منها 311 متناً، كما بلغ حاجز صفقات ندر الصفر 26 مليون ريال، وكذلك شارع الدهناء التجاري الذي يعدّ عامل جذب اقتصادي وثقافي وداعم للمستفيدين وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. رعاية ملكية ويرجع الاهتمام بمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل الذي يشرف عليه نادي الإبل، كونه مهرجاناً سنوياً ثقافياً واقتصادياً ورياضياً وترفيهياً يقام في المملكة ويحظى برعاية ملكية، حيث تهدف إلى تأصيل تراث الإبل وتعزيزه في الثقافة السعودية والعربية والإسلامية، وكذلك توفير وجهة ثقافية وسياحية ورياضية وترفيهية واقتصادية عن الإبل وتراثها التي رافقت العرب منذ آلاف السّنين إلى اليوم كحضارة وثقافة أصيلة خالدة. توعية الملاك ويقوم النّادي بدوره بتوعية ملّاك الإبل بالطرق العلميّة لعلاج الإبل، والعناية بها، وتشجيع القطاع الخاص؛ للاستثمار في القطاع البيطري للإبل، إضافةً إلى إيجاد فرص نوعيّة للمستهلك، وللمستثمر في قطاع منتجات الإبل الغذائية بأنواعها؛ للاستفادة منها، وتحويلها إلى منتجات تجاريّة تغطّي الاحتياج الفعلي للأسواق المحليّة والعالميّة. وعبّر ماجد السبيعي أحد رواد المهرجان وساكني المنطقة، عن أهمية المهرجان في إحياء الموروث الثقافي والرياضي للإبل، علاوةً على استفادة أهل المحافظة وضواحيها من الحركة الاقتصادية التي أنعشت الأسواق، وباحثي الرزق الذين يعملون في أسواق المهرجان من خلال تسويق منتجاتهم وبيعها على الزوار من جميع أنحاء المملكة والخليج والعالم، مبيناً أن هناك طلباً على المنتجات الشعبية مثل السمن والأقط وصناعة السدو والحرف اليدوية والتراثية. الأسر المنتجة وعبّرت إحدى كبيرات السن من بائعات الأسر المنتجة "منيرة" عن سعادتها في كل عام وهي تحضر المهرجان لتلتقي بالزبائن الذين اعتادوا الشراء من منتجاتها الشعبية اليسيرة، مثل الأقط والسمن والجريش وخبز القرص، ومدى فرحتهم بالاستمتاع بالمذاق السعودي الأصيل، حيث تأتي من الصباح الباكر؛ لتقوم بتحضير وتجهيز الإفطار في السوق الشعبي لبيعه للزوار بأسعار مناسبة، مشيرة إلى أن حياة الماضي باتت محط شغف من قبل الجيل الصاعد، خصوصا عندما يشاهدون ويتصورون كيف كانت الحياة صعبة في عهد الآباء والأجداد، وما وصلنا إليه من رغد عيش في الحاضر، متمنيةً في الوقت ذاته أن ترى المهرجان في تقدم وتطور ونماء في ظل القيادة الحكيمة لهذا الوطن المعطاء. تطور المهرجان من جانبها، أكدت الشاعرة راجين العنزي إحدى الزائرات والمهتمات في الإبل، أن تطور المهرجان خلال السنوات الماضية نال إعجاب الجمهور ومحبي هذا التراث العريق الذي امتد من مئات السنين حتى عصرنا الحاضر، مبينةً أن المهرجان أصبح وجهة اقتصادية لكثير من رجال الأعمال للاستثمار في الإبل وإنتاجها، مشيدةً في الوقت ذاته بالجهود الملحوظة والاهتمام الكبير الذي يحظى به المهرجان من دعم على مستوى القيادة الحكيمة. ارتبطت رعاية الإبل بالعرب تاريخياً إبل في طريقها للمشاركة بالمهرجان مهرجان الملك عبدالعزيز يهدف للحفاظ على الموروث مشارك في نظرة أخيرة بالميدان