تدلف المملكة العام الجديد 2023، بمنهجية وفكر جيو - اقتصادي وسياسي عالمي فرضته الظروف الجيو - ستراتيجية، والمصالح السعودية ومتطلبات العالم الاقتصادية، فضلا عن ممارسة دورها الريادي بالعقلانية حفاظا على مصالحها ودعما للاستقرار العالمي والاقتصادي والبيئي الذي تلعبه على الساحة العالمية، لتحقق الأهداف وتنجز المتطلبات الرئيسة للأمن والسلم العالمي. وفي خضم تجاذبات عالمية، نجحت المملكة في تعظيم مشاركاتها في عدد من القمم المهمة في العام المنصرم في الشرق الآسيوي ومصر، حيث رأس صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء وفد المملكة، في الحوار غير الرسمي، لقمة المنتدى الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ "أيبك" في العاصمة التايلندية بانكوك، هذه القمة التي أسست لزيادة النمو الاقتصادي والرخاء في دول المنطقة، ولتسهيل التعاون الاقتصادي والتجاري بين أطرافها، كما رأس ولي العهد وفد في القمم الخضراء النسخة الثانية، في شرم الشيخ على هامش قمة المناخ، وكانت مشاركة ولي العهد في قمة أيبك كالمشاركة الشرق أوسطية الأولى، في اجتماع القمة بالتزامن مع زيارته إلى تايلند لتكون المملكة أول دولة عربية تحظى بدعوة من تايلند. وأبرزت المشاركة السعودية، حرص الأطراف الآسيوية وتحديدا تايلند، على التقارب الاستراتيجي مع المملكة. وشكلت المشاركة السعودية فرصة لمزيد من التعاون بين الرياض ودول آسيا والمحيط الهادئ، التي تتميز بأهميتها الجيوسياسية والاقتصادية المتنامية بخاصة في الفترة الأخيرة تقديراَ عالمياً لمكانة المملكة وقيادتها وإدراكاً لثقلها السياسي والاقتصادي. أبهر القادة وأكد عدد من الإعلاميين الآسيويين في تصريحات ل"الرياض" أن رئاسة ولي العهد في قمة العشرين وقمة أيبك أظهرت قوة المملكة اقتصادها موضحين أن ولي العهد أبهر القادة بشخصيته المؤثرة في قمة العشرين ومنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ. وقالت ثانيت أفورنزوفان، الأستاذة في جامعة تاماسات التايلندية إن مشاركة الأمير محمد بن سلمان في منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ كانت علامة مرحب بها على تعدد الأقطاب للمجموعة ورؤيتها لاقتصاد العالم المستقبلي، فيما قال عضو مجلس الإعلام الإندونيسي توتك اندرياني إن قوة تأثير الأمير محمد بن سلمان في المحيط الآسيوي تمثل في سعي المملكة دائماً في خططها التنموية من خلال رؤية المملكة 2030 إلى تحسين بيئة الأعمال وتذليل المعوقات لجعلها بيئة أكثر جاذبية وتحسين البيئة الاستثمارية وزيادة جاذبيتها للمستثمرين المحليين والأجانب وهو الأمر الذي فتح أبوابا للمستثمرين في الداخل. رؤية 2030 وأكدت أن رؤية السعودية 2030 تهدف إلى الارتقاء بمستقبل المملكة مع التركيز على الاستدامة كمحور أساسي في التخطيط وتأسيس البنية التحتية وتطوير السياسات والاستثمار. تقليل الانبعاثات فيما تحدث رئيس تحرير صحيفة تي في 5 الإندونسية يادي هارديني أن مبادرتي "السعودية الخضراء" و"الشرق الوسط الأخضر" التي دشن الأمير محمد بن سلمان نسختها الثانية في شرم الشيخ العام المنصرم، كانت خارطة طريق طموحة لا تقود المملكة فحسب، بل وتُسيّر الجهود في المنطقة نحو الاستدامة، حيث ستعمل هذه المبادرات على تقليل الانبعاثات. وكان ولي العهد قد أعلن، خلال مشاركته مؤخراً في القمة الثانية لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر، والتي انعقدت في شرم الشيخ، استضافة المملكة مقر الأمانة العامة لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر، وإسهامها بمبلغ 2.5 مليار دولار، دعماً لمشروعات المبادرة وميزانية الأمانة العامة. الحياد الصفري كما كشف ولي العهد، في القمة الثانية لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر، استهداف صندوق الاستثمارات العامة الوصول للحياد الصفري لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول العام 2050، من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون، ليكون من أوائل صناديق الثروة السيادية عالمياً، والأول في منطقة الشرق الأوسط، في استهداف الوصول للحياد الصفري بحلول هذا التاريخ، بما يعزز دور الصندوق لاعباً رئيساً في دعم الجهود العالمية في مواجهة تحديات المناخ. قيادة أمن أسواق البترول وقال الإعلامي الماليزي البروفيسور ايزلان بصار إن ولي العهد نجح العام المنصرم في قيادة أسواق الطاقة العالمية، ووظفت مكانتها لتحقيق الاستقرار والتوازن في الأسواق الدولية، وهي تعتبر أمن الطاقة واستدامتها موضوعًا ذا أهمية بالغة، ومن هذا المنطلق حرصت على وضع سياسات فعالة لأسواق الطاقة توازن بين أمنها واستدامتها، وسيعمل المنتدى على مناقشة سبل تعزيز التجارة والاستثمار والنمو المستدام، إذ يلعب دوراً حيوياً في تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي في ظل أسلوب غير ملزم قانوناً وبيئة ودية. وتصدرت المملكة دول مجموعة العشرين G20 من حيث معدل النمو خلال عام 2022، وفق تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، الصادر عن صندوق النقد الدولي أكتوبر 2022، حيث ثبت الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي خلال عام 2022 عند 7.6 %، كما توقع صندوق النقد الدولي أيضًا نمو اقتصاد المملكة لعام 2023 بمعدل 3.7 % بحسب التقرير نفسه. وفي منطقة تقاذفتها الأمواج، وفي عالم مضطرب سياسيا واقتصاديا ونفطيا تتعاظم فيه المصالح، تقوم المملكة بدور الدولة القوية والرصينة، والوسيط العالمي النزيه، محافظة على ثوابتها وقيمها النبيلة، معضدة دبلوماسيتها التفاعلية العالمية، وتنقلت الدبلوماسية السعودية من شرم الشيخ إلى دبلوماسية القمم العالمية، باتجاه سواحل جزيرة بالى بإندونسيا ومنها إلى كوريا ثم تايلند في ظروف جيوسياسية واقتصادية ونفطية معقدة، قد تكون الأصعب في التاريخ. وقدمت المملكة النموذج السياسي، والاقتصادي، والتعاوني الذي لا حلّ للعالم من دونه" في قمة العشرين والتي استضافتها عام 2020 في ذروة جائحة كورونا وتبعاتها، كما نجحت الرياض في قيادة المجموعة 2020، واستطاعت أن تثبت أنها دولة استحقت هذه المكانة بين هذه الدول بجدارة كبيرة، خاصة أن المملكة تشهد تحولات هائلة في الكثير من المجالات التي تقودها رؤية المملكة 2030، وكانت قمة العشرين 2020، فرصة تاريخية، أثبتت من خلالها المملكة قدرتها الفائقة على تعزيز موقعها العالمي؛ حيث تفوقت في قيادة قمة عالمية عكست القيم الإنسانية للمملكة، ورغبتها الدائمة في أن تكون محوراً عالمياً يقدم للعالم أهمية العمل بالقيم الإنسانية وقيم التسامح التكافل وقيم العدل والحقوق للبشرية جميعاً دون استثناء، وأكد المسؤول الإندونيسي على أهمية مشاركة المملكة في القمة ودورها الرئيس في تعزيز الأمن والسلم العالمي ودعم التنمية الاقتصادية والبيئة المستدامة في العالم، وحملت المملكة أطروحات عالمية اقتصادية وبيئية ونفطية ومبادرات لقضايا المناخ والديون في مشاركاتها الآسيوية والعربية وحققت كل الأهداف التي صاغتها المملكة لأجل هذه القمم. وقال رئيس تحرير قناة اج الباكستانية شوكت بيراجا إنه من المؤكد أن المملكة ستلعب دوراً محورياً في العام الجديد وقيادة بوصلة العالم نحو تحقيق الأمن الغذائي والنفطي والبيئي الدولي، وتجسيد صورتها كدولة رصينة مهمة ومسؤولة ذات إمكانيات تنموية واستثمارية واسعة ومتنوعة وتشمل جميع القطاعات تلعب بشكل كامل دورها كدولة رئيسة بين الأمم في عالمنا المعاصر. وقال إنه في ظل الاستقطاب العالمي الناتج بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، فإن المملكة بدبلوماسيتها الرصينة استطاعت قيادة بوصلة أمن الطاقة العالمي بامتياز كونها حريصة على إمدادات الغذاء والطاقة والاقتصاد والبيئة، والتضخم المتزايد، والتهديد الذي يلوح في الأفق حول الركود العالمي، فضلا عن التغيرات المناخية، ويؤكد المراقبون أن المملكة ستقود حراكا دبلوماسيا بقيادة سمو ولي العهد في العام الجديد لتكريس الأمن. ولي العهد مستقبلاً الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الأمير محمد بن سلمان في جلسة مباحثات مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات ولي العهد خلال استقباله من السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان