الرضا والقناعة في النفس، وتقبل الأمر والواقع، تجسد كل ذلك في تلك المرأة الأفريقية التي تعيش وتعمل بكل جد ونشاط، في الحقيقة بعد أن قراءت قصتها شعرت بالحزن والفرح في آن واحد، حزنت لحالها ولظروفها وصعوبة عيشها وتحملها أعباء ثقيلة جداً عليها، خاصة لمن هم في مثل عمرها، وفرحت لأني وجدت درساً في الحياة كله حب وأمل وتفاؤل ونشاط. رأيت فيها الأمل رغم الألم التي تعيش أحواله وظروفه كل يوم. ومقارنة مع ما نعيشه وما نراه من حولنا خاصة في مواقع العمل قليل جدا من تجد فيهم من هو راضٍ عن حاله وعن نفسه ويحب الخير للآخرين كما يحبه لنفسه، ولا يمكر بالناس ولا يخدعهم..! قال الله تعالى: (وقليل من عبادي الشكور). القصة من كتاب للمؤلف كريس بروان، ذكر في كتابه قصة حقيقية شاهدها أحد كبار المديرين التنفيذيين لإحدى الشركات البريطانية في بعثة خاصة ضمن برنامج مساعدة الفتيات المراهقات في أفريقيا، حيث أراد أن يعيش الأحداث، ويرى بنفسه أحوال الناس عن قرب وكثب، وفي أثناء رحلته يقول قضى يوماً في إحدى الدول الأفريقية، وأراد أن يرافق إحدى الفتيات المراهقات ليشاهد كيف تقضي يومها، يقول: كانت تستيقظ في الثالثة صباحاً للدراسة على ضوء هاتفها المحمول، وتبدأ بأعمال المنزل في الخامسة صباحا قبل الذهاب للمدرسة، كانت تقوم بحمل 45 رطلا من الماء لمسافة 500 ياردة كل ذلك على ظهرها، وتقوم أيضا بإعداد وجبة الإفطار لعائلتها والقيام بتنظيف منزلها أيضا، وتقوم بأعمال الزراعة لأجل أسرتها لأن والدها متوفٍ وأمها مريضة. وتجمع الحطب وتذهب لبيعه في السوق بما يقارب سبعين سنتا في اليوم! ومما أدهشني أن سبعين سنتا التي كسبتها كانت تنفق منها عشر سنتات لشحن هاتفها ليضيء لهم ظلام الليل وهكذا هو حالها كل يوم..! ومع صعوبة تلك الحالة إلا أنها لم تتوقف عن الابتسامة أبداً كانت قوية وثابتة، ويقول: لو أعطيتها إدارة شركة فستنجح في عامين اثنين، رغم ما رأيت من أسباب الفشل التي تحيط بها.