تتجه أنظار عشاق الساحرة المستديرة في العالم إلى ملعب (لوسيل)، الذي سيكون مسرحا للمباراة النهائية في بطولة كأس العالم لكرة القدم، المقامة حاليا في قطر، بين منتخبي الأرجنتينوفرنسا، اليوم (الأحد) ويتطلع المنتخبان الأرجنتيني والفرنسي لتتويج مشوارهما الطويل خلال المونديال القطري بالحصول على كأس العالم للمرة الثالثة في تاريخ كل منهما. وبينما توج منتخب الأرجنتين باللقب عامي 1978، حينما استضاف المونديال على ملاعبه، و1986 بالمكسيك، فقد أحرز منتخب فرنسا البطولة، عامي 1998، عندما نظمها على أرضه، و2018 في روسيا. وستكون هذه هي المواجهة ال11 بين منتخبات قارتي أمريكا الجنوبية وأوروبا في نهائي المونديال، حيث شهدت اللقاءات العشرة السابقة تفوقا ساحقا للمنتخبات اللاتينية التي حققت اللقب 7 مرات على حساب منتخبات القارة العجوز، التي فازت بثلاثة ألقاب فقط على حساب منتخبات أمريكا الجنوبية. ورغم ذلك، فإنه خلال النسخ ال21 السابقة في كأس العالم، حصلت المنتخبات الأوروبية على 12 لقبا في المونديال، في حين نالت منتخبات أمريكا الجنوبية 9 ألقاب فقط. وقدم المنتخبان الأرجنتيني والفرنسي مسيرة رائعة في المونديال، الذي يجرى للمرة الأولى في الوطن العربي، استمرت على مدار الأيام ال28 الماضية، وأصبح كل منهما على بعد لقاء وحيد من أجل معانقة لقب البطولة الأهم والأقوى في عالم كرة القدم. وتصدر كلا المنتخبين ترتيب مجموعتيهما برصيد 6 نقاط، حيث صعدا للأدوار الإقصائية بعدما حقق كل منهما انتصارين وتلقى خسارة وحيدة في الدور الأول. وتواجد منتخب الأرجنتين على قمة المجموعة الثالثة، ورغم خسارته المباغتة 1 / 2 أمام السعودية في مستهل لقاءاته بالبطولة، إلا أنه سرعان ما استعاد اتزانه، عقب فوزه 2 / صفر على منتخبي المكسيك وبولندا في الجولتين التاليتين، ليضرب موعدا في دور ال16 مع منتخب أستراليا، الذي تغلب عليه 2 / 1. وكان المنتخب الأرجنتيني على موعد مع مواجهة بالغة الإثارة ضد منتخب هولندا في دور الثمانية، حيث اجتاز عقبة منتخب (الطواحين) بركلات الترجيح، عقب انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل 2 / 2، قبل أن يقدم أقوى عروضه بالبطولة حتى الآن وذلك في الدور قبل النهائي حينما تغلب 3 / صفر على منتخب كرواتيا، يوم الثلاثاء الماضي. أما منتخب فرنسا، الذي يطمح لأن يصبح أول منتخب يحتفظ بكأس العالم في نسختين متتاليتين منذ منتخب البرازيل الذي حقق الإنجاز ذاته عامي 1958 بالسويد و1962 في تشيلي، فقد صعد لمرحلة خروج المغلوب إثر تربعه على صدارة المجموعة الرابعة. وبدأ منتخب فرنسا حملة الدفاع عن لقبه بالفوز 4 / 1 على أستراليا، قبل أن يتغلب 2 / 1 على الدنمارك بصعوبة بالغة، ثم تلقى خسارة غير مؤثرة صفر / 1 أمام منتخب تونس في الجولة الأخيرة. وفي دور ال16، انتصر منتخب فرنسا 3 / 1 على بولندا، ليضرب موعدا ناريا في دور الثمانية مع منتخب إنجلترا، الذي تغلب عليه 2 / 1، قبل أن يفوز 2 / صفر على منتخب المغرب، في الدور قبل النهائي. ويتطلع (الساحر الأرجنتيني) ليونيل ميسي للسير على نهج أسطورة منتخب (راقصو التانجو) الراحل دييجو مارادونا، حينما ألهم محبي المنتخب اللاتيني، وقاده للتتويج بالمونديال لآخر مرة منذ 36 عاما. ولعب ميسي /35 عاما/ دور "المنقذ" لمنتخب الأرجنتين في كثير من المواجهات، حيث ساهم بثمانية أهداف من إجمالي 12 هدفا أحرزها الفريق طوال مشواره في البطولة الحالية. وأحرز ميسي، الذي صرح قبل انطلاق البطولة بأن هذا المونديال سيكون الأخير له في مسيرته مع منتخب الأرجنتين، 5 أهداف مع الفريق في النسخة الحالية لكاس العالم، التي يتربع على قمة الهدافين بها، بالاشتراك مع النجم الفرنسي الشاب كيليان مبابي، زميله في فريق باريس سان جيرمان الفرنسي، كما قام أيضا بثلاث تمريرات حاسمة لزملائه. وأذهل ميسي الجميع بتمريرته الحاسمة التي أحرز من خلالها زميله جوليان ألفاريز، الهدف الثالث للأرجنتين في شباك كرواتيا، حيث انطلق بالكرة من منتصف الملعب في الناحية اليمنى مراوغا أكثر من لاعب بمهارة رائعة، قبل أن يصل بها لمنطقة الجزاء، ويمرر كرة عرضية زاحفة لنجم مانشستر سيتي الإنجليزي، الذي سدد مباشرة في الشباك. ويرغب ميسي في عدم تكرار خيبة الأمل التي تعرض لها في مونديال 2014 بالبرازيل، الذي شهد خسارة منتخب الأرجنتين صفر / 1 أمام منتخب ألمانيا في الوقت الإضافي للمباراة النهائية بالبطولة. ورفع ميسي رصيده التهديفي خلال مسيرته بالمونديال، التي بدأت بنسخة عام 2006 في ألمانيا، إلى 11 هدفا، ليبتعد بفارق هدف وحيد عن معادلة رقم الأسطورة البرازيلي بيليه في قائمة الهدافين التاريخيين للمونديال. وكال ليونيل سكالوني، المدير الفني لمنتخب الأرجنتين، المديح لميسي، عقب مباراة كرواتيا، التي قدم خلالها (البرغوث) أفضل مستوياته في البطولة حتى الآن. وأكد سكالوني أنه لا يمكن لأحد توقع ما سيقوم به ميسي، لأنه أفضل لاعب كرة قدم في التاريخ، مشيرا إلى أنه فخور بتمثيل لاعب مثل ميسي منتخب الأرجنتين، في ظل الأداء الاستثنائي الذي يقدمه. وأصاب ميسي الجماهير الأرجنتينية بقلق بالغ، في ظل الشائعات التي أثيرت بشأن إصابته في العضلة الخلفية التي اشتكى منها خلال مواجهة كرواتيا، قبل أن تحسم الصحف المحلية الجدل، بعدما شددت على أن حالة النجم الفائز بجائزة أفضل لاعب في العالم 7 مرات، على ما يرام. وفي كل الأحوال، سيكون ميسي على موعد مع صناعة التاريخ حال مشاركته في المباراة النهائية، حيث سينفرد بالرقم القياسي كأكثر اللاعبين خوضا للمباريات في تاريخ كأس العالم. ويستعد ميسي لفض شراكته مع النجم الألماني السابق لوثر ماتيوس، حيث يخوض قائد منتخب الأرجنتين لقائه ال26 في مسيرته بالمونديال. في المقابل، يدين منتخب فرنسا بفضل كبير في بلوغه للمباراة النهائية للثنائي مبابي وأوليفييه جيرو، اللذين أحرزا مجتمعين 9 أهداف من مجموع 13 هدفا أحرزها الفريق بمسيرته في كأس العالم الحالية. وبينما قدم مبابي أداء لافتا خلال مشواره بالبطولة، عقب تسجيله 5 أهداف وقيامه بتمريرتين حاسمتين، فقد كان جيرو /36 عاما/ عند حسن الظن به، بعدما نجح في تعويض غياب كريم بنزيمة، الفائز بجائزة (الكرة الذهبية) كأفضل لاعب في العالم هذا العام، الذي حالت الإصابة دون مشاركته في أي مباراة مع الفريق بالمونديال. وأعاد جيرو اكتشاف نفسه في مونديال قطر، عقب تسجيله 4 أهداف، رفع من خلالها رصيده التهديفي طوال مشواره مع المنتخب الفرنسي إلى 53 هدفا في 119 مباراة لعبها مع الفريق، ليصبح الهداف التاريخي لمنتخب (الديوك) الآن. وكان مبابي على موعد مع إنجاز غير مسبوق خلال البطولة، عقب تسجيله 9 أهداف في مسيرته بكأس العالم، بواقع 5 أهداف في المونديال الحالي و4 أهداف في المونديال الماضي بروسيا، ليتفوق على بيليه، كأكثر اللاعبين تسجيلا للأهداف بكأس العالم قبل بلوغ 24 عاما، حيث أحرز أيقونة الكرة البرازيلية 7 أهداف في هذا العمر. وبصعوده لنهائي مونديال 2022، أصبح منتخب فرنسا سادس فريق يتأهل لهذا الدور في نسختين متتاليتين بالمسابقة بعد منتخبات إيطالياوالبرازيلوهولنداوألمانياوالأرجنتين، كما صار رابع بطل للمونديال يبلغ المباراة النهائية في النسخة التالية للبطولة التي توج بها. من جانبه، يحلم ديدييه ديشان، المدير الفني لمنتخب فرنسا، بأن يصبح ثاني مدرب في التاريخ يتوج بكأس العالم مرتين متتاليتين بعد الإيطالي الراحل فيتوريو بوتزو، الذي فاز بكاس العالم مع منتخب بلاده عامي 1934 و1938، علما بأنه أصبح رابع مدرب يصعد لنهائي المونديال مرتين متتاليتين بعد الأرجنتيني كارلوس بيلاردو والألماني فرانز بيكنباور، بالإضافة إلى بوتزو.