في الأسبوع الحالي، حدد وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي رؤيته لمستقبل علاقات المملكة المتحدة على المدى الطويل مع دول في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. سوف تبني المملكة المتحدة علاقات دبلوماسية واقتصادية قوية مع حلفاء جدد من المنتظر أن يكون لهم دور محوري في المستقبل. هذه العلاقات سوف تبني على أسس عملنا الناجح إلى جانب دول شريكة لنا على مدى عقود ماضية من السلام النسبي والازدهار لمعالجة الفقر في أنحاء العالم، والمساهمة في خفض عدد الوفيات بسبب النزاعات، وتعزيز النمو على الصعيد الدولي. فمن خلال ترسيخ علاقات ذات مغزى تستند إلى الفوائد المشتركة والإيمان المشترك بالتجارة الحرة والسيادة الإقليمية، سوف تسعى المملكة المتحدة إلى تعزيز شراكاتها مع الدول لأجل تعزيز التنمية، والدفاع، والتكنولوجيا، والأمن الإلكتروني، والتكيف مع تغير المناخ، وحماية البيئة. ذلك النظام الدولي الذي تأسس مع الحلفاء بعد سنة 1945، بما في ذلك من خلال الأممالمتحدة، وفر حقبة من السلام والازدهار لا سابق لها. لكننا نعيش الآن في مرحلة بالغة الأهمية، حيث عجلة التغيير تتسارع بقوة هائلة، وحيث نواجه تحديات لمبادئ ذلك النظام الدولي نشهدها بشكل جلي في حالة عدم الاستقرار العالمي. ومع النمو المتسارع لتعداد سكان الجنوب العالمي وحصته المتنامية من الثروة العالمية، نعلم بأن سيكون لدوله دور أكبر كثيرا في بلورة ما سيبدو عليه العالم في القرن القادم، حيث سيكون صوتها أكثر قوة على الساحة العالمية، وقد حدد وزير الخارجية البريطاني هذا الأسبوع طموح المملكة المتحدة لتأسيس روابط أكثر قوة مع هذه الدول والمناطق الشريكة مستقبلا، ليس فقط للوقت الحالي، بل أيضا لعقود قادمة. سوف تحتفظ المملكة المتحدة بعلاقاتها الحالية الراسخة مع حلفائها، لكننا سوف نتطلع أيضاً إلى بناء شراكات جديدة مع دول ذات نفوذ إقليمي، وتزداد ثراء، ولديها استعداد لإيجاد سبيلها بنفسها بما يخدم مصلحتها، وترغب في رفع مكانتها على الساحة العالمية. هذه الدول التي تمثل قوى المستقبل سيكون لها دور حيوي في السنوات القادمة. وسوف تسعى المملكة المتحدة إلى مستقبل يركز على شراكات مفيدة للطرفين مع تلك الدول بينما هي منخرطة في مساعيها تلك، من خلال الدبلوماسية المتأنية، وعروض تناسب متطلبات تلك الدول بمجالات التجارة، والمساعدة التنموية، والخبرات، والروابط الثقافية، والأمن، إلى جانب روابط دبلوماسية ثنائية قوية. ذلك العرض من المملكة المتحدة لهذه الدول الشريكة المستقبلية سوف يتناسب مع احتياجات تلك الدول ومواضع قوة المملكة المتحدة، وسوف تدعمه موارد ثابتة من الاستثمار في البنية التحتية. تشترك المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية في علاقة تاريخية قوية، لكنهما عملا معاً عن كثب في السنوات الأخيرة لتطوير شراكة حديثة تبني على التغييرات التي تحدث من خلال رؤية 2030، وتشهد عمل المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية سويا لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين مثل تغير المناخ أو الفقر في شرق أفريقيا. فعلى سبيل المثال، أسست المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية شراكة في مجال الطاقة النظيفة لتمكين الانتقال الأخضر السلس والمنظم. ويشمل ذلك تبادل أفضل الممارسات حول الأطر التنظيمية، وتعزيز العلاقات التجارية، والبحث المشترك والتعاون الإنمائي في التقنيات الجديدة. فنحن نعمل معا فيما يتعلق بكل شيء بدءًا من الهيدروجين وحتى التقاط الكربون وحتى المعادن الحرجة. ونشيد بخطط المملكة العربية السعودية لاستثمار مليارات الدولارات في الطاقة الخضراء ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر، والتي من شأنها أن تساعد الدول على تحقيق مساهماتها الوطنية المحددة للحد من انبعاثات الكربون. بيد أن أي من طموحاتنا المشتركة لن تنجح بدون الأمن - والحقيقة القاسية هي أننا نواجه مجموعة أكبر من التهديدات. إن المملكة المتحدة ملتزمة بأمن السعودية والتصدي للنشاط الإيراني المزعزع للاستقرار في المنطقة. فنحن عازمون على العمل جنباً إلى جنب مع أصدقائنا لمواجهة التهديد الإيراني، واعتراض تهريب الأسلحة التقليدية، ومنع النظام من امتلاك قدرة أسلحة نووية. سوف تتعمق صداقات بريطانيا عبر الشرق الأوسط وشمال إفريقيا و تستمر، بينما نتمسك بالسلام والأمن معا، وتتقن هذه المنطقة تحولها الثاني، مما يسمح بتشكيل عالم جديد من الطاقة الخضراء يخلف العالم القديم. وعلى صعيد التنمية، تعمل المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية سويا لتعزيز الأمن الغذائي ومنع المجاعة في الصومال. وقد وقع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ووزارة الخارجية والتنمية البريطانية مؤخراً اتفاقية لتقديم 4 ملايين دولار من الدعم المالي لبرنامج الغذاء العالمي لتعزيز الأمن الغذائي للمتضررين من الجفاف في الصومال. وقد قال وزير الخارجية مؤخراً أثناء حوار المنامة أن "أمنكم [الخليجي] هو أمننا، وازدهاركم هو ازدهارنا"، وبينما نتطلع قدماً إلى المستقبل، ستظهر المملكة المتحدة قدرتها الاستراتيجية، واستعدادها للالتزام على المدى الطويل بالسياسة الخارجية، والتخطيط المستمر للغد، واستكشاف الآفاق، وإعدادنا للأعوام العشرة والخمسة عشر والعشرين القادمة. السفير البريطاني لدى المملكة