يدرك المتابع للمشهد الدولي أن الصين حققت إنجازات عظيمة منذ عودتها إلى أحضان الأممالمتحدة في الخامس والعشرين من أكتوبر عام 1971، تحت القرار رقم 2758 الذي ينص على إعادة كافة الحقوق المشروعة لجمهورية الصين الشعبية في الأممالمتحدة، والاعتراف بممثل حكومتها باعتباره الممثل الشرعي الوحيد للصين في الأممالمتحدة. هذه الإنجازات مكنت الصين من تصدر المشهد الدولي وكسب احترام المجتمع الدولي، حتى إن الإعلاميين الغربيين يتغنون ويطالبون حكوماتهم بنقل التجربة الصينية التي أخرجت أربعمئة مليون من تحت خط الفقر إلى مستوى الكفاف. فتواصل الصين اليوم مسيرة النجاح من خلال تعزيز شراكاتها السياسية والاقتصادية داخل المشهد العالمي، وخير طريق لتحقيق ذلك هو الطريق إلى الرياض عاصمة الدبلوماسية وبوصلة الحكمة والجسر الآمن نحو تحقيق الضبط والتوازن بين الشرق والغرب، لما تملكه من عمق تأريخي في إتقان صنع التحالفات التي تحقق مصالح الجميع. هذا التقارب بين السعودية والصين من خلال الاتفاقيات والصفقات الضخمة هو تعزيز وتحقيق للمفاهيم التي قامت عليها الأممالمتحدة وسعت لها من خلال القرار رقم 2758، الآمر بكل بساطة هو توسيع دائرة العلاقات الدولية بين المنطقة الخليجية والعربية بقيادة السعودية مع باقي الدول المؤثرة في المشهد الدولي على الصعيد الاقتصادي والسياسي والأمني، والصين في هذا المقام تحتل مكان الصدارة الذي انتزعته باستحقاق. قمة الرياض اليوم تتويج لجهود من التقارب على كل الأصعدة خلال العقد الماضي، وكان أبرزها التقارب الثقافي حين قام ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بخطوة غير مسبوقة تمثلت في إقرار تدريس اللغة الصينية في المدارس السعودية، جاء خلال زيارته الأخيرة للعاصمة الصينيةبكين، والاتفاق لوضع خطة لإدراج اللغة الصينية كمقرر دراسي على جميع المراحل التعليمية في المدارس والجامعات السعودية. تأتي القمة السعودية الصينية إيمانًا بأهمية تعزيز أواصر التعاون والتواصل في كافة المجالات على الصعيدين الخليجي والعربي، وتمكينًا لتحقيق شراكة استراتيجية شاملة ترتقي إلى تحقيق تطلعات القيادتين السعودية والصينية في إطار أكثر شمولية. وهذا النهج في صنع الشراكات، ما تميزت به القيادة السعودية، إذ أكسبها تقديرا واحتراما وثقة لدى الجميع.