"تضرب الصداقة الصينية العربية بجذورها في أعماق التاريخ، وتتجدد على مر الزمان، ورغم أن الأمتين الصينية والعربية يفصلهما البعد الجغرافي، غير أنهما مثل أفراد في عائلة واحدة، إذ كنا شركاء في طريق الحرير القديم وقطعنا مسافة بعيدة للتواصل التجاري والشعبي، وكنا رفاق الطريق في النضال من أجل الاستقلال، وقفنا كتفاً بكتف وشاركنا في السراء والضراء، وقد أثبت التاريخ والتجارب، أننا شركاء وإخوة دائمون يتبادلون المنفعة مهما كانت التغيرات التي طرأت على الأوضاع الدولية، ومهما كانت العقبات التي تعترض الطريق". * القمة الصينية - العربية ستدفع بالشراكة الاستراتيجية لآفاق عليا هكذا يرى الرئيس الصيني شي العلاقات الصينية العربية، والتي كما ذكر تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، وترجع إلى طريق الحرير القديم قبل أكثر من 2000 سنة. ومنذ ذلك الحين ظل السلام والتعاون والانفتاح والشمول عنواناً رئيسياً لتاريخ التواصل بين الصين والدول العربية. وعلى مدى أكثر من 70 سنة بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، تآزرت الصين والدول العربية بروح الفريق الواحد وتضامنت للدفاع عن الحقوق المحافل الدولية سياسياً واقتصادياً، وأصبح التعاون العربي الصيني قدوة يحتذى به في ظل التغيرات غير المسبوقة التي لم يشهدها العالم منذ مائة سنة. تعظيم مبادرة «الحزام والطريق» مع الدول العربية وطرحت الصين أمس، خارطة طريق حيال الرؤية الصينية للتعاون مع الدول العربية. في أحدث تقرير أصدرته الخارجية الصينية بعنوان "التعاون الصيني العربي في العصر الجديد". وتنشر "الرياض" ملخصاً للرؤية والتي تتضمن خارطة استراتيجية متكاملة سياسية واقتصادية ونفطية وثقافية وتجارية مع التركيز على مشروع الطريق والحزام. * القمة الصينية العربية نقلة نوعية رحب التقرير باستضافة المملكة للقمة الصينية العربية الأولى، المزمع عقدها في المملكة بما يساهم في الدفع بالشراكة الاستراتيجية العربية الصينية إلى آفاق أرحب، ويخدم المصلحة المشتركة للجانبين، والارتقاء بآليات منتدى التعاون العربي الصيني. تعضيد التعاون والصداقة الطويلة الأمد في مجال الطاقة وتؤكد الرؤية على أن الصداقة الصينية العربية الممتدة لآلاف السنين في مسيرة التاريخ، ظلت في مقدمة الركب للتواصل بين شعوب العالم في الأزمنة القديمة وظل السلام والتعاون والانفتاح. تأسست جمهورية الصين الشعبية عام 1949، وحققت الدول العربية استقلالها على التوالي في خمسينات القرن الماضي وظلت الصين الجديدة والدول العربية تتبادلان الدعم في النضال من أجل الدفاع عن كرامة الأمة، الأمر الذي فتح عهداً جديداً للتواصل الودي بين الصين والدول العربية. وفتح مؤتمر باندونغ عام 1955 الباب لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والدول العربية، مما أطلق الذروة الأولى لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والدول العربية. رفض ازدواجية المعايير والإسلاموفوبيا وتعزيز قيم الوسطية وتتمتع الصين والدول العربية بدرجة عالية من المزايا التكاملية اقتصاديا، وبحسب "التقرير الاقتصادي العربي الموحد عام 2021" الصادر عن صندوق النقد العربي، يشكل حجم احتياطي النفط في الدول العربية 55.7 % من احتياطي النفط المثبت في العالم. ومع تطور العلاقات بين الصين والدول العربية، نما حجم التبادل التجاري بين الجانبين بسرعة، وازدادت نسبة التجارة النفطية بين الجانبين من إجمالي التبادل التجاري. في فترة العقود الأربعة من عام 1970 إلى عام 2010، ازداد حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية بأكثر من 620 ضعفاً، وازدادت الواردات النفطية الصينية من الدول العربية بحوالي 30 ضعفاً في فترة العقدين من بداية التسعينات إلى عام 2010. ويوضح التقرير أنه بعد انتهاء الحرب الباردة، شهدت العولمة الاقتصادية تطوراً معمقاً، شهد التعاون بين الصين والدول العربية في كافة المجالات تطوراً سريعاً وشاملاً، حيث أصبحت الدول العربية أهم موردي الطاقة وشركاء التعاون الاقتصادي والتجاري للصين، وهي توفر نصف الواردات الصينية من النفط الخام لزمن طويل. * منتدى التعاون العربي يولي الرئيس شي جينبينغ اهتماماً بالغاً للعلاقات مع الدول العربية وجامعة الدول العربية وحرص على تعظيم الشراكة مع جامعة الدول العربية ودعم بقوة تأسيس "منتدى التعاون العربي الصيني". عام 2004، حيث أعلنت الصين وجامعة الدول العربية بشكل مشترك عن تأسيس منتدى التعاون الصيني العربي الذي يهدف لتعزيز الحوار والتعاون وتدعيم السلام والتنمية. ورأى الجانبان بالإجماع أن المنتدى باعتباره آلية جديدة لتعزيز الحوار والتعاون الجماعيين بين الصين والدول العربية، يسهم في إثراء مقومات العلاقات الصينية العربية والارتقاء بمستوى التعاون على نحو شامل. * شراكات مفتوحة وأقامت الصين علاقات الشراكة ذات الطابع الاستراتيجي مع 12 دولة عربية على صعيد ثنائي، بما فيها علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين والدول الأربع، أي مصر (عام 2014) والجزائر (عام 2014) والسعودية (عام 2016) والإمارات (عام 2016)، وعلاقات الشراكة الاستراتيجية بين الصين والدول الثماني، أي قطر (عام 2014) والعراق (عام 2015) والأردن (عام 2015) والسودان (عام 2015) والمغرب (عام 2016) وجيبوتي (عام 2017) وعمان (عام 2018) والكويت (عام 2018). * رفض الهيمنة والقوة وترفض الصين التدخل الخارجي والهيمنة وسياسة القوة بكافة أشكالها، وتدعو إلى احترام ودعم كافة الدول في اختيار طرقها التنموية بإرادتها المستقلة وفقاً لظروفها الوطنية ومقدراتها الوطنية. * معارضة تدخل القوى الكبرى أشار التقرير أنه بعد حدوث الاضطرابات السياسية في بعض الدول العربية في نهاية عام 2010 وبداية عام 2011، دعمت الصين بثبات الدول العربية في استكشاف الطرق التنموية بإرادتها المستقلة وتحقيق الاستقرار والتنمية في أسرع وقت ممكن، وعارضت تدخل القوى الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية وتغيير النظام فيها تحت شعار ما يسمى ب "الديمقراطية". * شراكة الحزام والطريق وحول طريق الحرير طرح الرئيس الصيني شي جينبينغ مبادرة "الحزام والطريق" عام 2013، التي تتمسك بمبادئ التشاور والتشارك، وتهدف إلى دفع تناسق السياسات وترابط المنشآت وتواصل الأعمال وتداول الأموال وتفاهم الشعوب، وحظيت بدعم واسع النطاق ومشاركة نشطة من قبل المجتمع الدولي بما فيه الدول العربية. * طريق الحرير العربي وبحسب التقرير فإن الدول العربية التي تقع في منطقة التلاقي ل"الحزام والطريق"، تعد مشاركاً مهماً في حضارة طريق الحرير في التاريخ وشريكاً طبيعياً لبناء "الحزام والطريق". وتستكمل معادلة التعاون الصيني العربي في بناء "الحزام والطريق" بشكل مستمر، وحقق هذا التعاون النتائج العديدة. * وثائق شراكة مع 20 دولة ووقعت الصين وثائق التعاون بشأن التشارك في بناء "الحزام والطريق" مع 20 دولة عربية وينفذ الجانبان الصيني والعربي أكثر من 200 مشروع تعاون ضخم في مختلف المجالات مثل الطاقة والبنية التحتية، وتعود نتائج التعاون بالنفع على شعوب الجانبين البالغ عددهم ما يقارب ملياري نسمة. * تسهيل التجارة والاستثمار تتمسك الصين والدول العربية بالمنفعة المتبادلة وتعمل على تعزيز تسهيل التجارة والاستثمار، الأمر الذي ساهم في زيادة حجم الاستثمار المتبادل والتعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين بأضعاف. في عام 2021، بلغت أرصدة الاستثمار المباشر المتبادل بين الجانبين الصيني والعربي 27 مليار دولار أمريكي، بزيادة 2.6 ضعف عما كانت عليه قبل 10 سنوات؛ وبلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين 330.3 مليار دولار أمريكي، بزيادة 1.5 ضعف عما كان عليه قبل 10 سنوات. وفي الأرباع الثلاثة الأولى لعام 2022، وصل حجم التبادل التجاري بين الجانبين إلى 319 ملياراً و295 مليون دولار أمريكي، بزيادة 35.28 % عما كان عليه في نفس الفترة للعام الماضي، ويقارب الحجم الإجمالي في عام 2021. * الشراكة في مجال الطاقة وفي مجال الطاقة تعمل الصين والدول العربية على إقامة الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية القائمة على أساس المنفعة المتبادلة والصداقة الطويلة الأمد في مجال الطاقة، وتبذل جهوداً مشتركة لإقامة معادلة التعاون الصيني العربي في مجال الطاقة التي تتخذ النفط والغاز كمحرك والطاقة النووية كمساهم والطاقة النظيفة كمسرع. وفي مجال الطاقة التقليدية، يتطور نمط "النفط والغاز" للتعاون بين الجانبين، ليشمل سلسلة الصناعة بأكملها التي تغطي التنقيب والاستخراج والتكرير والتخزين والنقل للنفط والغاز، وتم إنجاز حزمة من المشاريع النموذجية مثل مصفاة ينبع في السعودية. واستوردت الصين في عام 2021، 264 مليون طن من النفط الخام من الدول العربية، وذلك يعادل 51.47 % من إجمالي الواردات الصينية من النفط الخام في نفس الفترة. وفي مجال الطاقة الجديدة، تعمل الصين على توسيع التعاون مع الدول العربية في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية وغيرها. إدراج اللغة الصينية في أربع دول أعلنت 4 دول عربية عن إدراج اللغة الصينية في منظومة التعليم الوطني لها، وتم افتتاح كلية اللغة الصينية في 15 دولة عربية، وتم إنشاء 20 معهد كونفوشيوس وفصلي كونفوشيوس في 13 دولة عربية. في الفترة ما بين عامي 2018 و2019، تجاوز عدد المسافرين العرب إلى البر الصيني الرئيسي 340 ألف فرد سنوياً، وتجاوز عدد الطلاب الوافدين العرب في الصين 20 ألف فرد في كل عام دراسي. * تعزيز قيم الوسطية رغم أن الحضارتين الصينية والعربية لكل منهما منظومة وخصائص مميزة، إلا أن كلتيهما تشملان المفاهيم والتطلعات المشتركة التي تتراكم في عملية تقدم البشرية، وتهتمان بالقيم مثل الوسطية والاعتدال والتسامح، وتسعيان إلى الحوار بين الحضارات، وتدعوان إلى التسامح والاستفادة المتبادلة. وكانت الحضارتان الصينية والعربية تتفاعلان في شراكتها عبر التاريخ، فتدعو الصين والدول العربية إلى تعزيز الحوار والشمول والتسامح بين الحضارات والشعوب والأديان المختلفة، وتعارض "نظرية صراع الحضارات" و"نظرية التفوق الحضاري" و"الإسلاموفوبيا"، وترفض ربط الإرهاب بأي عرق أو دين أو دولة أو حضارة بعينها. ورحب التقرير باستضافة المملكة للقمة الصينية العربية الأولى المرتقبة، بما يساهم في الدفع بالشراكة الاستراتيجية العربية الصينية إلى آفاق أرحب، ويخدم المصلحة المشتركة للجانبين، والارتقاء بآليات منتدى التعاون العربي الصيني. * دعم مبدأ الصين الواحدة فيما يخص مسألة تايوان، تدعم الدول العربية مبدأ الصين الواحدة ورفض التصرفات التي تخالف القرارات المعنية للأمم المتحدة. * رفض التنمر وفي الوقت الذي ظهرت المتغيرات على العالم بشكل غير مسبوق، يمثل السلام والتنمية والتعاون والكسب المشترك تياراً تاريخياً لا يقاوم، ومن ناحية أخرى، تأتي تصرفات الهيمنة والتنمر وسياسة القوة. * دولة اشتراكية قوية حديثة في أكتوبر عام 2022، عقد الحزب الشيوعي الصين المؤتمر الوطني العشرين له بنجاح، حيث تم طرح أهم مهمة للحزب الشيوعي الصيني هي الاتحاد مع الشعب الصيني من كافة القوميات وقيادته لبناء دولة اشتراكية قوية حديثة، وتلتزم الصين دوماً بمقاصد سياستها الخارجية المتمثلة في الحفاظ على السلام في العالم وتعزيز التنمية المشتركة، والعمل على الدفع ببناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية. o رفض ربط الإرهاب بالدين وستتبادل الصين والدول العربية الدعم للجهود في مكافحة الإرهاب، وتقوم بمقاطعة "ازدواجية المعايير"، وتضافر الجهود لمكافحة المنظمات الإرهابية المصنفة على قائمة مجلس الأمن الدولي. ورفض "الإسلاموفوبيا"، ورفض "نظرية صراع الحضارات"، ورفض ربط الإرهاب بعرق أو دين بعينه.