منعطف تاريخي لاستقلالية السياسة.. وعمران يتمسك بالاحتجاج تنفست الأوساط السياسية والعسكرية الباكستانية الصعداء، حيت أنهت الباكستان معضلة انتخاب قائد أركان الجيش الجديد والتي ألقت بظلالها على المشهد السياسي خلال الأشهر الماضية، بعد إعلان رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف أمس تعيين الفريق عاصم منير قائدًا جديدًا للجيش، ليخلف الجنرال الحالي قمر جاود باجوا، الذي شهدت فترة ولايته التي استمرت ست سنوات، تحولات وأزمات سياسية عميقة.. كما عين رئيس الوزراء الفريق ساهر شمشاد ميرزا رئيسا جديدا لهيئة الأركان المشتركة، خلفا للفريق نديم رضا والذي انتهت فترة عمله في هذا المنصب. شهباز يتلقي القائد الجديد والتقى شهباز شريف قائد أركان الجيش الجديد وقائد القوات المشتركة كل على حدة، متمنيا لهم النجاح في مهتهم الجديدة. خان حاول العرقلة وسعى رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران لإحداث تعثر في طريق اختيار قائد أركان الجيش الجديد، عندما قال إنه سيطلب من الرئيس الباكستاني عارف علوي لاستشارته في القرار، كون الرئيس علوي من قيادات حزب عمران السياسي. علوي يلتقي عمران وتوجه الرئيس علوي أمس إلى لاهور لبحث موضوع تعيين القائد الجديد بعد اعتماده من رئيس الوزراء شهباز شريف. وقالت مصادر باكستانية للرياض إن عمران خان حاول إعطاء انطباع بأن له رأس في الاختيار والتعيين، بيد أن المصادر كشفت أن اللقاء كان تحصيل حاصل ومحاولة من عمران لاثباب وجوده، خصوصا أن الرئيس الباكستاني وقع القرار أمس وأصبح قرار تعيين الفريق عامر نافذا.. وكانت وزيرة الإعلام مريم أورنجزيب «إنّ رئيس الوزراء الجنرال عاصم منير قائداً جديداً للجيش الذي يتمتع بنفوذ كبير في البلاد، إلا أن إعلان الفريق قمر جاويد باجوا، الذي سيتقاعد خلال أيام أن الجيش لن يتدخل في السياسة إطلاقا، سيكون منعطفا كبيرا في استقلالية السياسة الباكستانية مستقبلا. وكان عمران خان قد أقال منير كرئيس لجهاز المخابرات الباكستانية في غضون ثمانية أشهر من تعيينه واستبدله بضابط آخر. تكامل وتناغم وبحسب مصادر باكستانية تحدثت للرياض فان تعيين قائد جديد لاركان الجيش سيؤدي لحدوث التكامل بين المؤسستين العسكرية والمدنية خصوصا ان الحكومة الباكستانية بزعامة رئيس الوزراء، نواز شريف، التي تواجه أزمات سياسية داخلية عاصفة، حرصت هذه المرة لاختيار الجنرال الارفع في تراتبية المؤسسة العسكرية، وليس كما حدث في الماضي، حيث يتم اختيار الضابط الاقل تجربة في التراتبية لضمان ولاءه للحكومة. وقال مصادر حكومية للرياض ان حكومة شهباز ترغب في المرحلة القادمة على التركيز على الشأن الداخلي وايجاد حلول للازمات التي تعيشها الباكستان، ولم في تكرار اخطاءها كون اختيار القائد الارفع والاقدم لمنصب قائد اركان الجيش، يعطي مؤشرا حاليا لاحترام التراتبية الهرمية للجيش وينهي ثقافة الولاءات للحكومة وفي الداخل الباكستاني، يُنتظر أن يتجمع أنصار رئيس الحكومة السابق عمران خان في 26 نوفمبر الحالي في مدينة روالبندي القريبة من العاصمة إسلام أباد. هل يتراجع عمران؟ ويرى مراقبون أنّ الحراك الاحتجاجي الذي يقوده عمران يأتي في إطار الصراع المستمر بين حزب «الإنصاف»، بزعامة عمران خان، والمؤسسة العسكرية، والذي لم يعد أمراً خفياً بعدما وجه كل طرف انتقادات علنية للآخر، الا ان المعطيات الجديدة بعد تعيين الفريق منير كقائد للجيش قد يغير في توجهات عمران خان مستقبلا كونه استمر في انتقادات الجيش خلال الستة الاشهر الماضية.. وأعلنت الحكومة عن إجراءات عدة بشأن أمن وسلامة العاصمة ومدينة راولبندي بعد اقتراب موعد وصول المسيرة، محذرة من أن أي اخلال بالنظام ستكون عواقبه وخيمة، وحددت الأماكن المسموح بالتجمع بها. وعقدت الأجهزة الأمنية اجتماعًا بشأن الأماكن المسموح بتحرك المسيرة بها. كما اعلنت الشرطة عن حزمة إجراءات ستتخذها في هذا الشأن، منها إغلاق المترو الرابط بين العاصمة وبين المدينة المحاذية "روالبيندي"، وإغلاق شبكة الاتصالات وتجريم أي اقتراب من المنطقة الحمراء بالعاصمة، والتي تضم البرلمان ومقر الرئاسة والوزرارات. مسيرة احتجاجية وكان عمران خان قد صرح بأنه سيعلن في ال 26 من الشهر الجاري عن مفاجأة للشعب الباكستاني، وهو التصريح التي أثار حفيظة المراقبين والمتابعين للوضع. واشارت مصادر باكستانية مستقلة حركة الإنصاف الباكستانية منذ فوزها في انتخابات عام 2018 بتأييد الجيش، ومنذ ذلك الحين بدأت حظوظ نواز شريف بالسقوط. وتأسست الحركة في عام 1996، واحتجت بشدة على انتخابات عام 2013 التي فاز بها حزب الرابطة الإسلامية. واكدت الجيش الباكستاني مرارا إنه «ليس منخرطاً في السياسة»، وذلك بعد أن سادت حالة من عدم اليقين في البلاد عندما نجا رئيس الوزراء عمران خان من محاولة لإطاحته وسعى إلى انتخابات جديدة. وعارضت المؤسسة العسكرية خان وسياساته. وقال رئيس الاستخبارات الباكستانية الجنرال نديم أنجم، خلال مؤتمر صحافي نادر مشترك مع المتحدث الرسمي باسم الجيش، الجنرال بابر إفتخار، في 27 أكتوبر الماضي، إن عمران خان التقى سرّاً القائد العام للجيش قمر جاويد باجوا، لكي يطلب منه المساعدة في إعادته إلى السلطة، متهماً خان بمواصلة الاستفزازات المستمرة ضد قائد الجيش، منتقداً محاولات زعيم «حركة الإنصاف» إقحام المؤسسة العسكرية في السياسة ويرى مراقبون أن الأزمة السياسية في باكستان لن تنتهي إلى حين احترام حزب عمران خان المؤسسة العسكرية. وشهدت المرحلة الماضية سجالا عندما أقحم عمران خان اسم المؤسسة العسكرية في الشأن السياسي، وكانت آخر مزاعمه تورط أحد الجنرالات في محاولة اغتياله مؤخرا وهو الأمر الذي نفاه الجيش جملا وتفصيلا. واتهم خان، شهباز شريف بالتواطؤ مع الولاياتالمتحدة للإطاحة به من رئاسة الحكومة عبر تصويت بحجب الثقة في أبريل الماضي. كما اتهم الجيش بأنه لم يفعل ما يكفي لإنقاذ حكومته. وهو اتهام نفاه الثلاثة. وراس المؤسسة العسكرية حالياً الفريق باجوا، والذي تم تعيينه في هذا المنصب في 29 نوفمبر 2016. وقام عمران خان بالتمديد له لفترة واحدة، ووردت معلومات أن عمران خان كان على وشك إصدار قرار بإقالة أركان الجيش قبيل حجب الثقة عن حكومته إلا أن مصادر في حكومته نفت ذلك. ويعتبر الجيش الباكستاني مؤسسة عسكرية منضبطة ومن أحد أقوى الجيوش في العالم، يبلغ عددها 600 ألف جندي ويلعب دوراً حاسماً في الحفاظ على أمن واستقرار الباكستان والدفاع عن سيادة أراضيه، ونأى الجيش بنفسه في الأزمة التي تشهدها الباكستان وأكد عدم تدخله في السياسة وأنه يلعب دور المحايد. وتم إنشاء الجيش الباكستاني عام 1947، ونجح في بناء ترسانة عسكرية قوية توجها بدخول النادي النووي. وخاض الجيش ثلاث حروب مع الهند. ويتمتع الجيش في باكستان بنفوذ كبير، سيما الخارجية والدفاع. ويحكم الجيش باكستان، وهي دولة نووية، على مدى نصف تاريخها تقريباً منذ تأسيسها في عام 1947. ويتألف الجيش من فيلق المدرعات والمدفعية وقوات الدفاع الجوي وسلاح المهندسين، ثم المشاة والقوات البحرية، إلى جانب القوات شبه العسكرية، والحرس الوطني، والجيش هو المؤسسة الأكثر نفوذا في باكستان بعد أن حكم البلاد لنحو نصف تاريخها منذ استقلالها عن بريطانيا قبل 69 عاما. ولطالما حظي الجيش الباكستاني بنفوذ قوي في البلاد، وحاز السيطرة على السياسة الخارجية والدفاعية. ويزيد عدد سكان باكستان على 220 مليون نسمة، وتقع جغرافياً بين أفغانستان من الغرب والصين من الشمال الشرقي والهند من الشرق، وهو ما يجعل باكستان دولة ذات أهمية استراتيجية رئيسية في آسيا والعالم، ويجعل هناك العديد من الدول المعنية بأي تغيير في السياسة الخارجية الباكستانية. الفريق شمشاد