منذ سنة 1930 أصبح الوضع مهيئا لتنهض الرياض بدورها كعاصمة لدولة آمنة وموحدة حيث رسمت حدودها مع جيرانها وأصبحت على أهبه الاستعداد لتسير في طريق التطور الحديث مع ذلك فأهم أمر جدير بالملاحظة عن الرياض في هذا الوقت من التاريخ أنه لم يطرأ عليها إلا تغير ضئيل عن وضعها كمدينة نجدية تقليدية منذ شاهدها فيلبي قبل نحو ثلاثة عشر عاما ويؤكد ذلك تقرير للنمساوي محمد اسد الذي دعاه الملك عبدالعزيز لزيارة الرياض في سنه 1930 وسجل انطباعاته في مقاله نشرت في السنة ذاتها في المجلة الألمانية اتلانتس تحدث فيها عن معرفته بالملك عبدالعزيز وعن رحلاته في الجزيرة العربية. وبحسب مدير مركز لندن للدراسات العربية المؤرخ وليام فيسي صاحب كتاب الرياضالمدينة القديمة. كان من الطبيعي أن يكون اهتمام محمد اسد كمسلم في المقام الأول مركز الرياض كقاعدة لدعوة دينية قوية لكنه يسلط أضواء مهمة على هيئة المدينة ذاتها والضغوط على إمكاناتها وماليتها من استنزاف الضيافة المستمرة وتوزيع الأعطيات والخصال المنتظرة من حاكم تقليدي كما يقول. يقدم بعد ذلك وصفا للمدينة من ناحية الشمال فيقول: تنبسط واحة المدينة الطويلة وشريط أسود كثيف من بساتين النخيل بين البقع البارزة والأكثر بياضا من المنازل الطينية والطبقات العلوية للقصر الملكي وذرواته. ويرتفع من أعلى سطح برج يستدق تدريجيا في أعلاه ويرى من مسافة بعيدة وفي أعلى البرج فانوس يضاء ليلا عندما يكون الملك مقيما في المدينة. إن هذا الحصن الملكي بذروته والقول لمحمد اسد: يعد بحق قلب الجزيرة العربية ونبضه إذ يقرر مصير جزء كبير من شبه الجزيرة العربية وعندما يغادر المرء المدينة من أحد البوابات العالية التي تتخلل سور المدينة مجتازا الأرض الفضاء من الجهة الشمالية الشرقية يمر بمخيمات البدو وزوار الرياض الكثر.. بيوت من الشعر سوداء ويتناثر في وسطها خيام بيضاء وفرها القصر الملكي لضيوفه وكل هؤلاء البدو تقريبا الذين يقيمون في الخيام خارج سور مدينه الرياض ويعدون القهوة ويوردون جمالهم الماء ويتجولون بين الأحمال والرحال ضيوف الملك. يفدون بالآلاف من الفيافي والصحاري الشاسعة من مملكته للسلام على الملك وتقبله هداياه. يقدم الطعام يوميا لحوالي ألف ضيف في الرياض وما جاورها يصل أناس ويذهب آخرون وبعضهم يفيض بالحديث عن كرم الملك في كل مناطق الجزيرة العربية واليوم كما كان الحال منذ ألف سنة مضت في المزايا التي ينشدها العربي في أبطاله وحكامه هي ذاتها لم تتغير فبعد عراقة النسب تأتي الشجاعة الشخصية والحكمة لكن الأهم منها كلها الجود والكرم. لقد تمكن أسد من مشاهدة المدينة بشكل جيد من فوق الجبال الممتدة أمام المنطقة التي فيها خيام البدو لأنها لا توجد في هذه الجهة الشرقية بساتين نخيل مضيفا: من على مسافة "رمية بندقية" يقع أمامنا سور المدينة مبني من الطين مثل كل المباني الأخرى في نجد لكنه عال وقوي بما فيه الكفاية ضد أي هجوم مباغت وخلف السور يمكننا من مكاننا المرتفع مشاهدة شبكه البيوت الطينية بسطوحها المنبسطة ويحيط بكل واحد منها ذروة ارتفاعها بقدر قامة الرجل حيث ينام السكان في السطوح في ليالي الصيف الحارة وتغسل النساء فيها الملابس وتنشرها وبين وقت وآخر يرى المرء رأسا مغطى بحجاب أسود وهناك أبراج أخرى غير تلك التي في القصر الملكي في وسط المدينة مثل الأبراج التي في الحصن في الشمال الشرقي (قصر المصمك) التي لها تاريخ مليء بالأحداث وكذلك الأبراج التي في السور الخارجي وعددها أكثر من عشرين ومئذنة المسجد الجامع المنخفضة ويظهر أن ذلك كان بسبب التواضع وبما أننا الآن في الجهة الشمالية الشرقية فشريط بساتين النخيل يقع وراء المدينة ويبهج العين بلونه الأخضر كما يمتع الأذن صوت السواني العذب ويسمع الصوت نقيا واضحا دون صدى. الصفاة جانب من التصميم الداخلي للقصر المصمك سوق الجامع وسط الرياض حيث يظهر «سوق العلف» وأعمدة الممر الممتد من قصر الحكم إلى الجامع كما يظهر إلى اليسار سوق الخرازين والحراج في الوسط بينما تبدو الواجهة الغربية لقصر الضيافة سعود المطيري