تضم مدينة الرياض عدداً من المباني الأثرية تأتي في مقدمتها قصور الملك عبدالعزيز التي شهدت مراحل تأسيس الدولة السعودية وهي شاهد في الوقت الحالي على ما وصلت إليه المدينة من تطور كبير. حلقة اليوم نتناول خلالها بعض تلك الآثار من القصور والبوابات كما نتطرق بشيء من الاختصار إلى أهم أحياء الرياض القديمة. قصر الحكم يعود تأسيس قصر الحكم للإمام تركي بن عبدالله «وهو الجد الثاني للملك عبدالعزيز ومؤسس الدولة السعودية الثانية» وقد سكن الإمام تركي القصر طيلة فترة حكمه «التي استمرت عشر سنوات» إلى ان توفي سنة 1249ه وسكنه بعده الإمام فيصل بن تركي بن عبدالله حتى وفاته سنة 1282ه ثم سكنه جلالة المغفور له إن شاء الله الملك عبدالعزيز مؤسس الدولة السعودية الثالثة بعد ان تمكن من استرداد الرياض في 5 شوال عام 1319ه وأدخل عليه بعض الاصلاحات والتحسينات ثم بدأ في زيادة بنائه وتوسعته على مراحل حتى أصبح قصراً كبيراً وواسعاً سنة 1330ه وبنى حوله قصوراً عديدة لعائلته، وشيد قصراً كبيراً أمام قصر الحكم في ناحية الشمال خُصص للوافدين من الضيوف وبنى الملك عبدالعزيز ثلاثة جسور مسقوفة بالأخشاب واحد منها يصل إلى المصلى القائم فوق منبر إمام وخطيب الجامع الكبير ليؤدي صلاة الجمعة والجسر الثاني إلى قصر الضيوف والثالث إلى بيوت بعض عوائله الكريمة، وبقي بهذا القصر ما يزيد على ثلاثين عاماً ثم رحل بجميع عائلته ودوائره إلى قصور المربع عام 1375ه. قصر المربع في العام 1357ه «1938م» انتقل الملك عبدالعزيز بجميع أفراد أسرته إلى مجمع قصور المربع الواقعة شمال مدينة الرياض القديمة، وهو مجمع متكامل محاط بسور له أبراج مربعة الشكل ويحوي عدداً من المباني، منها قصر المربع القائم حالياً وكان ديوانا للملك، وقصور لزوجات الملك عبدالعزيز وذريته، وعدد من مباني الخدمات ومرافقها، بالإضافة إلى جامع الملك عبدالعزيز الذي أعيد بناؤه حديثاً في نفس موقعه القديم. وربطت مرافق المربع الحيوية بجسور معلقة، كان يعبرها الملك في تنقلاته داخل المجمع، كما نُقلت بعض الدوائر الحكومية إلى قصر المربع «ديوان الملك عبدالعزيز» لمتابعة الأنشطة المسائية للملك، في حين ظل قصر الحكم في الديرة «الصفاة» مقراً رسمياً للملك. اندثرت معظم مكونات مجمع قصور المربع ولم يتبق منها سوى أجزاء من السور القديم وبعض المباني الطينية وجامع الملك عبدالعزيز ببنائه الحديث، وجميعها أصبحت عناصر تاريخية في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي، وكذلك بقي ديوان الملك عبدالعزيز الذي أصبح يعرف بقصر المربع القائم حالياً، والذي يعتبر أهم عناصر مركز الملك عبدالعزيز التاريخي من الناحية التاريخية، ويطل قصر المربع على الميدان الرئيسي لمركز الملك عبدالعزيز التاريخي من جهة الغرب. وقد شُيد قصر المربع على الطريقة المحلية التقليدية، فبنيت جدرانه الضخمة بالطوب المجفف بأشعة الشمس والمعمور في ملاط مخلوط بالقش، وطليت الأسطح بالجير أو الجص لتكوين أجزاء بيضاء بارزة في سور الشرفة «الوارش»، والأعمدة، وحول الأبواب، وزخرفة الجدران بأنماط هندسية منقوشة في الجص، بينما تحم لعوارض السقف صفوفاً من الخطوط المطلية بألوان مختلفة، ونقط سوداء وحمراء فوق خلفية من اللون الأصفر الفاتح. واستعملت المواد المحلية في بناء القصر، فالجدران مبنية من مادة الأرض نفسها بينما سُقفت الغرف بالأخشاب المحلية وجريد النخيل، كما تم استغلال الأحجار المحلية في وضع القواعد وبناء الجدران، بالإضافة إلى تشييد الأعمدة الطليقة، وكان بناؤو القصر من ذوي المهارات التقليدية في فن البناء الذي كان يُمارس في شبه الجزيرة العربية منذ مئات السنين، أما تصميم قصر المربع فكان مشابهاً لتصميم معظم المباني الطينية في ذلك العهد، فهو مكون من طابقين مؤلفين من أجنحة، وكل جناح مكون من غرف واسعة وقاعات ودرج وباحات، ويتميز تصميم القصر التقليدي أيضاً بفنائه الواسع الذي تُفتح نحوه جميع الغرف فيوفر لها الستر والنور والهواء، ويعتبر الفناء في البيوت المحلية القديمة بمثابة نظام طبيعي لتكييف الهواء، فحين تنخفض درجة الحرارة أثناء الليل يتجمع الهواء البارد في الفناء، وحين ترتفع درجة الحرارة أثناء النهار يشكل الفناء تيارات حمل هوائية، تعمل على تهوية الغرف وتلطيف حرارتها. قصر المصمك (المسمك) يقع في قلب مدينة الرياض قال كثير من المؤرخين ان الذي بناه هو الإمام عبدالله بن فيصل بن تركي وهي دار حصينة محكمة الإغلاق من جميع جوانبها، ويعتبر ذا طابع حربي ويمثل فن العمارة التي انتشرت في هذه الفترة من الزمان من تاريخ الجزيرة العربية، وهو بناء مرتفع الجدران ومحصن، شيد بالحجر والطين «اللبن» والاسم الحقيقي لذلك القصر هو «قصر المسمك» وذلك لسمك أدواره وجدرانه الجانبية، وسمي قصر المصمك بهذا الاسم بعدما حرَّف العامة حرف «السين» إلى «الصاد» فسمي المصمك، وقد شُيِّدَ ذلك القصر عام 1282ه، ومن ضمن أسماء ذلك القصر أيضاً «القلعة، الحصن». والمصمك مسرح الحدث التاريخي «فتح الرياض» وهو بناء محصن له باب ضخم من جهته الغربية مصنوع من شجر الاثل والنخل ويدور حوله جدار خارجي سميك سمكه عند الباب 95 ،1 سم وليس في الجدار الخارجي للطابق الأرضي أي فتحات تطل على الخارج ويميز المصمك الأبراج الاسطوانية على كل ركن من أركانه الأربعة يبلغ ارتفاع البرج 18 متراً. ولقد حل هذا القصر محل قصر دهام بن دواس الذي كان مقراً للحكم طيلة «80» سنة، بدأت قبل بناء حصن المصمك، ولقد استعمله الإمام عبدالله بن فيصل في بداية الأمر سكنا له ولأسرته، ثم اتخذه مقراً للحكم. وصمم بحيث يصبح مقراً للسكن وحصناً منيعاً، وتبرز عناصره المعمارية الحربية في الأسوار والأبراج القائمة، وكذلك في الممرات الضيقة التي تصل بين الأبراج، ويضم القصر محلاً كبيراً، وقاعات صغيرة ووحدات سكنية ومسجداً، ويضم القصر أيضاً مجموعة كبيرة من الحجرات تصل إلى «40» حجرة، ويضم القصر بئراً للمياه، ومكاناً لحفظ الطعام حيث يتم تخزين التمر والبر وأسقف القصر مصنوعة من سعف النخيل وشجر الأثل. الجامع الكبير يقع في وسط مدينة الرياض، وقد أمر ببنائه الإمام فيصل بن تركي في أرض في وسط مدينة الرياض، وقد أخذ في الاعتبار عند بنائه قربه من القصر الذي كان الإمام يسكن فيه «قصر الحكم» وان يكون قريباً من عدة أحياء سكنية في ذلك الوقت، وكانت مساحته صغيرة وكان يغص بحلقات الذكر والعلم ليل نهار وقتئذ، وقد عين الإمام عبدالله بن فيصل الشيخ محمد بن إبراهيم بن محمود وهو من مشاهير علماء نجد إماماً للناس في الجامع الكبير، وكان الجامع قد بني بوسائل العمارة البسيطة من مادة «الطين» و«اللبن» ومسقوف بخشب الأثل وسعف النخيل، وفرش الجامع «بالحصير». وبعد ان تولى الملك عبدالعزيز الحكم اهتم بشؤون الجامع وتذكر الروايات التاريخية ان الملك عبدالعزيز عرض ولاية المسلمين على والده الإمام عبدالرحمن لكنه رفضها بعد ان جمع العلماء والوجهاء وعامة الناس في الجامع الكبير وأعلن رحمه الله انه بايع ابنه عبدالعزيز إماماً على كتاب الله وسنة رسوله، ومن هنا أصبح للجامع أهمية كبرى فكان ملتقى جميع أفراد الأمة لأداء صلاة الجمعة والالتقاء بالإمام والتشاور معه، ومن أشهر من تولى الإمامة فيه الشيخ عبدالله بن عبداللطيف والشيخ عمر بن عبداللطيف، ثم الشيخ سعد بن عتيق والشيخ إبراهيم بن سليمان المبارك، والشيخ محمد بن إبراهيم، ومن أشهر المؤذنين بالجامع الشيخ سلطان بن فهد بن سلطان، والشيخ ابن ماجد. وقد شهد الجامع مرحلة توسعة في عهد الملك سعود وكذلك تمت توسعته في عهد الملك خالد رحمه الله كما شهد قبل سنوات توسعة وتطور في البناء العصري وتبلغ مساحته 16710م2 ويتسع لحوالي 14 ألف مصل. سور مدينة الرياض ذكر سور الرياض القديمة كثير من المؤرخين العرب، مثل عثمان بن بشر في كتابه «عنوان المجد في تاريخ نجد» عندما قال: إن سور الرياض تعرض كثيراً للهدم والدمار نتيجة الغزوات والحروب في فترات متعددة لكن سرعان ما كان يعاد بناؤه من جديد». وتحدث عن هذا السور الرحالة وليام بلجريف الذي زار المنطقة عام 1279ه حيث وصف مدينة الرياض آنذاك بقوله: «يحيط بالمدينة سور من جميع جهاتها يختلف ارتفاعه من مكان إلى آخر، ويتراوح ما بين عشرين إلى ثلاثين قدماً في الارتفاع.. ويحمي السور خندق وحواجز تمتد على امتداد السور». وقد أقام الملك عبدالعزيز رحمه الله بعد فتحه لمدينة الرياض سنة 1319ه سوراً يحيط بالمدينة استغرق بناؤه أربعين يوماً كما ذكر ذلك المؤرخ حمد الجاسر في كتابه «الرياض عبر أطوار التاريخ». كما أشار عبدالله فلبي إلى السور الذي بناه الملك عبدالعزيز، عند وصفه للرياض عام 1335ه حيث ذكر انها كانت «محاطة بسور سميك من عروق الطين ارتفاعه «25» قدماً تعترضه حصون وأبراج حراسة دائرية في غالبيتها تميل قليلاً عند القمة، وهناك القليل منها مربع أو مستطيل الشكل، ويتراوح ارتفاعها ما بين ثلاثين وأربعين قدماً وتبرز عموماً خارج خط السور لسهولة الأغراض الدفاعية، ويوجد في السور عدد من البوابات المحصنة». وفي منتصف القرن الماضي بدأ العمران خارج سور الرياض القديمة، مما تطلب اقامة سور ثان جديد للرياض يحيط بها والأحياء السكنية الجديدة، وله بواباته الخاصة به، وبسبب ازدياد السكان، بدأ البناء خارج السور الثاني للرياض، وبتوفر الأمان وانتشار العمران اقتضت الضرورة ازالة تلك الأسوار في عام 1370ه. وقد تم تحديد مسار السور والبوابات الخاصة بمدينة الرياض القديمة وأشكالها والمواد المستعملة في بنائها، بالرجوع إلى مصادر متعددة داخل وخارج المملكة، وتحليل ومقارنة المعلومات التي تم الحصول عليها من هذه المصادر مما أتاح إمكانية إعادة بناء تلك البوابات بمنظرها الأصلي من حيث الشكل والمظهر. وتجري الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض ضمن أعمال المرحلة الثانية من تطوير مدينة قصر الحكم الجاري تنفيذها حالياً ضمن برنامج تطوير منطقة قصر الحكم، إعادة بناء أجزاء من سور المدينة القديمة، وتجديد الأجزاء التي يتعذر بناؤها على الأرض. أبواب الرياض القديمة كانت الرياض محاطة بسور مبني من الطين واللبن كإحاطة السوار بالمعصم ولذلك السور عدة بوابات في جوانبها وواجهاتها: (أ) بوابة الثميري: وتقع في جهة الشرق، وقد سميت بذلك الاسم نسبة إلى رجل من أهل حريملاء. (ب) بوابة آل سويلم «الشمسية»: وتقع ناحية الشمال ومنسوبة إلى أسرة عريقة معروفة بهذا الاسم، حيث كانت تلك الأسرة تقطن جوار هذا المنزل. (ج) بوابة دخنة: وتقع في جهة الجنوب، نسبة لمجاورته بئراً تعرف بهذا الاسم كان يُسقى منها ماء الشرب. (د) بوابة المذبح: وتقع ناحية الغرب، لكون الجزارين والقصَّابين يذبحون الإبل والغنم والبقر خارجه، وينقلون الذبائح إلى داخل المدينة. (ه) بوابة الشميسي: وتقع في جهة الجنوب الغربي. أسوار وأبراج منفوحة القديمة يقول الأستاذ حمد الجاسر في كتابه «الرياض عبر أطوار التاريخ» وهو يصف منفوحة: كانت منفوحة ذات شأن كبير وقوة ومنعة وهي تقع في مثلث ضلعاه الشرقي والغربي واديا الوتر وحنيفة اللذان يلتقيان بعد منفوحة مباشرة في رأس الزاوية الجنوبية، وقاعدته «العتف» الذي يقع بين منفوحة والرياض والذي أصبح الآن حَيَّاً مترامياً ويطلق عليه حالياً اسم «منفوحة». وفي هذه المنطقة توجد تحصينات دفاعية عبارة عن أسوار وأبراج وتتخلل هذا السور بوابات، ولا يزال بعض آثار هذه الأبراج قائمة حتى اليوم. جبل أبو مخروق يقع في حي الملز شرق شارع «صلاح الدين الأيوبي» ويعتبر من المعالم الطبيعية بالرياض، وكان جلالة الملك عبدالعزيز يقصده أحياناً للاستجمام، والنزهة كما يقول أمين الريحاني. ويعتبر هذا الجبل آية من آيات الله وفيه «خرق» يعلوه قوس كبير من الصخر وهو الآن يعد من أكبر منتزهات مدينة الرياض. الأحياء القديمة كانت تتسم الأحياء القديمة بسمات خاصة تميزها عن بقية أحياء المدينة، فالمساكن عبارة عن كتل متراصة لا نظام لها ولا تخطيط، وكلها تتكون من طابق واحد أو طابقين، لا تتوفر فيها شروط الصحة العامة أو النظافة، ومتخصصة لسكن أسرة واحدة، وفي العادة أسرة نووية كبيرة، وهذه الأحياء هي: 1 حي «المقيبرة» الواقع بين سوق الخضار والشوارع: المأمون والعطايف والشميسي القديم وتبلغ مساحته 75 ،3 هكتار. 2 حي «ظهرة دخنة» الواقع بين سوق الخضار المكشوف وشارعي المأمون ومحمد بن عبدالوهاب وسوق سدرة، وتبلغ مساحته 2 هكتار. 3 حي «دخنة» الواقع بين الشوارع: محمد بن عبدالوهاب وأحمد بن حنبل وميدان دخنة وتبلغ مساحته نحو 5 ،2 هكتار غير انه نسف قسم كبير منه الآن. 4 حي «الحلة» الواقع بين الشوارع: أحمد بن حنبل والثميري والوزير وخالد بن الوليد وتبلغ مساحته نحو 5 هكتارات. 5 حي «المصمك» بين الشوارع الثميري وساحة الصفاة والشميسي الجديد والوزير، وقد فتح سوق السويقة في وسطه وتبلغ مساحته نحو 5 ،2 هكتار. 6 حي «الجفرة» الواقع بين الشوارع: الشميسي الجديد والقديم والعطايف وساحة الصفاة وتبلغ مساحته 3 هكتارات. 7 حي«البطحاء» بين مقبرة شارع الوزير والبطحاء وتبلغ مساحته نحو 25 ،3 هكتارات. 8 حي «الكويتية» بين سوق الكويتية وشارعي القصيم والمرقب، وتبلغ مساحته 8 هكتارات. كما أورد كتاب «معجم مدينة الرياض» لمؤلفه خالد بن أحمد السليمان بعض الأسماء لأحياء قديمة منها: أبا السحبل، أبا الهشيم، أحمده، أبو مقرن، أبو مخروق، أبو رفيع، أبو زقوة، أم الحزى، أم البقل، أم شان، أم قبيس، أم قصيبة، أم الجنحان، أم غشيم، أم القدحان، أم الشبرم، أم الحمام، أم قرو، أم عوشزة، أم العصافير، أم سليم، أم الهراس.. اليابيه، الباطن، البازمي، البديع، برج أم العصافير، برج ذلان، برج منفوحة، بريكة، البصري، البصمي، البريدي.